مقابلات

زعيم المعارضة في موريتانيا يحذر من مخاطر تعديل الدستور

الحسن ولد محمد يتحدث عن علاقة تنافر مع النظام - عربي21
الحسن ولد محمد يتحدث عن علاقة تنافر مع النظام - عربي21

حذر زعيم المعارضة الموريتانية الحسن ولد محمد من مخاطر تغيير دستور البلاد في الوقت الحالي، مشددا على أن تعديل الدستور في ظل مشهد سياسي مضطرب أمر مرفوض.

وتحدث ولد محمد في مقابلة خاصة مع "عربي21" عن علاقة المعارضة بالنظام الحاكم وأحزاب المعارضة غير الممثلة في البرلمان، كما تحدث عن ظروف البلاد الأمنية والمعيشية، وعن نظرته لمستقبل بلدان الربيع العربي في ظل حكم الأنظمة العسكرية.

وفيما يلي نص الحوار:

* حدثنا عن علاقتكم في مؤسسة المعارضة بالسلطات الحاكمة

- العلاقة بين المؤسسة (المعارضة) والسلطة يحددها القانون، والقانون المنظم للمؤسسة يعتبرها مؤسسة تمثل الطرف الآخر، وهي معارضة السلطة، ويحدد هذا القانون أن مجلس إشراف هذه المؤسسة وإدارتها من الأحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان، وبالتالي هي علاقة اعتراف متبادل، لكن مع اختلاف في مجمل القضايا. نحن لا نرضى عن سياسات النظام، سواء في المجال الاقتصادي أو السياسي أو الأمني، ونسعى لتغيير سياسات النظام التي تتبع حاليا، لأنها بالنسبة لنا سياسات لا تلبي ما نريد أن يكون عليه وضع الدولة الموريتانية.

وبالتالي، هي علاقة من الناحية الأخلاقية والبروتوكولية تنظمها القوانين، لكن من الناحية العملية، هي علاقة تنافر واختلاف في جميع أو أغلب القضايا، خصوصا ما تعلق منها بإدارة الشأن العام. ونعتبر أن جميع تصرفاته (النظام) وأعماله وسياساته تطبعها الارتجالية والأحادية، والبعد عن أي نظرة استراتيجية توحيدية وشاملة.

* ما موقف مؤسستكم من موضوع تعديل الدستور؟

- الدساتير في الأصل لا توضع لتُغير، لكن لا يوجد دستور كامل، لأن هذه الدساتير من صنع الإنسان، وصنع البشر يظل ناقصا في كل الأحوال، وبالتالي هي معرضة بشكل دائم للنواقص، لكن بما أن الوضعية الآن وضعية غير مناسبة تطبعها التجاذبات السياسية، بالإضافة للحديث عن أن هذا التعديل يهدف لتحقيق أغراض شخصية. كلها عوامل تجعل التعديل في الوقت الحالي غير مناسب ولا مقبول، وبالتالي نحن في مؤسسة المعارضة الديمقراطية لسنا مع تعديل الدستور في هذه الفترة، و(..) ما نريد في الوقت الحالي أن يطبق الدستور والقوانين لا أن يتم تعديله. وأريد أن أذكر أيضا عما يتم الحديث عنه من أن التعديل يستهدف المأموريات وسن الترشح للرئاسيات.. أمور لا يمكن المس بها بتعديل الدستور، لأن الدستور نفسه يحصنها.

* هل استطاعت مؤسستكم أن تكون الممثل الحقيقي للمعارضين في البلاد؟

- نحن لا ندعي تمثيل المعارضة بموريتانيا ولا نتجنى عليها أيضا. هي مؤسسة دستورية، تمثل الأحزاب المعارضة (..) الممثلة برلمانيا، ونحن نعتبر أننا جزء من المعارضة، ووضعيتنا هذه سببها أزمتنا السياسية التي تمر بها بلادنا، لأنه لو كانت الأمور طبيعية لكانت مؤسسة المعارضة تمثل كل أحزاب المعارضة، لكن بما أننا في وضعية غير طبيعية، حيث لم تشارك بعض أحزاب المعارضة في الانتخابات الأخيرة، لذلك الأحزاب التي لم تشارك في الانتخابات الماضية غير ممثلة في المؤسسة. ورغم ذلك، نحن نعتبر أنفسنا عنوانا للمعارضة كلها، ونرحب بالتنسيق معها ونتعاون معها وفي خندقها، نطرح ما تطرح، ويتاح لنا ما لا يتاح لها، ويتاح لها ما لا يتاح لنا.

* كيف تقيمون الظروف المعيشية والأمنية في البلاد؟

- الظروف المعيشية للمواطن الموريتاني صعبة للغاية، خاصة في هذه السنة، لأن الأمطار كانت محدودة والسلطات لم تتدخل للأسف إلى الآن، وهذا يهدد المواطنين. الظرفية الأمنية أيضا ظرفية سيئة جدا، لا أحد يأمن على نفسه ولا على ممتلكاته، خاصة في المدن الكبيرة. وهذا المواضيع قمنا بطرحها بإلحاح على السلطات، ونتمنى أن تتحمل السلطة مسؤوليتها في هذا الموضوع. ونأسف أن تأتي زيارات الرئيس للداخل الموريتاني في ظل هذه الظروف الصعبة، حيث تحمل الناس أعباء على أعبائهم، وتم تزييف الواقع بشكل غير ملائم.

* كيف تنظرون للوضعية التي تمر بها البلاد العربية ما بعد الثورات؟

- سنة التدافع تقتضي أن تحصل مطبات في تطبيق الإصلاح، فمصر مثلا خطت بعد ثورة 25 ينار المباركة خطوات جريئة وكانت في مصلحة المصري، لكنْ للأسف المنتفعون والمستفيدون من الفساد ومن مردوا على النفاق ونهب خيرات الشعب المصري وبيع كرامته في سوق النخاسة العالمية، هؤلاء للأسف لم يرضوا أن تشق مصر طريقها.. وأكيد عاونهم قوم آخرون من أعداء الأمة والمتربصين بها. لكنني شخصيا أثق بصمود الشعب المصري ومقاومته للانقلاب الدموي الذي قاده عبد الفتاح السيسي، فمصر أمة قوية والسيسي مجرد عسكري واحد، والتجارب تؤكد أن الشعوب لا تقهر، وإن إرادة الشعوب أقوى دائما.

* كلمة أخيرة لفلسطين!

- فلسطين قلب الأمة النابض، قضيتها قضية الأمة الإسلامية بأكملها، وهي القضية الأولى والمركزية والكبرى. وأنا أشد على أيدي المجاهدين المقاومين هناك، سواء في غزة أو في الضفة، ونأمل من الأمة ومن الشعوب أن لا تشغلهم العناوين الجديدة عن فلسطين. للأسف الشديد الأمة أصبح فيها الكثير من الجروح، لكن ينبغي ألا يشغلنا ذلك عن القضية الفلسطينية.

تعريف:
ولد زعيم المعارضة الموريتانية الحسن ولد محمد في العام 1959 في ضواحي العاصمة نواكشوط. درس القرآن والعلوم الشرعية مبكرا، ثم التحق بالتعليم النظامي ليتخرج منتصف التسعينيات في جامعة الحقوق بنواكشوط.

تعرض الحسن ولد محمد للمضايقة والمطاردة أكثر من مرة، لكنه ظل الرجل الغامض بالنسبة للأجهزة الأمنية. وهو معروف بمعارضته القوية لسياسات الحكومات الموريتانية المتعاقبة.

ومع أول تهدئة مع الإسلاميين، بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع عام 2005، شارك ولد محمد في تأسيس حزب للإسلاميين بموريتانيا. يصنف ضمن قادة التيار الإسلامي البارزين، ويشغل حاليا منصب زعيم مؤسسة المعارضة، وعمدة أكبر بلدية بالعاصمة نواكشوط، وهي بلدية مقاطعة عرفات.
التعليقات (0)