مقابلات

"عربي21" تلتقي الرسام صاحب "الورقة" بعد الإفراج عنه بمصر

يسخر جاويش في رسم له من البذخ في فرش السجاد الأحمر
يسخر جاويش في رسم له من البذخ في فرش السجاد الأحمر
فن الكاريكاتير، أو الرسومات الساخرة، واحد من أمضى وسائل النقد، وأشهرها في العالم للسخرية من أحداث، أو وقائع، أو شخصيات، تدعو للاستفزاز، وفق رسام الكاريكاتير المصري الشاب إسلام جاويش.

لكن هذا الفن يواجه تحديات صعبة في الوطن العربي، قد تقود صاحبها إلى المساءلة، كما هو الحال في مصر التي تشهد تضييقا شديدا على التعبير والحريات.

وكانت قوات الأمن ألقت القبض على جاويش في 31 كانون الثاني/ يناير الماضي، بحجة إدارة موقع إلكتروني دون الحصول على ترخيص من الحكومة، ومخالفة قانون حماية حقوق الملكية الفكرية؛ بسبب استخدامه برامج حاسب آلي مقلدة. لكن، أطلق سراحه في اليوم التالي دون توجيه أي اتهامات رسميا.

وجاويش هو صاحب صفحة "الورقة" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حيث ينشر رسوماته الساخرة، التي تتناول الواقع السياسي والاجتماعي في مصر.  وتحظى الصفحة بمتابعة أكثر من 1.7 مليون شخص.

ويسخر أحدث الرسومات من فرش أربعة كيلومترات من السجاد الأحمر لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي أثناء افتتاحه مشروعا سكنيا للشباب في مدينة 6 أكتوبر، الأحد.

وقد احتفل جاويش مع جمهوره بإصدار "الورقة 2"، وهو كتاب يحوي مجموعة من رسوماته التي لم تنشر في "الورقة1"، حيث أقام حفلا للتوقيع على كتابه، ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ47.


"عربي21" التقت جاويش، وكان هذا الحوار:

* فيم تستخدم الرسومات الساخرة؟

- الكاريكاتير أستخدمه شخصيا كإسقاط على النظام بالأساس، كما أعبر به عن المشاكل التي تحيط بالمجتمع، وبرأيي الشخصي، فإن أقوى طريقة للتعبير عن أي قضية يكون بواسطة الكاريكاتير. أسعى من خلال الكاريكاتير إلى السخرية من أعمال المؤسسات المهترئة أو المستفزة بكل أنواعها، وليست الإدارية فقط؛ لتفادي الأخطاء فيما بعد، وتجنبها مستقبلا.

* هل يمكنك نشر رسوماتك في الصحف والإعلام؟

- هناك صحافة تقليدية، وأخرى رقمية. الأولى عليها قيود كبيرة، بما فيها الصحف والإعلام، وتفتقر لمساحات التعبير عن الرأي؛ لأنها تتبنى مواقف معينة. والأخرى ليس عليها قيود، وفيها مساحات واسعة من الحرية، وقد تبدو من وجهة الصحافة التقليدية فيها مشاكل وأزمات، لحساسية وجرأة المواضيع التي تتبناها وتطرحها على الجمهور. فعلى سبيل المثال، أي رسم ساخر عن أي شخصية أو مسؤول لن يتم نشره على أي وسيلة إعلام تقليدية.

* متى تقرر البدء في رسم ساخر؟

- في البداية، لا أتبنى كفنان وجهة نظر أحد، أحرص على أن أكون معبرا عن تطلعات وآلام ومشاكل الناس، ولا أتردد في رسم أي كاريكاتير عن أي قضية أو خبر يحظى أو يثير اهتمام الرأي العام أو الشارع المصري بكل أطيافه، فالتنوع لن يفقدني جمهوري.

* متى يتحول الأمر إلى قضية رأي عام؟

- أي قضية أو خبر يستفز الناس يتحول إلى قضية رأي عام، يدلو الكل بدلوه فيه، فالاستفزاز بكل أشكاله، فعلا أو قولا، يتحول بسرعة إلى قضية شارع.

بعيدا عن مشاعر الحزن والألم، تعد السخرية من تلك القضايا هي المتنفس الوحيد للتقليل من حجم الاستفزاز وآثاره، وأحرص على تفسير المشكلة من خلال تلك الرسومات. الأمر المهم، لا أسمح لنفسي بالسخرية من كل شيء، فهناك حدود للسخرية تحدها طبيعة الموضوع، وحدودي الداخلية لنفسي، أحرص على عدم تجاوزها مطلقا.

* كيف تقرأ أزمة الشباب الآن؟

- الدولة لا تفتح أبوابها للشباب. لو فكرت الدولة المصرية وفتحت المجال للتحاور مع الشباب بكافة أطيافهم لأحدث هذا فرقا نوعيا وكبيرا. فرسم مستقبل مصر لا يكون دون الشباب، ولا أدري ما المعوقات للتحاور معهم، ينبغي الإنصات لهم..

شاركت في ثورة 25 يناير، وغير متحيز لأحد، وأعمل لصالح بلدي. نزلنا ضد حكم مبارك ومؤسساته، وليس ضد شخص مبارك. لقد كانت الثورة متغيرا حيويا في تاريخ مصر والمصريين، بمميزاتها ومساوئها.

* كيف تقيم الأوضاع من حولك، خاصة أنه ينعكس على رسوماتك؟

- كنا في حالة اختبارات، ومررنا بمشاكل وأزمات كثيرة. ونحن كشباب كنا غير موافقين على خطوات حدثت منذ 2011 وحتى الآن. فهناك شباب معارض تماما للنظام، وهناك شباب متماه معه، ويؤيده بقوة. ولكن الأول ليس ضد الدولة، إنما ضد ممارسات النظام، فالشباب يبحث عن مناخ جيد للحياة وللعمل والتطوير والتغيير.

ما زال التعامل الأمني وغلق باب الحوار من أكثر المشاكل التي تواجه الشباب. وأرى أنه لا أفق في ظل هذه الأزمة. وربما قضيتي هي لفت انتباه للتحاور، وعلى الدولة أن تتحرك؛ لأن الشباب هو الأمل.

* هل تحركك مواضيع حقوقية كأوضاع معتقلي الرأي؟

- بالتأكيد، أتحدث عنها، ونشرت رسومات عن قضايا وأشخاص كثيرين، وتحدثت عنها في لقاءاتي، سواء الصحفية أو المتلفزة، وكنت أود إعادة تأهيل مؤسسات الدولة لصالح الناس.

* هل حققت ثورة 25 يناير أهدافها؟

- ثورة 25 يناير مستمرة، ولم تحقق أهدافها التي اندلعت من أجلها بعد، وكنت أتوقع من البداية أنها لن تتحقق في يوم وليلة، وما أريد تأكيده أننا بحاجة إلى ثورات في العديد من القطاعات، فنحن بحاجة إلى ثورة لتطوير الأفكار، وثورة على الممارسات الخاطئة، وثورة على البطالة، وثورة على الفساد.

كنت أود أن يتم إعادة تأهيل مؤسسات الدولة بعد ثورة 25 يناير، فما زالت مهترئة، وتدار بعقلية الخمسينيات والستينيات. لا بد من تصدر الشباب، والقضاء على البيروقراطية.

* متى تقول إن 25 ثورة يناير حققت أهدافها؟

- عندما أرى الشباب هم من يديرون ويشتركون في إدارة مؤسسات الدولة، وعندما أرى أنه تم القضاء على السلبيات التي تتجاوز الإيجابيات، وعندما ألمس تغييرا حقيقيا في قضايا البطالة، والفساد، والمحسوبية، والشللية (العصبة)، ويحدث على الأقل توازن يعطي أملا في التغيير، بمعنى أنه لا يمكن القضاء على الفساد تماما، ولكن يجب أن يقل إلى مستويات آمنة، لا أن يكون هو المهيمن، وهكذا..

* في الختام.. لماذا تم اعتقالك؟

- (ضاحكا) اعتقلت على خلفية الرسومات الساخرة التي اعتبروها "رسومات مسيئة"، وبتهمة عدم وجود رخصة لصفحتي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. وفي كلا الحالتين، اعتقلت على خلفية قضية رأي. وأدين بالفضل لمواقع التواصل الاجتماعي في التفاعل مع قضيتي والضغط من أجل الإفراج عني.
التعليقات (0)