ملفات وتقارير

أحكام الإعدام في مصر.. وسيلة ضغط أم أداة انتقام؟

نال المرشد محمد بديع عددا من الأحكام من بينها الإعدام - أرشيفية
نال المرشد محمد بديع عددا من الأحكام من بينها الإعدام - أرشيفية
أثارت أحكام الإعدام بالجملة التي أصدرها القضاء في مصر ضد قيادات وعناصر جماعة الإخوان المسلمين، ورافضي الانقلاب، تساؤلات حول أهدافها، والمرجو منها، خاصة مع تزايدها في الآونة الأخيرة.

وكان المستشار محمد ناجي شحاتة، المعروف باسم "قاضي الإعدامات"، قد أصدر الأحد أحكاما جديدة بإعدام المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع و13 من قيادات الجماعة، والسجن المؤبد لـ37 متهما آخرين، بعد أن وجهت لهم النيابة تهما متعددة، من بينها إعداد غرفة عمليات لتوجيه تظاهرات الإخوان بهدف مواجهة الدولة وإشاعة الفوضى والعنف في البلاد، عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة.

أحكام مسيسة ونتائجها عكسية

وفي هذا السياق، استبعد مؤسس حزب غد الثورة المصري والمرشح الرئاسي السابق، أيمن نور، أن تأتي تلك الأحكام بنتائج إيجابية، سواء كان المقصود منها ترهيب المعارضة، أو إجبار جماعة الإخوان المسلمين على التراجع عن مسارهم، وإخضاعهم للمصالحة.

وقال نور لـ"عربي21": "هذه الأحكام تمزج بين نهر السياسة وبحر القانون، والجزء الغالب عليها هو السياسة، ولكن الظاهر منها هو القانون"، مشيرا إلى أن "تزايد أحكام الإعدام في الآونة الأخيرة يهدف إلى زيادة الضغوط من طرف على آخر، ولكنه لا يحقق أي نتائج إيجابية، ويعقد الحلول، ويجعلها في غاية الصعوبة".

وأعرب نور عن اعتقاده بأن "النظام يأمل في تحقيق مراكز تفاوضية أقوى في المستقبل يمكنه التفاوض عليها، فبدل الحديث عن خروج المعتقلين، يصبح الحديث عن وقف الإعدامات، وهو أمر يعقد الموقف أكثر، ولا يمكن البناء عليه، وهي مخاطرة بكل المقاييس".

واستبعد نور أن تخضع جماعة الإخوان المسلمين لمثل تلك الضغوط السياسية، وقال: "المواجهة مستمرة بين معارضي الانقلاب والنظام، ولا تمثل تلك الأحكام أي ردع من أي نوع، ولكنها ستؤدي إلى مزيد من العنف".

وحذر المعارض المصري من نغمة العنف المضاد في الشارع المصري، قائلا: "ستخرج العديد من الكيانات الانشطارية من تحت عباءة غياب العدالة، وهو أمر في غاية الخطورة، سيهدد السلم المجتمعي".

جماعة الإخوان.. لا تصالح

من جهته، وصف أمين العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة المصري، محمد سودان، الأحكام القضائية بالمسيسة، وأنها تنم عن عجز النظام الانقلابي.

وقال سودان، في حديث لـ"عربي21": "العلة من هذه الأحكام قهر الحراك الثوري المتزايد في الشارع، وترهيب الثوار، لكنها لم تأت بنتيجة، وهو دليل على أن النظام لا يعي إيدولوجية الإخوان والمعارضة".

وانتقد القيادي في حزب الحرية والعدالة استخدام النظام للعديد من الدوائر القضائية التي يُعرف أعضاؤها بعدائهم للثورة، وموالاتهم للنظام، وفسادهم، "لإصدار أحكام فاسدة، تخلو من العدالة، وتؤسس للفساد والظلم، حتى أصبحنا أضحوكة العالم"، حسب تعبيره.

وأكد سودان "أن جماعة الإخوان لن يخضعوا للمصالحة، ولن يجنحوا للركوع، كما لن تثنيهم تلك الأحكام عن خيار السلمية، وكل تلك الأحكام سوف تبطلها محاكم النقض".

وبشأن الخيار الاستراتيجي لمعارضي الانقلاب في تلك المرحلة، قال: "مواصلة النضال الثوري للأحرار، هو المسار الوحيد الذي يمكن أن ترتضية جماعة الإخوان ومن حذا حذوها".

الموت دون تحقيق الغاية

كما شددت المنسقة العامة للتحالف الثوري لنساء مصر، منال خضر، على رفض جماعة الإخوان المسلمين أو عائلات أعضاء الجماعة خارج السجون، القبول بأي مصالحة على حساب "دماء الشهداء" وحرية المصريين.

وقالت لـ"عربي21": "لن نقبل أن يخرج أزواجنا أو أبناؤنا من المعتقلات مقابل الاعتراف بالنظام الانقلابي، فهذا درب من الأحلام، ولن نخضع للابتزاز مهما استخدموا من أوراق ضغط، أو حتى مضوا قدما في تطبيق أحكامهم الجائرة".

ولفتت إلى أن الهدف من هذه الأحكام "هو كسر أنصار الشرعية. والسيسي لم يتعلم الدرس، فمهما قتل وسجن وعذب من أبنائنا، فلن ينكسروا، ولن ننكسر لهم حتى نعطيهم الحجة".

وأكدت أن "الإعدامات لن تفل عزيمة أنصار الشرعية ورافضي الانقلاب العسكري، ونحن ماضون قدما لكسره، ولن نتراجع حتى نستعيد حقوق الشعب"، حسب تعبيرها.

الإفراج قبل التفاوض

بدوره، أكد القاضي عماد أبو هاشم، رئيس نيابة محكمة النقض وعضو حركة قضاة من أجل مصر، أن "تلك الأحكام ذات طابع سياسي في المقام الأول، ويتم استخدامها بصفتها مفاتيح تفاوضية".

وقال لـ"عربي21": "هؤلاء المحكوم عليهم بالمؤبد والإعدام يستخدمون دروعا بشرية ورهائن لدى النظام الانقلابي".

وكشف أن "أصحاب الكلمة الفصل في أي مشروع تفاوضي قادم هم القيادات الموجودة في المعتقلات، وهؤلاء أصحاب القوة الناعمة، وعلى رأسهم الرئيس محمد مرسي".

وأضاف: "لا يمكن التفاوض معهم وهم قيد الأسر في سجون الانقلاب، فأي تفاوض في مثل هذا الوضع لن يكون له معنى، فلا بد من إفراج غير مشروط لجميع المعتقلين".

وأشار إلى وجود أناس آخرين لهم كلمتهم ووزنهم في أي مشروع تصالحي، "هم أصحاب الدم، وهم يرفضون الحديث عن أي صلح".

افتعال المصالحة وإرهاب المتظاهرين

ووفقا للخبير القانوني وأستاذ القانون الدولي، السيد أبو الخير، فإن الوضع القانوني لكل تلك الحالات من الإعدام تخالف القانون جملة وتفصيلا.

وقال أبو الخير لـ"عربي21": "تلك الأحكام تخالف الثابت من القانون، فالمتهم الذي ارتكب أكثر من جريمة يعاقب بالعقوبة الأشد التي تجب ما قبلها، وتعد ظروفا مشددة لعقوبة الإعدام، ولا يحكم عليه بالعقوبة ذاتها أكثر من مرة".

وأكد أن "الهدف من تلك الأحكام هو الضغط باتجاه افتعال مصالحة، وإرهاب المتظاهرين". لكنه استبعد قبول الإخوان بفكرة المصالحة، أو التصالح على شروط عودتهم إلى الساحة، مشيرا إلى أن "هناك تجارب سابقة حدثت في حكم الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، الذي أمعن فيهم سجنا وقتلا وشنقا، وأصرت قيادات الجماعة على ألا تكتب التماسا واحدا له وتعترف بشرعيته".

وتوقع أبو الخير حدوث انتكاسة لنظام الانقلاب في مصر، على غرار الانتكاسة التي تعرض لها نظام عبد الناصر، "فمرشد النظام هو محمد حسين هيكل، ولن يهديهم إلا إلى انتكاسة تنهي أمرهم"، وفق تقديره.
التعليقات (0)