كتاب عربي 21

أما آن للرقص أن ينتهي

قاسم قصير
1300x600
1300x600
"أما آن للرقص أن ينتهي"هو عنوان ديوان شعر للشاعر اللبناني الدكتور محمد علي شمس الدين، وقد أصدره عام 1988 في خضّم الحرب اللبنانية وبعد جولات عديدة من القتال بين مختلف الأطراف اللبنانية، كما وصلت الحرب أنذاك إلى داخل كل منطقة، واندلع قتال الإخوة إنْ في المناطق المسيحية بين الجيش اللبناني وقائده أنذاك العماد ميشال عون والقوات اللبنانية بقيادة الدكتور سمير جعجع، أو في المناطق المسلمة بين حركة أمل  وحزب الله، وكذلك بين بقية الأطراف الحزبية الوطنية والإسلامية، كما كان لبنان منقسما بين حكومتين والفوضى تدب في كل المناطق اللبنانية واليأس والإحباط منتشر في كل مكان.

وفي تلك الظروف الصعبة أطلق الشاعر اللبناني محمد علي شمس الدين صرخته تلك "أما آن للرقص أن ينتهي"، وهي دعوة صادقة لوقف الحرب الأهلية والداخلية، والتقت تلك الدعوات مع صراخ اللبنانيين وتحركاتهم  ونشاطات مؤسسات المجتمع المدني اللبناني للاعتراض على استمرار الحرب العبثية، إلى أن تكاملت الجهود العربية والدولية مع صرخة الاعتراض اللبناني، وتقرر  وقف الحرب والذهاب إلى مدينة الطائف السعودية للتوصل إلى اتفاق الطائف في العام 1989، الذي ساهم في إنهاء الحرب اللبنانية العسكرية في العام 1990 بعد اندلاع حرب الخليج الثانية، لكنه للأسف لم ينه جذور الأزمة التي لا زلنا نعاني من آثارها حتى الآن رغم مرور 25 سنة على نهاية الحرب، مما جعل الشاعر العلامة السيد محمد حسن الأمين يقول في إحدى قصائده النادرة عن مآسي السلام: والسلم أشد إيلاما من الحرب.

وصورة الواقع اللبناني طيلة كل هذه السنوات الماضية وحتى اليوم، هي صورة مصغرة وأقل حدة من صورة الواقع العربي والإسلامي اليوم من العراق إلى اليمن وسوريا وليبيا ومصر والبحرين، حيث تختلط الصراعات فيما بينها ولم نعد نميز بين الصراع الحقيقي والصراع المصطنع، ودخلت العوامل الإقليمية والدولية على العوامل المحلية مما جعلت الأزمات تتفاقم، وباستثناء ما يجري في فلسطين اليوم حيث يقاتل الشعب الفلسطيني وحيدا فريدا وبالسلاح الأبيض وبالسكاكين الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، فإن كل الصراعات الأخرى تحتمل كل وجهات النظر ولكل فريق وجهة نظره ورأيه الذي يدافع عنه، ويبرر له هذا القتال الدامي.

وطبعا لا يمكن في مقال صغير أن يشرح المراقب الآراء ووجهات النظر أو أن يدافع عنها، لكن ما يمكن قوله باختصار، إن هذا النهر المتدفق من الدماء من أقصى شمال العراق مرورا بسوريا واليمن ومصر ووصولا إلى كل بقعة من الأراضي العربية والإسلامية لم يعد مبررا ومقبولا، وإن الاستمرار في الانخراط في هذه الصراعات لن يؤدي إلى أي حلول للأزمات السياسية، وإن الحل الوحيد الجلوس إلى طاولة المفاوضات والاتفاق على حلول شاملة للأزمات؛ لأنه إذا لم نجلس وحدنا للحوار والتفاوض فإن القوى الدولية وخصوصا روسيا وأمريكا سيقرران لنا أين نجلس وكيف نجلس ومتى نجلس، كما جرى في مفاوضات فيينا وكما سيجري في المفاوضات من أجل اليمن أو من اجل بقية الأزمات في المنطقة.

ومن هنا أهمية أن نطلق جميعا مرة أخرى تلك الصرخة التي أطلقها الشاعر اللبناني محمد علي شمس الدين في العام 1988 ضد الحرب اللبنانية: "أما آن للرقص أن ينتهي، وأن نعود جميعا لنردد مع الشاعر اللبناني الآخر محمد العبد الله في ديوانه الشعري: "حبيبتي الدولة"، وهذا الديوان أيضا كان تأكيدا أن لا خيار للإنسان إلا الدولة لأن حكم المليشيات والأحزاب لن يؤدي إلى أي نتيجة.

ومن هنا الأهمية اليوم أن تتضامن كل مؤسسات المجتمع المدني والقوى الحية في العالم العربي والإسلامي، أن ترفع الصوت عاليا وأن تعمل من أجل وقف الحروب العبثية وتردد مع الشاعر اللبناني: "أما آن للرقص أن ينتهي".
التعليقات (1)
ابو مصعب
الجمعة، 13-11-2015 11:03 م
اخي لو كانت الأطراف المتصارعة تملك قرارها لكانت دعوتك تقبلوها ولكن كما تعرف أستاذ قاسم الأطراف الداخلية مرهونة للدول الإقليمية وهذه كذلك مرهونة لدول الغرب الكافر المستعمر ... الغرب حسم امر هذه المنطقة واخرج خرائطه الجديدة للمنطقة وقديما قيل على من تقرأ مزاميرك يا داود