نشرت صحيفة لوفيجارو الفرنسية تقريرا حول البرنامج التدريبي الذي ستطلقه محكمة مولهاوس في أواخر أيلول/ سبتمبر الجاري، بهدف "إعادة تأهيل" الأشخاص الذين كانت قد جندتهم الشبكات الجهادية، في مبادرة هي الأولى في
فرنسا، وينتظر أن يتم اعتمادها في محاكم أخرى في حال نجاحها.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن محكمة مدينة مولهاوس، في شرق فرنسا، ستبدأ في أواخر أيلول/ سبتمبر برنامجها التدريبي الخاص بإعادة تأهيل المتشددين، الذين يخضعون لتتبعات قضائية بسبب جرائم متعلقة باعتناق الفكر المتشدد.
وأوضحت الصحيفة أن هذا البرنامج، الذي يمثل فكرة تقدم بها من النائب العام في منطقة الألزاس، يتكون من أربعة مراحل تدوم من شهرين إلى ثلاثة أشهر. ففي مرحلة أولى يتم "تشخيص" الحالة، من خلال تحديد البيئة الاجتماعية والنفسية والأسرية والفردية للشخص، وفي مرحلة ثانية يتم تشجيعه على إعادة الاندماج في المجتمع بعد أن كان تحت سيطرة "الجماعة المتشددة"، ثم في مرحلة ثالثة يتم دحض الخطاب المتطرف بفضل الاستعانة بشهادات لضحايا عمليات مسلحة أو أشخاص تم تجنيدهم في السابق، أما المرحلة الرابعة والأخيرة فتتمثل في إعادة التأهيل الاجتماعي والمهني للشخص.
وبحسب جان فرانسوا توني، المدعي العام بمدينة كولمار وصاحب المبادرة، فإنه "من المنتظر أن يستفيد من هذا البرنامج في السنة الأولى قرابة الـ100 شخص، بتكلفة جملية تبلغ من 1000 إلى 3000 يورو لكل شخص".
وذكرت الصحيفة أن هذا البرنامج التدريبي يعالج الجرائم التي لها علاقة بالجنوح نحو
التطرف، أما في ما يتعلق بالأعمال
الإرهابية، فهي من مشمولات المدعي العام في باريس.
ويمكن لقضاة منطقة الراين السفلي الاستعانة بهذا "التدريب" في جميع مراحل الاجراءات القضائية، لتجنب الملاحقة القضائية المحتملة في حالات التطرف غير الخطير، أو في إطار المراقبة القضائية قبل المحاكمة، أو جزءا من عقوبة جنائية يتم قضائها خارج السجن. ويمكن لقاضي الأحداث تطبيق مراحل هذا التدريب على القصّر في إطار إجراء قضائي.
ونقلت الصحيفة عن ناتالي غوليه، رئيسة لجنة مجلس الشيوخ الفرنسي المكلفة بالبحث في طريقة مكافحة الشبكات الجهادية في فرنسا وأوروبا، قولها: "إن هذه المبادرة جيدة جدا، هذه التدريبات ستمكن من تأطير الشباب المتطرف، وطمأنة العائلات التي غالبا ما تكون قلقة ومترددة حيال إعلام الشرطة بالتصرفات المشبوهة لأبنائها".
وأوضحت الصحيفة أن هذه المبادرة لم تكن وليدة الصدفة، ففي تقرير صدر في تموز/ يونيو الماضي حول رصد الخلايا الجهادية، تم تسجيل 157 تحذير صدر في مدن المنطقة السفلى والعليا للراين، خلال شهري نيسان/ أبريل وأيار/ مايو 2015. وقد أوضح النائب العام لمدينة كولمار أن "هذه المنطقة تعتبر إحدى المناطق االمعنية أكثر من غيرها بهذه الظاهرة".
ونقلت الصحيفة عن ناتالي غوليه اعتقادها أنه "ليس من المؤكد أن تكون مدة شهرين أو ثلاثة أشهر كافية، وأنه من الضروري أن يشرف على هذه الدورات التدريبية مدربون أكفاء حتى تكون فعّالة".
وبيّنت الصحيفة أن فريق التدريب يتكون من مدربين في اختصاصات متعددة، منهم علماء النفس ومربون وأخصائيون اجتماعيون، وذلك بهدف الإحاطة الكاملة بالمتدرب، ولم يتم إدراج أي إمام ضمن هذا الفريق، فقد قال النائب العام لمدينة كولمار: "لقد بيّنت الأبحاث أن الجانب الديني، في معظم الوقت، ليس هو الجانب المركزي لظاهرة التطرف".
وجاء في الصحيفة أنه في حال كانت النتائج مرضية، فإنه من الممكن أن يتم سحب هذه المبادرة، المدعومة من قبل وزارة العدل الفرنسية، على محاكم أخرى ترجع بالنظر لمحكمة الاستئناف في كولمار.
وأضافت أنه تم تعيين مساعد قضائي متخصص في ستراسبورغ، من قبل وزارة العدل، في إطار خطة عمل لمكافحة الإرهاب والمشاركة في هذا البرنامج، وسيمكن التقييم الأولي في نهاية العام من مزيد توضيح ماهية هذا التدريب، كما سيمكن تقييم ثان من قياس مدى تأثير البرنامج على المشاركين.
ونقلت الصحيفة تأكيد ناتالي غوليه بأن "المراقبة هي عمل ضروري، إذ أنه لا يمكن أبدا التأكد من ردة فعل المتدرب، ولذلك يجب وضع هؤلاء الأشخاص تحت المراقبة، مع الحرص على متابعة أفعالهم وعدم التغافل عنهم".