مدونات

أي حاجة هنا للبيع

مصر السعودية جزيرة صنافير  تيران البحر الأحمر
مصر السعودية جزيرة صنافير تيران البحر الأحمر
في أثناء سيرى في ميدان العتبة، ذلك الميدان القاهرى العتيق الذى يشبه في فوضاه وعشوائيته الفوضى والعشوائية التي أصبحت تحكم البلد التي تحتويه وتحتوينا، رأيت طفلا صغيرا يرتدى أسمالا بالية، ويجلس على فرشة تحوي بعض السلع البسيطة، ينادي بأعلى صوته "أي حاجة هنا للبيع". نظرت للطفل البائع نظرة استغراب، وسألت نفسي هل هذا الطفل البسيط يتكلم في السياسة؟ هل هذا الطفل يستهزئ بنا ويتهكم من عجزنا؟ وما أدراه أن كل شيء في بلدي وبلده أصبح معروضا للبيع؟

"أي حاجة هنا للبيع" شعار رفعته أنظمتنا منذ أمد بعيد، فلا شيء في وطننا الذي استوطنوه كبير على البيع (إنسان - مبدأ - عقار) كل هذا للبيع، المشكلة أن بيع البلد ليس وليد اللحظة، وبيع تيران وصنافير ليست الواقعة الأولى من نوعها، بل سبقته صفقات وصفقات، إن سألتك عن مصير أم الرشراش المصرية فبماذا ستجيب؟ قد لا تعرفها من الأساس، فهنا سأقول لك عزيزي إن أم الرشراش المصرية هي نفسها إيلات التي تنعم بها إسرائيل، وتعتبرها من ضمن ممتلكاتها، وهي بالمناسبة منفذها الوحيد على البحر الأحمر، الذي لولاه لم تكن إسرائيل لتصل إلى هذا النفوذ الذي وصلت إليه في إفريقيا، النفوذ الذي مكنها من مضايقتنا في نهر النيل عن طريق دعم أثيويبا في بناء سد النهضة، كم مرة درست في المدرسة أن أم الرشراش مصرية؟ ألم ندرس في التاريخ أن التحرير تم بالكامل بعودة طابا؟ من كان المستفيد من عدم معرفتنا ومن دفع الثمن لكي لا نعرف؟ والغريب أيضا أن ينبري أحد أهم مسؤولي الدولة، وهو وزير الخارجية أحمد أبو الغيط ويقول في عام 2008، إن قرية "أم الرشراش" ليست أرضا مصرية، بل إنها كانت ضمن الأراضي المعطاة للدولة الفلسطينية، وتصرف الوزير أبو الغيط -الأمين العام لجامعة الدول العربية حاليا - لا يجعلنا نستغرب ممن يدافع باستماتة عن عدم مصرية جزيرة تيران وأختها صنافير المصريتين، إذن ستسألني وتقول لي ماذا حدث اليوم إذن؟ ولماذا قام المصريون بضجة، لم يقوموا بمعشارها عندما علموا بموضوع إيلات أو أم الرشراش؟ أجيبك بأن مصر بعد ثورة 25 يناير ليست كمصر التي فقدت أم الرشراش ونصف شعبها لا يدري، أو يدري ولا يعلم ماذا يفعل، والبيادة العسكرية تعتصر فروة رأسه وإعلامها يعتصر ما بداخلها، أهل مصر اليوم هم من أزاحوا أحد أعمدة الاستبداد ورموزه في العصر الحديث "مبارك "، وهم قوم حديثو عهد بثورة شهد العالم بعظمتها، فلا تستغرب إن هبوا مرة أخرى، إذ إنهم وجدوا أجزاء من بلدهم تباع أمامهم، وكأنها كيس مناديل من فرشة الولد الموجود في ميدان العتبة، قطاع كبير من أهلنا في مصر لم يكن يعرف بوطنه من يفكر حتى في بيع جزء من بلدهم، ولكنهم أصيبوا بالصدمة عندما وجدوا أن من يتحتم عليه الحفاظ على كل ذرة رمل مصرية، هو من بادر إلى البيع، بل إنه يطالبهم بعدم الكلام في هذا الموضوع مرة أخرى، ومن تسول له نفسه بأن يعارض أو حتى يسأل عما حدث، فإن تهمة الخيانة والتآمر على مصلحة البلاد جاهزة ومعلبة في الانتظار.

والمزري في الأمر، أن البيع قد تم بأبخس الأسعار وفي كتمان شديد حتى يضعونا أمام الأمر الواقع، لا تتعجب فهذا حال السارق، فهو قد يسرق أنفس السلع ويبيعها بأبخس الأثمان، إما لأنه لا يعرف قيمتها أو بسبب استعجاله وخوفه من افتضاح أمره.
التعليقات (2)
احمد الخيال
الإثنين، 18-04-2016 12:17 م
رائع يا استاذ على - نتابعك استمر
محمد رمضان
الإثنين، 18-04-2016 11:21 ص
صحيح انك جيت على جرح كل مصري لكن استمر. محتاجين الناس تفوق.