ملفات وتقارير

"قوارب الموت" التي يفضلها اللاجئون رغم مخاطرها

تكتظ القوارب المطاطية (البلمات) بعشرات اللاجئين
تكتظ القوارب المطاطية (البلمات) بعشرات اللاجئين
"القارب المطاطي، أو البلم، هو الوسيلة الأفضل والأكثر أمانا" بحسب المهرب الحلبي المقيم في مدينة أزمير التركية، أبو أحمد، ويعلل أبو أحمد ما قاله بأسباب عديدة تجعل هذا القارب أفضل وأقل كلفة.

يقول أبو أحمد لـ"عربي21": "بحكم عملي هنا وتواصلي مع معظم المهربين، فقد عرفت أن أكثر من ستة رحلات غرقت في هذا البحر، كانت كلها على متن القارب السريع، ولم تكن أية واحدة منها بواسطة القارب المطاطي".

ويرجع أبو أحمد سبب ذلك إلى أن "المهرب مالك القارب المطاطي لا يكون فيه، بل يرسل القارب بعد أن يدرب أحد الركاب على قيادته مقابل حسم معين من أجرة تهريبه، أما مالك القارب السريع يكون هو على متن القارب ويتوجب عليه إيصال الركاب والعودة بقاربه سليما".

ويشرح أبو أحمد ما يحدث قائلا: "يرتفع البلم المطاطي عن الماء مسافة لا تزيد عن 40 سنتيمترا، وبالكاد يرى من قبل خفر السواحل، ويسير ببطء، وعند رؤيته من قبلهم لا مجال للهرب بل ستتم إعادته بكل من فيه ولا احتمال آخر".

ويتابع: "أما ما يحدث في حالة القارب السريع، فإن خفر السواحل يبدأون بمطاردة القارب، وبدروه ربان القارب يزيد السرعة لتصبح خطيرة وخيالية، فلو تم القبض عليه سيخسر القارب كما أنه قد يسجن لفترة تزيد عن عشر سنوات، ولدى رفع السرعة غالبا ما ينقلب القارب ويغرق المهاجرون الذين على متنه"، حسب قوله.

وبينما يؤيد مهاجرون، ممن خاضوا رحلة البحر عبر القوارب إلى أوروبا، ما جاء به أبو أحمد من تفسيرات لازدياد غرق القوارب السريعة نسبة إلى "البلمات"، إلا أنهم يرون أن الرحلة في القارب السريع تنتهي خلال نصف ساعة.

فغسان يرى، في حديث لـ"عربي21"، أن "المهرب يهمه وصول الركاب وسلامته من سلامتهم، أما في البلم فلا يهمه سواء غرقوا أو وصلوا فماله في جيبه، وثمن القارب الرخيص قد حصل عليه مسبقا من جيوب اللاجئين".

ويرى آخرون أن الرحلة في البلم المطاطي خطيرة أيضا، فقد تحدث كثيرون في سائل التواصل الاجتماعي عن حالات قام بها خفر السواحل اليونانيين بإزارة محرك القارب المطاطي ثم سحبه إلى المياه الإقليمية التركية، ليتم الاتصال فيما بعد من قبلهم أو من قبل أي من ركاب البلم بالخفر الأتراك من أجل الإنقاذ، ما يعني فشل الرحلة.

لكن لأبي خالد، الرجل الحموي الذي قام بعدة محاولات فاشلة قبل أن ينجح أخيرا ويصل إلى النمسا، وجهة نظر أخرى، حيث قال لـ"عربي21": "أبحرت من إزمير مرتين وعدت إليها، فيما نجحت الثالثة، لكن ما حدث معي في المرة الثانية أكاد أجزم أنه ما يتسبب بغرق القوارب المطاطية وموت ركابها".

ويضيف: "انطلقنا من إزمير في رحلة جميلة كان البحر خلالها هادئا تماما، وتم تدريب أحد الشبان من إدلب على قيادة القارب لمدة ربع ساعة تقريبا، وسلمه المهرب سكينا كبيرة، وأخبره أن يمزق القارب المطاطي بمجرد رؤيته لخفر السواحل اليونانيين، لأنهم قد يقومون بسحب القارب إلى المياه الإقليمية التركية وتسليمه للأتراك وتفشل الرحلة".

وبحسب أبي خالد، فإن الجميع يرى أن تمزيق القارب لحظة وصول البوليس اليوناني سيجبرهم على إنقاذ اللاجئين، ويضعهم في موقف حرج، إذ إنهم لن يستطيعوا إعادتهم إلى تركيا، كما أنهم لن يستطيعوا تركهم يغرقون.

يكمل الرجل ما حدث معه فيقول: "بعد أن قطعنا المياه الإقليمية التركية ودخلنا المياه اليونانية، لمحنا قاربا متجها نحونا عن بعد، وخشينا حينها أن تتم إعادتنا، علما أننا ما زلنا تقريبا في منتصف الطريق، ولدى رؤيتنا القارب قام الشاب المكلف بالمهمة من قبل المهرب بتمزيق القارب الممتلئ بالهواء لنصبح كلنا وعددنا أكثر من 35 شخصا وسط الماء، لكن الصدمة أن قارب خفر السواحل اليوناني اختفى ولم يتقدم نحونا، والأرجح أن من عليه لم يرونا مطلقا".

ويتابع حديثه لـ"عربي21": "وجدنا أنفسنا وسط البحر لا نملك من أمرنا شيئا، وبعد ساعة تقريبا تمكنا من الاتصال بخفر السواحل الأتراك حتى يأتوا لإنقاذنا، فليس أمامنا سوى المصير المحتوم الذي سبقنا إليه كثيرون".

ويضيف: "بقينا أكثر من ساعتين بعد الاتصال، وبدأت ستر النجاة بالتهتك لتصبح دون جدوى شيئا فشيئا، لأن المهرب اشتراها لنا من أرخص وأسوأ النوعيات، كما يفعل أمثاله جميعا، ولو تأخر الأتراك ساعة أخرى لغرقنا، إلا أننا نجونا على الرغم من أننا كدنا نموت من البرد"، بحسب قول أبي خالد.

التجارب الكثيرة للسوريين في هذا المجال، والحالات المأساوية التي مروا بها، تكسبهم الخبرة والمعلومات حول الموضوع وغيره مما يمرون به، وكل واحد منهم يقدم خلاصة تجربته وخبرته في الأمر لغيره، والكل يتبع النصائح التي يتلقاها، إلا أن اختلاف الظرف في كل حالة عن الأخرى يعيد ويكرر المآسي نفسها، لا سيما مأساة الموت غرقا.
التعليقات (2)
'''''''"
السبت، 27-02-2016 01:17 ص
والله كل شخص يموت برقبتك يا مهرب خافو الله وتذكرو يوم الحساب ديرو بالكم عالناس اللي عم تدفشوها بالمي
ابو احمد
الأربعاء، 14-10-2015 05:58 م
علينا ان ندرس الامر بشكل جيد وان ناخذ ما مر به من سبقنا ونستفيد من اخطاءهم لتجنب الوقوع بها