ذكرت وسائل إعلامية ألمانية أن مدير مدرسة ثانوية في مدينة " كيمبتين" القريبة من مدينة ميونخ طلب من أولياء أمور الطالبات منع الفتيات من ارتداء "التنورات القصيرة والملابس الشفافة" تجنبا لتحرش متكرر من قبل شبان من
اللاجئين السوريين، بعد افتتاح ملجأ لهم بالقرب من المدرسة، وهذا ما أثار حفيظة ناشطين سوريين في المدينة وفي مدن ألمانية أخرى، ودفعهم لإطلاق حملة لمواجهة هذه الصورة.
ويؤكد الناشط السوري حسام الدين، في حديث خاص لـ"
عربي21"، وقوع الحادثة في مدرسة ثانوية بمكان قريب من سكنه في مدينة "كيمبتين". ويقول: "للأسف الحادثة وقعت قبل نحو شهر، حيث قام ثلاثة شبان سوريين من "الكامب" (حيث يوضع فيه اللاجئين ريثما تصدر أوراق إقامتهم) المجاور للمدرسة؛ بتصوير فتيات في حديقة المدرسة والقيام بحركات غير لائقة، الأمر الذي أثار استياء إدارة المدرسة، ما دعاها إلى إرسال رسائل لأهالي الطالبات تطلب منهم ارتداء الفتيات اليافعات لباسا محتشما تجنبا لما وصفته بـ"سوء الفهم"، وتبع ذلك اجتماع مع لجنة من أولياء الأمور بعد أسبوعين من الحادثة".
ويضيف حسام: "للأسف تصادف ذلك بعد يوم من قيامي، أنا ومجموعة من السوريين، بإلقاء محاضرة تعريفية بالسوريين وحضارتهم وتقاليدهم وثقافتهم في إحدى الجامعات الألمانية، وحضرها عدد من دكاترة الجامعة وطلابها، إضافة إلى عدد من الأهالي، الأمر الذي أحرجنا".
وتابع: "قمنا بعد الحادثة بالاجتماع بعدد من العائلات الألمانية، وأوضحنا لهم أن هذه تصرفات فردية ولا يمكن تعميمها على كل السوريين، وكذلك اجتمعنا مع السوريين في الكامب، وشرحنا لهم أن مثل هذه التصرفات تشوه سمعة السوريين في كل أرجاء ألمانيا".
ويؤكد الناشط السوري أن لجنة أولياء الأمور، خلال الاجتماع الذي جمعهم مع إدارة المدرسة، رحبت بطلب المدير، وأكدت على أنها ستعمل على تقييد الطالبات من ارتداء ملابس شفافة أو سراويل أو تنورات قصيرة. كما وجهت في الوقت ذاته تعليمات شديدة للطالبات، محذرة إياهنّ من أي عملية تحديق أو التقاط صور للاجئين. وعللت لجنة أولياء أمور الطلاب ذلك بأن هناك اختلافا كبيرا في الثقافة مع طالبي اللجوء المسلمين.
لكن شددت اللجنة على أنه "لا يمكن الحد من حرية الفتيات إلى حد ما، ويجب على السوريين أيضا تفهم عادات المجتمع الألماني والتكييف معه"، وهذا ما تم نقله في اجتماع آخر مع بعض السوريين، كما يوضح حسام الدين.
ووفقا للصحف الألمانية، فإن مدير المدرسة قرر أيضا "رفع حالة التأهب في المدرسة، وذلك من خلال زيادة عدد المعلمين الذين يجب أن يتجولون خلال الاستراحات، في باحات وحدائق المدرسة، منعا لأي
تحرش".
وفي تعليقها حول الموضوع، تقول كاثرين ساتان، الناشطة المختصة بشؤون اللاجئين والمهاجرين السوريين: "حقيقة حدثت مثل هذه الأمور في عدة بلدان التي لجأ إليها السوريون، وأعتقد أن اختلاف البيئة الاجتماعية؛ من الطبيعي أن يكون له تأثير على أي أجنبي انتقل حديثا إلى بلد جديد، خاصة عندما يكون الانتقال من بيئة محافظة إلى بيئة أكثر تحررا" حسب تقديرها.
لكن كاثرين تضيف قائلة: "لا يمكننا تعميم هذا الأمر على جميع السوريين اللاجئين، إنهم يعملون فعليا على إثبات أنفسهم وأخلاقهم العالية من خلال الفعاليات التي يقومون بها في بلدان اللجوء"، مؤكدة أن "الصورة التي كونها المجتمع الأوروبي ككل عن السوريين كانت جميلة وإنسانية، وهناك عدة أمثلة عن ناجحين ومتوفقين ومتميزين برزوا في هذه الدول وأثبتوا فعاليتهم".
وتؤكد الناشطة أن ذلك لا يمكن اعتباره سوى تصرفات فردية، و أنها "موجودة في كل المجتمعات، سواء كانت شرقية أو غربية"، مشيرة إلى أن "ذلك لن يؤثر على سمعة السوريين، خاصة أنهم بادروا بالاعتذار من إدارة المدرسة والأهالي، وأثبتوا أنهم لم يأتوا إلى أوروبا لغرض التحرش بالفتيات، بل إنهم جاؤوا للاندماج و العمل"، واستشهد بمبادرة يعد لها ناشطون سوريون حيال ذلك.
وعن هذه المبادرة، تحدث الناشط السوري رامي الشيخ، الذي عزم على القدوم ومجموعة من اللاجئين السوريين من المدينة مدينة هامبورغ التي يقيمون فيها إلى المدينة التي توجد فيها المدرسة، لتقديم الاعتذار.
ويقول رامي لـ"
عربي21": "حقيقة أزعجنا كثيرا سماع هذا الخبر، وقررت ومجموعة من أصدقائي القيام بحملة "نحن هربنا من الموت ولم نأت للتحرش" لنقدم الاعتذار بطريقة جيدة، مع باقات من الورود لأهالي الطالبات، ونوضح لهم طبيعة المجتمع السوري وما الذي جعلنا أن نخرج من بلدنا، وكذلك لنقدم الشكر لألمانيا وشعبها الذي استقبلنا على عكس باقي الدول الأوربية".
وبحسب الإحصائيات الرسمية، تستضيف ألمانيا نحو 20 ألف لاجئ سوري على أراضيها حتى نهاية عام 2014، فيما تدرس طلبات لجوء لأكثر من 10 آلاف آخرين. لكن منظمات إنسانية وحقوقية دولية تطالب ألمانيا باستقبال المزيد من اللاجئين السوريين.