كتاب عربي 21

زيارة الملك سلمان لمصر.. المكاسب الاقتصادية وبناء الدول

مصطفى محمود شاهين
1300x600
1300x600
حملت زيارة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر أبعادا رمزية مهمة تعكس الدعم الرئيسي للانقلاب العسكري في مصر، ورغم أن هناك الكثيرين ممن يعولون على دور المملكة في رأب الصدع الداخلي في مصر وشعور النظام السعودي أنه كان هو الداعم الرئيسي للانقلاب على أول رئيس مصري منتخب. 

فمازال الحديث عن إجراء مصالحة مصرية مع أكبر تيار سني في العالم العربي وهم الإخوان المسلمون لمواجهة المخالب الإيرانية التي تسعى لاستقطاب السيسي إلى صفها فقد كان الهدف الأول للزيارة هو شق الصف الإيراني، والسيسي فهم ذلك فقدم بيانا يرفض فيه التدخل الإيراني وأغلق قناة المنار التي يمتلكها حزب الله اللبناني، وهذا في حد ذاته نجاح للملك سلمان لأنه أراد على الأقل أن يحيد بمصر عن صراعه مع إيران. 

على الجانب الآخر، أن تقوم المملكة بدور للصلح داخل مصر فلم نر أى أثر على الإطلاق، ومازال في عداد التكهنات حتى الآن، ولربما من المبكر لأوانه أن نتحدث عن ذلك، فالأيام القادمة ستحمل الإجابة عن ذلك التساؤل. 

ومن ناحية أخرى، في مجال الاقتصاد، تصاعدت آمال عريضة للمصريين للحصول على الدعم من المملكة كما وعدهم السيسي وحكومته، فالمصريون كانوا على انتظار وصول الملك سلمان مع العطايا القادمة معه في رحلته إلى القاهرة، فكل هم الحكومة المصرية هو الحصول على أي مكاسب اقتصادية سواء كانت استثمارات أو قروضا أو دعما، وقد وقعت القاهرة والرياض 16 اتفاقية استثمارية في مشروعات الطاقة ومحور قناة السويس وتنمية شبه جزيرة سيناء. وتأسيس صندوق استثماري بقيمة 3.7 مليارات ريال سعودي، وتأسيس أول جامعة في جنوب سيناء، تحت مسمى “جامعة الملك سلمان”، وتوقيع اتفاقية لتمويل احتياجات مصر البترولية لمدة خمس سنوات بنحو 20 مليار دولار، وبفائدة 2%، بجانب تقديم قرض لتنمية سيناء بقيمة 1.5 مليار دولار. كما أشارت وكالات الأنباء. 

وقد لوحظ على الزيارة الاهتمام غير المسبوق من حكومة السيسي بالزيارة الفلكلورية والشعبية للملك سلمان للحصول على أكبر قدر من تدفقات الأموال والاستثمارات لمصر. 

ورغم كل ذلك فلم يبد مثلا أن الملك قد ألغى الديون المصرية على السعودية أو أعطى دعما أو منحا مالية مباشرة كما حدث في مؤتمر مارس الاقتصادى الماضي. 

ولا يعلم الناس أن الدول تقوم على سواعد أولادها وعلى زيادة الانتاج من قبل مواطنيها وليس من قبل المساعدات والعطايا إلا إذا كانت الدولة لا تستطيع أن تقف على قدميها، وبطبيعة الحال إن وجود الأشقاء السعوديين في مصر واستثماراتهم إذا نظر إليه بعين الأخوة في الدين والجوار فهو الأفضل بلا شك للمصريين والسعوديين. 

ومصر بخزائن بنوكها فقط ما يتجاوز 2000 مليار جنيه ودائع لدى البنوك، ولا تستطيع البنوك استثمار هذه الأموال، لم يقل لنا أحد من حكومة السيسي لماذا لا يهتم بالاستثمار المحلي كمثل اهتمامه بالاستثمار الأجنبي، ولماذا يعطي الاستثمار الأجنبى امتيازات تفوق ما يحصل عليه المواطن المصري؟

في النهاية المطلوب أن يكون الاقتصاد المصري مفتوحا لكل من هب ودب من الخارج حتى لا تستطيع الدولة أن تقف على قدميها وتوفر فرص عمل لمواطنيها. 

ومن باب التذكرة حينما انهارت أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية ودمرت دمارا شاملا، قامت أمريكا بمشروع مارشال حتى تعود أوروبا إلى سابق عهدها من الدخل والإنتاج، فقد اعطت الولايات المتحدة أوروبا 13 مليار دولار في الخمسينيات، ما تعادل الآن 130 مليار دولار بأسعار 2016 واستهدفت أمريكا من ذلك فتح آفاق الاقتصاد الأوروبي للاستيراد من أمريكا ومنع انتشار الاشتراكية بين الدول الأوروبية، فضلا على زيادة الطلب على المنتج الأمريكي بصفة خاصة، ونهضت أوروبا وأنتجت وتقدمت، أما أن يتفاخر رئيس الدولة وحكومته بالقروض والإعانات المقدمة من الخارج فهذا هو العته بعينه.

الأعجب من ذلك أن تسمع عن برامج القروض السعودية أنها ستنفق على التعليم والطاقة ورصف الطرق كأن الدولة لا يوجد عندها رؤية لحاجاتها للاستثمارات وأين يتم ضخ هذه الاستثمارات ولذلك يمكن الوصول إلى نتيجة منطقية للغاية أن السيسي يغرق المركب بيديه، فالفشل حليفه أينما ذهب أو ارتحل.

إن المعطيات الأخيرة للسيسي وحكومته تعكس حالة الفشل المتردي في كافة المجالات والتي تعني أنه قريب أكثر مما تتخيل وقوع نظام السيسي مسألة وقت وإنا لمنتظرون. 
التعليقات (0)