حذر إبراهيم عيسى، الإعلامي الموالي لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي،
النخبة السياسية في
مصر - التي يتكئ عليها السيسي في حكمه الدموي لمصر بعد إقصائه الإسلاميين من
المشهد السياسي - من أنهم يسلمون مصر إلى الإسلاميين، نتيجة عدم امتلاكهم للخبرة السياسية، ولم يؤسسوا قواعد حزبية وانتخابية، ولم يبدوا اهتماما بإرسائها، ما اعتبره "خيابة"، وفق وصفه.
جاء ذلك في أحدث مقال لإبراهيم عيسى بجريدة "المقال"، التي يرأس تحريرها، الاثنين، تحت عنوان: "ستسلمون مصر للإسلاميين".
وفي بداية مقاله قال عيسى: "خلاص فهمنا أن الدولة تتم إدارتها بلا رؤية سياسية إطلاقا".
وأردف: "إنهم يديرون بالطريقة التي يعرفونها، موظفون يعطون أوامر لموظفين، وموظفون ينفذون تعليمات رؤسائهم في ما هو أسوأ من سمع وطاعة الإخوان".
وأضاف: "بقي الآن أن نعرف.. هل القوى التي تسمي نفسها سياسية، وفي قلبها
القوى الاحتجاجية، ومجموعات النخب المنشغلة بالمسار غير الإيجابي الذي تسير إليه، وعليه حكومة البلاد، هل هي التي تملك رؤية سياسية؟".
وتابع تساؤلاته: "ثم هل تملك طريقا لممارسة السياسة والعمل المنظم الحزبي المتفاعل مع واقعها وشارعها من أجل تطبيق رؤيتها أو تحويلها إلى حقائق بديلا عن استمرارها في طي النظريات؟".
وأردف: "السؤال يبدو مشروعا مع تعالي الانتقادات لممارسات خاطئة تنتهجها مؤسسات الدولة تكرر فيها - عن عمد - أخطاء الماضي، فإذا بنا أيضا أمام نفس ما اعتمدته القوى الاحتجاجية، واعتادت عليه في الماضي".
واستكمل: "إنه مجرد الاحتجاج المصحوب هنا بالتنفيس اليومي على وسائل التواصل الاجتماعي والمصحوب بمؤتمرات محدودة العدد غير مبذول جهد الحد الأدنى في الحشد لها ببضع مئات أو عشرات حتى".
وواصل: "المتأمل لاحتفال أحزاب 25 يناير في قاعة بنقابة الصحفيين بذكرى تنحي مبارك الأسبوع الماضي سيجد ثلاثة من الصفوف المتناثرة تجلس أمام منصة تحتشد بمتكلمين يفوقون عدد مستمعيهم دونما اهتمام إطلاقا بأن هزال التجمع كاشف لهزال التنظيمات بل ومهين لذكرى الاحتفال بثورة شعبية، ويتصور هؤلاء أنهم ممثلوها"!
ومستشهدا بما كتبته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون عن لقاء لها مع نشطاء ثورة 25 كانون الثاني/ يناير في زيارتها إلى القاهرة عقب الثورة، حيث قال: "هذا بالضبط ما حدث، كما توقعته هيلاري الخبيرة تماما.. إنهم كما وصفتهم بدقة مذهلة: مجموعة غير منظمة.. لم يملكوا الخبرة السياسية.. لم يفقهوا طريقة تنظيم الأحزاب، والترشح إلى الانتخابات، وإدارة حملاتها.. لم يؤسسوا قواعد حزبية وانتخابية، ولم يبدوا اهتماما بإرسائها".
وأردف: "الأمر يتكرر على نحو مذهل في الخيابة الآن، برغم أن الدولة لا تقدم أي بديل سياسي، وليس هناك حزب حاكم، ولا عقيدة أبعد من العقيدة البوليسية، ومع فرص انتخابات نزيهة الاقتراع فإن القوى الوطنية بنشطائها كأنهم لم يبرحوا مكانهم قط.. إنهم لا يقتربون من العمل السياسي"!
وأشار الكاتب إلى أن مصر تتوفر على 96 حزبا الآن، ولا تزال وجوه محترمة ونبيلة من القوى الوطنية تفكر في تشكيل لجان وحركات وجمعيات، متسائلا: "متى ستعملون بالسياسة؟ ولماذا لا تتخذون من حزب أو اثنين قاعدة للعمل السياسي؟".
وحاول أن يقدم حلولا واقتراحات وطاقة إيجابية لتلك النخبة فقال: "أمامنا انتخابات محليات بعد قرابة العام أو يزيد قليلا، ومن يريد العمل السياسي والفوز بها لابد أن يعمل منذ اليوم، ثم يعقبها حملة انتخابية رئاسية بعد عامين تقريبا، حيث تستطيع القوى الوطنية أن تضع مطالبها أمام الرئيس إن جدد ترشحه أو أمام المرشحين عموما، ثم هناك انتخابات البرلمان المقبل سواء عقب سنوات لو أكمل المجلس الحالي مدته أو في أي لحظة لو أصابه عوار عدم الدستورية".
واختتم إبراهيم عيسى مقاله بتساؤل تنطوي عليه رسالة مقاله، ومنه استمد عنوانه: "ماذا ينتظر هؤلاء الذين يزعمون امتلاكهم الرؤية السياسية؟ فليس هناك إلا مصير تحكم أجهزة الدولة في الدولة، وإتمام تحويلها إلى ما قبل يناير أو استعادة التيار الإسلامي (لا أقول الإخوان) أدواته، وأولها التحالف مع الأجهزة الأمنية، وتقسيم الأدوار حيث تسيطر الأجهزة على الحكم، ويسيطر التيار الإسلامي على المجتمع"، وفق رأيه.
ورأى مراقبون في مقال عيسى السالف تعبيرا دقيقا عن الحالة البائسة لنخبة السيسي، التي تمارس السياسة في ملعب يكاد يخلو من منافسين، وذلك بعد أن تم إقصاء اللاعب الأقوى المنافس لهم، وهم الإسلاميون، من اللعبة الديمقراطية برمتها، وبرغم ذلك لا يشعر الشعب بهم، ولا يتفاعل معهم، ويعاني كثير منهم من العزلة، وانصراف الشعب عنهم.