صحافة دولية

لوبوان: نائب فرنسي يروج لحرب عالمية ثالثة مع المسلمين

استغل اليمين الفرنسي جريمة شارلي إيبدو لتصعيد حملتهم على الإسلام
استغل اليمين الفرنسي جريمة شارلي إيبدو لتصعيد حملتهم على الإسلام
نشرت صحيفة لوبوان الفرنسية تقريرا حول ردود الفعل التي أثارتها تصريحات كريستيان أستروزي، النائب اليميني ونائب عمدة مدينة نيس الفرنسية، حيث تحدث عن "حرب عالمية ثالثة معلنة ضد الحضارة اليهودية المسيحية من قبل الفاشية الإسلامية" على حد تعبيره.

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي اطلعت عليه "عربي21"، إن تصريحات استروزي أججت الأوضاع السياسية في فرنسا، وأثارت غضب الطبقة السياسية التي وجهت لوما شديد اللهجة لهذا النائب الذي تحدث عن "طابور خامس إسلامي في فرنسا"، في أثناء لقاء له مع يوم الأحد الماضي مع القناة الثالثة الفرنسية.

وأوردت الصحيفة أن الأمين العام للحزب الاشتراكي  جون كريستوف كمبيدليس، عبر عن قلقه الشديد من "هذا الخطاب الصدامي المتطرف الذي يتبناه جناح ساركوزي وحزب الاتحاد من أجل الوحدة الشعبية". كما عبر الناطق الرسمي باسم الحكومة ستيفان لوفول، وزعيم الكتلة الاشتراكية في مجلس النواب برونو لورو، عن امتعاضهما من "هذه التصريحات غير المسؤولة".

كما لقيت هذه التصريحات تنديدا في الأوساط اليمينية أيضا، حيث عبرت فاليري بيكريس وجيرار لارشر عن رفضهما لهذه المصطلحات وكما عبرا عن "صدمتهما من هذا الموقف". أما الجبهة الوطنية، التي سحبت إيميريك شوبار من موقعه كمستشار لزعيمة الحزب مارين لوبان بسبب إعادته نشر هذه التصريحات العنصرية، فقد "أخرجت المدفعية الثقيلة" في مواجهة هذه التصريحات الخطيرة، حيث ندد فلوريان فيليبو وعدة وجوه بارزة في الحزب بهذا "العنف اللفظي" الذي ارتكبه النائب كريستيان أستروزي.

كما قالت الصحيفة إنه رغم هذه الضجة وموجة التنديد، واصل أستروزي تبني الخطاب الصادم نفسه قبيل الانتخابات المحلية الفرنسية التي ستجري هذه السنة، حيث نشر تغريدة على التويتر قال فيها: "أعيد وأكرر، كلمة طابور خامس تعني أشخاصا مندسين في وسط الدولة ويتعاطفون مع تنظيم معاد لها، وهذا التعبير يصف الواقع بدقة."

من جهة أخرى، أكدت الصحيفة أن كريستيان أستروزي كان مخطئا عندما تحدث عن "حرب عالمية ثالثة تم إعلانها ضد فرنسا والحضارة اليهودية المسيحية". فالحربان الأولى والثانية خلفت ملايين الضحايا في أوروبا وأمريكا، أما التنظيمات المتطرفة فقد خلفت هجماتها أقل من 4 آلاف قتيل، حسب قولها.

كما نقلت الصحيفة، في السياق ذاته، عن فرهاد خوسروشفار، أن "90 في المئة من ضحايا هذه الجماعات المحسوبة على الإسلام هم المسلمون أنفسهم، ولهذا فإن ما يحدث في هذه الفترة ليس حربا بين الحضارات، بل هو مجرد رفض للحضارة. إذ إن تنظيم الدولة يهاجم المسيحيين واليهود، لأنه يعتبر ممارساتهم دليلا على انحطاط العالم".

وقالت الصحيفة: "إذا حسب رأي أستروزي، المسلمون الذين يتجولون فوق أرضنا هم متعاطفون سريون ومعادون لنا، منتشرون في الجمهورية الفرنسية ويهددون أمنها". واستدركت بالقول بأنه يوجد إسلاميون متشددون ومسلمون عاديون، وأن المسلمين العاديين الذين يمثلون الأغلبية الساحقة ملتزمون بقوانين الجمهورية الفرنسية، ولا يمثلون أي تهديد لسلامة الدولة والمواطنين.

ونقلت الصحيفة عن فرهاد خوسروشفار قوله: "حتى لو كان حديث أستروزي عن طابور خامس موجها للمتشديين الذين يذهبون للقتال في سوريا، فإنه يبقى مبالغا فيه، إذ إنه لا ينطبق حتى على الشباب الذين يذهبون لسوريا أو الذين يرتكبون العمليات الإرهابية في فرنسا، لأنهم مجرد مراهقين ليسوا على وعي بما يقومون به، وليست لديهم تصورات واضحة ووعي بنتائج ما سيقومون به. في المقابل، يمكننا اعتبار الأخوين كواشي طابورا خامسا، لأنهما - بحسب الصحيفة - كانا على وعي بنتائج ما يقومان به، لكنهما على كل حال لا يمثلان إلا نفسيهما، ولا يمكن تعميم حالتهما على كل المسلمين".

كما ذكرت الصحيفة أن عبارة "طابور خامس" تم استعمالها للمرة الأولى في سنة 1936، خلال الحرب الأهلية الإسبانية، عندما كان أنصار الجنرال القومي فرانكو يحاولون افتكاك مدريد من الجمهوريين، حيث انقسم الجيش المتوجه لهذه المدينة إلى أربعة طوابير، ومن أجل بث الرعب في صفوف الجمهوريين المتحصنين داخل المدينة، أعلن الجنرال إيميليو مولا على موجات الراديو أن "طابورا خامسا" من المقاتلين يختبئ في بين الأهالي في المعسكر الجمهوري، وهو جاهز للتحرك عند الإشارة والمساعدة على غزو مدريد. ورغم أن هذه الكذبة المبتكرة لم تكن كافية لكسب المعركة، فإن هذا التعبير أصبح متداولا إلى يومنا هذا لدى رجال السياسة في أنحاء العالم كافة، عند كيل الاتهامات للخصوم السياسيين وتخوينهم.

ولاحظت الصحيفة أن النائب كريستيان أستروزي اعتمد أيضا في خطابه تعبير "طوابير خامسة"، في صيغة الجمع، لتضخيم الخطر المزعوم وزيادة مخاوف الفرنسيين.

وخلصت إلى أن أستروزي استعار من الجنرال إيميليو مولا التعبير والتكتيك، حيث اعتمد على سياسة "المغالطة"، من خلال الادعاء بأن الفرنسيين المسلمين يمثلون طابورا خامسا، والإعلان عن حرب عالمية ثالثة. وقالت إن هذه الاستراتيجية القائمة على المبالغة في تصوير التهديد، هي تكتيك اعتمده مولا لكسب المعركة.
التعليقات (1)
kemoo67
الأحد، 03-05-2015 12:28 ص
ياكل تبن الكلب