هاجم أحد مؤسسي تنظيم "
جبهة النصرة"،
صالح الحموي، قيادة التنظيم، بعد يوم واحد على صدور قرار فصله بسبب "انتقاده لسياسات التنظيم العامة، وعدم التزامه بها"، وفقا لبيان صدر عن "لجنة المتابعة والإشراف العليا" التابعة لـ"النصرة".
وقال "الحموي"، المعروف بـ"أس الصراع في الشام"، إنه لم يتفاجأ بقرار الفصل، بقدر مفاجأته بأسلوب القرار وآليته ومرجعيته، وفق قوله، شاكرا في الوقت ذاته "النصرة"، على بيانها "الهادئ، والواضح"، وفق قوله.
وبين "أس الصراع" أنه لم يسمع من قبل باسم اللجنة التي أقدمت على فصله، بالرغم من كونه أحد مؤسسي "جبهة النصرة"، وأحد أعضاء مجلس الشورى السابقين فيها، كما أنه كان أميرا للمنطقة الشرقية، والبادية سابقا.
واتهم "أس الصراع"، قيادة "النصرة" بفصله لآرائه السياسية، وليست التنظيمية، بالإضافة إلى قوله إن التنظيم صاغ بيان يهدف إلى إيجاد مبرر لفصل أي شخص، قائلا: "البيان رقم 11 الذي استندوا عليه في قرار الفصل هو مجمل ومطاط، وربما صيغ هكذا ليفصل لاحقا على مقاس المخالف، وطالما ذكروا في البيان أني خالفت سياستهم من ستة أشهر، فلِمَ لم يفصلوني وقتها، بل تركوا الأمر معلقا ليختاروا الوقت المناسب لهم".
وتابع: "حسب أعراف الجماعات والتنظيمات عادة يكون بيان فصل أي شخص (استنادا إلى الفقرة كذا من المادة كذا وفق النظام الداخلي)، أما هنا، فكتبوا استنادا إلى البيان الإعلامي رقم 11، فلا مرجعية قانونية لهم للأسف؛ لعدم وجود نظام داخلي في الجماعة، أما أنه صدر عن مجلس الشورى، فأشكك بذلك، فكل جنود وأمراء النصرة، وحتى باقي الفصائل، يعلمون أن مجلس الشورى هو صوري لا تأثير له بالقرار".
وبحسب "أس الصراع"، فإنه "لا أحد يعرف عدده وأسماء أعضاء مجلس الشورى الدائمين، لأنه في كل جلسة يتغير الأعضاء"، وأضاف: "أنا أكاد أجزم أن هناك أعضاء في الشورى قرؤوا بيان الفصل من الإعلام".
وبالرغم من توقعه لقرار فصله، إلا أن "أس الصراع"، نفى بأن تكون قيادة "النصرة"، قد حذرته من قبل، معلّقا: "لم أنبه سابقا بأنه سيتم فصلي إن لم ألتزم بالسياسة الإعلامية للجماعة، ومن عادة الجماعات المنضبطة قبل فصل أي عضو أن تسبقه بإجراءات التنبيه، والإنذار المتدرج، وصولا إلى الفصل، وهذا لم يحصل البتّة، رغم وجودي في مناطق فيها كبار شرعيي النصرة المعتمدين، وهم ذكروا في البيان رقم 11 أنه من يخالف سياسة الجماعة سوف تتم محاكمته أولا، وقد يصل لخيار الطرد، وأنا لم أدعى إلى أي محكمة شرعية للنصرة نهائيا".
وتحدث "أس الصراع" عن علاقته بالجولاني، قائلا إن آخر رسالة وصلته منه قبل ثمانية أشهر من الآن، وبعدها انقطع البريد بينه وبينهم من طرفهم لأسباب لا يعلمها"، وفق قوله.
وذكر أنه نوى بشكل جدي ترك "جبهة النصرة"، بسبب "تسريب كلمة الشيخ
الجولاني التي أعلن بها إمارة، وقبلها بأسبوع أبلغني أن هناك حدثا كبيرا سنعلن عنه سيحل كل مشكلات الساحة، ورغم أني يومها كنت عضوا في مجلس شورى الجماعة، لكنه لم يعلمني ما هو الحدث، لا أنا ولا أي أحد من أعضاء الشورى، لا في الشمال، ولا في الجنوب".
وتابع: "الكل تفاجأ بكلامه، وبعد تسريب الكلمة انتقدت هذا الإعلان على العلن، وكان هذا أول خلاف حقيقي بيني وبينه، الذي عاتبني به، وقال إنه كان عليك أن تتريث قبل التعليق!، فرددت عليه وقلت له إن كلامك واضح، إعلان إمارة بلا استشارة، وعلى العلن، فلا بد من التبيان على العلن".
وكشف "أس الصراع"، أن "أبو مارية القحطاني"، و "أبو البراء الشامي"، وغيرهم، أقنعوه بعدم ترك "جبهة النصرة"، وأضاف: "قالوا لي: لا نريد أن نشمّت العدناني، ليقول هذه من آثار المباهلة".
وواصل "أس الصراع"، انتقاداته لقيادة "النصرة"، قائلا إنها لا تملك سياسة عامة، وأضاف: "لمّا نزل البيان رقم 11 سئل أحد كبار الشرعيين المعتمدين، هل للجماعة سياسة عامة؟ قال: لا ونحن الشرعيين لا نعرف ما هي سياسة الجماعة حتى نحاكم من يخالفها أصلا".
"أس الصراع"، قال إن "أبو محمد الجولاني" رفض مقترحه بتأسيس نظام داخلي للمحاسبة، والعقوبات، مضيفا: "رفض طلبي الشيخ الجولاني، وقال أظن أن علاقاتنا الأخوية أكبر من أن نسائل بعضنا البعض".
وألمح "أس الصراع"، إلى وجود تدخلات من خارج
سوريا، من قبل بعض مشايخ التيار الجهادي، في قرار فصله، مضيفا: "لا أستبعد ضغوطا خارجية للخروج بهكذا قرار سياسي ليس تنظيمي من بعض المشايخ لدخولي معهم في سجالات فكرية، وأمور في السياسة الشرعية خالفتهم فيها حتى أن هؤلاء المشايخ ناقشوا كلامي على بعض الغرف على النت (ويسموننا بالقُطريين)، وطالبوا قيادة النصرة بحسم أمرها تجاهي، لمخالفتي، لنقدها علنا".
وبالرغم من نقده الشديد لسياسات "جبهة النصرة"، الفرع السوري لتنظيم القاعدة، إلّا أن "أس الصراع"، قال إنه نهل جميع آرائه من "كتابات عطية الله الليبي، وأبي يحيى الليبي، ووثائق أبوت أباد، ومرجعية القاعدة الأم"، وفق قوله.
وواصل "أس الصراع"، كشف كواليس جلساته مع "الجولاني"، قائلا: "في أول جلسة بيني وبين الجولاني في 23 رمضان 2011، وقبل أن أبايعه طلبت منه أن نكون في الشام تابعين مباشرة لخراسان (قيادة القاعدة)، ولا نتبع لدولة العراق الإسلامية، فرفض وقتها، وبقيت سنة كاملة في كل اجتماع معه أذكّره بهذا الأمر، حتى قال لي إن الالتحاق بخراسان في عُرف الإخوة في الدولة يعدّ جريمة، وأرجو منك ألا تكرر هذا الطلب نهائيا مرة أخرى".
وفنّد "أس الصراع"، الاتهامات التي يتلقاها بشكل مستمر من أنصار وعناصر "جبهة النصرة"، بأنه لجأ إلى مهاجمة التنظيم بعد عزله من منصبه، قائلا إنه بدأ بالنقد العلني إبان إماراته لـ"البادية"، وكان يقدم أوراق ومشاريع للإصلاح إلى قيادة التنظيم.
وختم "أس الصراع"، رسالته بالقول: "أمضيت أياما جميلة مع إخوة أحببتهم في جبهة النصرة، وأسأل الله الهداية لي ولجبهة النصرة، جنودا وأمراء، وأن يسدد الله رميهم ورأيهم، وأن يخلف عليهم من هو خيرٌ مني لهم، وبالتأكيد إخوة الإيمان والصداقة ستبقى قائمة بإذن الله".
وكان العديد من المغردين الجهاديين، أبرزهم "مزمجر الشام"، أوضح في وقت سابق، أن "أبو مارية القحطاني"، المسؤول الشرعي السابق في "النصرة"، على رأس قائمة يرغب العديد من قادة التنظيم بفصلهم، بسبب مخالفتهم للسياسة العامة، وفق قوله.
ويُتوقع أن يتفرغ "أس الصراع في الشام"، إلى إعداد الدراسات والبحوث، حيث دأب منذ أشهر على تلخيص عدد من كتب المفكر الكويتي، الدكتور عبد الله النفيسي، كما أعد دراسة مالية عن التبرعات التي وصلت إلى كبرى الفصائل في سوريا، (جبهة النصرة، أحرار الشام، جيش الإسلام، لواء التوحيد)، كانت "
عربي21"، قد أعدت تقريرا عنها. (
هنا)