قضايا وآراء

صحافة "الشيء لزوم الشيء"

أسامة الرشيدي
1300x600
1300x600
يقول المثل المصري الشهير "الشيء لزوم الشيء".. ويبدو أن الإعلام المصري يطبق هذا المثل بحذافيره، فطالما اشترك النظام المصري في التحالف ضد الحوثيين المدعومين من إيران، فيجب إذن صناعة فزاعة مناسبة تليق بهذا الحدث للتخديم عليه.

مع شيء من التغيير، يمكن أن نقول إن الإعلام اتبع المثل ولكن بصيغة "الخلايا لزوم الحرب". أي يجب نشر أخبار تفيد بالقبض على خلايا تخطط لتفجيرات وعمليات إرهابية في مصر، تنتمي إلى العدو الجديد.

صحيفة "الأخبار" تألقت في هذا الصدد، ونشرت خبرا هزليا بشكل لا يصدق، يتحدث عن تصفية خلية "حوثية" في شبه جزيرة سيناء، تضم عناصر من أنصار بيت المقدس وأخري إيرانية وثالثة من قطاع غزة. 

بمعني آخر: الحوثيون المنتمون للمذهب الزيدي، المتحالفون مع إيران الشيعية، وفقا لجريدة الأخبار، يتحالفون مع أنصار بيت المقدس، التي بايعت تنظيم الدولة الإسلامية السني، الذي يقاتل الشيعة في العراق وسوريا، ويكفرهم ويعتبرهم أخطر من الولايات المتحدة وإسرائيل، فقط من أجل تكوين خلية في مصر. ويبدو أن الجريدة اكتشفت أن هذا الخبر لا يقنع طفلا، فحذفته من موقعها الإلكتروني، بعد أن نشرته علي صدر صفحتها الأولي في عددها المطبوع منذ أيام.

واصلت جريدة الأخبار تألقها بعد ذلك، ونسبت العملية الأخيرة التي أودت بحياة العشرات من ضباط وجنود الجيش المصري في سيناء إلي إيران، رغم أن تنظيم "ولاية سيناء- أنصار بيت المقدس سابقا" نشر بيانا رسميا يتبني فيه العملية، ونشر صورا لها. لكن طالما أن الحوثيين هم العدو فيجب أن ننسب إليهم وإلى حلفاءهم من الإيرانيين كل الخطايا والشرور.

أما صحيفة "اليوم السابع"، فأبت إلا أن تشارك في حفل الحرب ضد الحوثيين، ودقت ناقوس الخطر فيما يتعلق بالمد الشيعي في مصر، واتفقت مع حزب النور السلفي في هذا الأمر، واكتشفت فجأة أن هناك معاهد أزهرية تدرس مقررات تتهجم علي الصحابي معاوية بن أبي سفيان، وأن هناك تقارير أمنية ترصد هذه الظاهرة لاتخاذ الإجراءات المناسبة تجاهها.

الجهود الإعلامية لصناعة دور مصري في اليمن بدأ منذ اللحظة الأولي لعملية "عاصفة الحزم" بعد ادعاء جريدة "الشروق" أن الخليج يستنجد بمصر للتدخل في اليمن ومساندته ضد الحوثيين. لكن الجريدة قالت إن مصر تمسكت بوجود قرار من الأمم المتحدة يدعم العمل العسكري في اليمن. وهو ما سيضع مسئولي الجريدة في حيرة بعد الحديث عن تدخل بري مصري وشيك بعد اجتماع السيسي مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، رغم عدم صدور هذا القرار الأممي المزعوم.

مضيق "باب المندب" كان الحل السحري الذي توصل إليه القائمون على الصحف والفضائيات ومن يحركهما في مصر، فهو سبب مناسب بالنسبة لهم لتدخل مصر في الحرب ضد الحوثيين، وليس الحصول على أموال الخليج ومساعداته وتوفير "الرز" لا سمح الله. 

وتحت هذا العنوان، استفاضت الصحف في نشر أخبار عن سيطرة البحرية المصرية على المضيق بشكل كامل، وإحباط محاولات إيرانية لإغلاقه، وإجبارها القوات الإيرانية على الانسحاب منه.

المضحك أنه لا البحرية الإيرانية ولا المصرية ولا أي بحرية من أي نوع قادرة على إغلاق المضيق أو حتى محاولة ذلك، لأن هذا يعني ببساطة إعلان الحرب على العالم بأكمله. فالمضيق تمر عبره جزء معتبر من التجارة العالمية وناقلات البترول، كما أنه لا ينتظر البحرية المصرية لحمايته، لأنه ببساطة يخضع لحماية قوات أمريكية فرنسية مخصصة لهذا الغرض فقط.

لا نستبعد بعد ذلك أن نجد أخبارا وتحقيقات وتقارير تتحدث عن وجود حسينيات، وجهود لنشر التشيع في عدة مناطق، وخلايا حوثية في القاهرة والمحافظات، فكما قلنا في البداية: الشيء لزوم الشيء.
0
التعليقات (0)