ملفات وتقارير

"السفير" تقدم رواية درامية للغز تفجير خلية الأزمة بدمشق

السفير: تفجير خلية الأزمة كان يمثل إشارة البدء لإسقاط النظام السوري ـ صحيفة السفير
السفير: تفجير خلية الأزمة كان يمثل إشارة البدء لإسقاط النظام السوري ـ صحيفة السفير
قالت صحيفة السفير اللبنانية إنها كشفت لغز تفجير المكتب الأمني القومي في دمشق، حيث كانت تلتقي يوميا "خلية الأزمة"، بعد أن أصبح هذا اللغز المحيّر معلقا في فضاء الروايات المختلفة والمتناقضة.

وأكدت الصحيفة أنها تمتلك الرواية المدققة لتلك العملية التي كان يفترض أن تشكل إشارة بدء التنفيذ لعملية إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. 

ونوهت إلى أنها أول رواية متكاملة، مع إشارات واضحة إلى الأطراف المشاركة فيها.

وشددت الصحيفة على أن الهدف من العملية كان السيطرة على دمشق وضرب تماسك الجيش لإسقاط النظام.

وزعمت الصحيفة أن إشارة البدء للعملية تمت في مطلع تموز/ يوليو العام 2012 عندما استوقف دبلوماسي فرنسي صحافيين، أحدهما فرنسي والآخر عربي، بالقرب من مقهى يجاور مبنى وزارة الخارجية الفرنسية، وكانت أضواء مؤتمر "أصدقاء سوريا" قد خفتت في مركز المؤتمرات، بعد يومين مجهدين من نقاش أوحى لمن حضروا بأن إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، أمر لا مفر منه.

ونصح الدبلوماسي الصحافيين، بالتأني في حزم حقائب الصيف، لأن حدثًا كبيرًا ينتظر "تموز"، وهو موعد العطلة الصيفية، وفقا للصحيفة.

وأضافت أنه كانت هناك رهانات على إسقاط الأسد في باريس، وبين "أصدقاء سوريا" قد تحولت إلى مسألة وقت لا أكثر. جاء انشقاق العميد مناف طلاس، قائد اللواء 105 في الحرس الجمهوري، في اليوم الثاني للمؤتمر الموافق 7 تموز/ يوليو، ليحول الرهان إلى شبه يقين، حتى إن وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس، كان يهمس باسم العميد طلاس رئيسًا مقبلاً لسوريا، قبل أن تطأ قدماه الأراضي الفرنسية.

وتابعت السفير بأنه "لم يجادل رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري وقتها حمد بن جاسم من طالبوه، من المؤتمرين، بتوخي المرونة في لغة البيان الختامي تجاه الأسد، بالدعوة إلى التفاوض معه شكليًا، بدلا من طلب تنحيه على الفور". ونقلت الصحيفة عن مسؤول فرنسي رفيع المستوى عن ابن جاسم قوله للمجتمعين "إنه لا فرق لدينا في لغة البيان ولا في محتواه، لأن الرئيس الأسد لن يكون بأي حال، في القصر الجمهوري، عندما يحل شهر أيلول".

وأضافت الصحيفة أنه "لم يطل الوقت، كي تتداعى إلى الذهن بسرعة، نصائح الدبلوماسي الفرنسي بالبقاء على جبهة العمل الباريسي، ولتتضح دوافع لامبالاة الوزير القطري بلغة بيان (أصدقاء سوريا)".

ففي ظهيرة 18 تموز/ يوليو، دوّى انفجار هائل في مبنى الأمن القومي السوري في دمشق. وعندما انقشع الدخان عن المبنى، كانت خلية إدارة الأزمة، التي تعضد الأسد في قيادة العمليات العسكرية والأمنية، قد شطبت كليًا. أتى الانفجار على رئيس الخلية نائب الرئيس للشؤون العسكرية العماد حسن تركماني، وعلى وزير الدفاع داود راجحة، ونائبه آصف شوكت (زوج شقيقة الرئيس بشرى الأسد). وقتل رئيس مكتب الأمن القومي هشام بختيار، ووحده وزير الداخلية محمد الشعار نجا، رغم إصابته بحروق وجروح.

واتهمت السفير شبكة الفضائيات الخليجية بزرع الإرباك، وبث أخبار مقتل العميد ماهر الأسد، قائد التشكيل 41 في الفرقة الرابعة المدرعة، التي تقوم بحماية العاصمة. وقتل الغرض الإعلامي قاسم سليماني، وحافظ مخلوف، وقام بتهريب زوجة الرئيس أسماء الأسد، وعائلتها عبر مطار دمشق.. المقفل.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأمريكيين نظموا كل شيء. ووزع البيت الأبيض على الفور بيانًا عن اتصال هاتفي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي باراك أوباما، يوضح بسرعة تخلي الحليف الروسي عن الأسد، وذهوله من العملية، وتسليمه بقرب سقوط النظام.

وبحسب السفير، فقد قال البيان إن "الرئيسين لفتا إلى ارتفاع وتيرة العنف في سوريا، واتفقا على ضرورة دعم حصول عملية انتقال سياسي في أسرع وقت ممكن، تحقق هدفنا المشترك بوقف العنف وتجنب مزيد من تدهور الأوضاع". وهو بيان لم يتكرر في ما بعد.

ونوهت إلى أنه وفي كرنفال التصريحات التي كانت تنعى النظام السوري، بدا نافرًا لدى المعسكر المعادي لدمشق ما قاله الملك الأردني عبد الله الثاني من أن "الضربة هزت أركان النظام، لكن الأسد لن يسقط".

ميدانيًا، كانت وحدات من "الجيش الحر" تطلق عملية "بركان دمشق"، في وقت بدأ فيه الهجوم الأخير الذي تسللت فيه وحدات عبر التضامن والميدان جنوب دمشق، للوصول إلى هضاب قاسيون، حيث يربض القصر الرئاسي، وفقا للصحيفة.

وأضافت أنه كان للانفجار أن يرسل إشارة الهجوم النهائي على دمشق بداية، وأن يدفع بالعشرات من الضباط والجنود حول المدينة نحو أكبر موجات الانشقاق التي سيشهدها الجيش السوري، والتي بلغت ثلاثة في المئة من الضباط، ولكنها لم تستطع أن تدفع نحو الانشقاق، وحدات كاملة. وهو أحد الأسباب التي ستؤدي في ما بعد إلى إخفاق الهجوم على دمشق، على حد وصف الصحيفة.

وقالت الصحيفة إن العقيد محمود البرادن، فتح مع 60 من جنوده، أسلحة قسم التضامن الذي يديره أمام عناصر مدنية، وصلت قبل ساعة من الانفجار في مبنى الأمن القومي، بانتظار "ساعة الصفر"، لدخول العاصمة من منطقة الميدان. وعمل نائب قائد المنطقة الجنوبية العميد الركن زكي لولة، على عرقلة عمليات السيطرة في قيادة الأركان، قبل أن يضطر إلى الخروج منها والالتحاق بالمنشقين في تركيا.

من نظم العملية؟

وزعمت صحيفة السفير أن كلا من الفرنسيين والقطريين والأتراك كانوا على علم بأن عملية ضخمة قد تودي بالنظام، دخلت مرحلة التنفيذ. ولكن الجهة التي كانت تعد للعملية لم تكشف للحلفاء الكثير من التفاصيل، واكتفت بإعلامهم عن طبيعة العمل لا أكثر. ويقول مصدر فرنسي مطلع إن قسم مكافحة الإرهاب في المخابرات الأمريكية هو الذي تولى منذ بداية العام 2012 التحضير للعملية، بعدما أعطى أوباما موافقته لـ جون برينان، كبير مستشاري مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض. وكان برينان يتبع مباشرة إلى أوباما. وكان لـ برينان تأثير كبير على الرئيس الأمريكي الذي عينه فيما بعد رئيسا لوكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه)، وهو الرجل الذي أعطى الضوء الأخضر للكثير من العمليات السرية التي كانت تقوم بها "القيادة المشتركة لعمليات الكوماندوز" التي لا تتبع للوكالة، ولكن للرئيس مباشرة، ووزارة الدفاع (البنتاغون).

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه القوة تقوم بتنفيذ جزء من عملياتها عبر الشركات الأمنية الخاصة، وتعمل أحيانا مع الـ"سي آي إيه"، والهدف هو الالتفاف على رقابة مجلس الشيوخ. وتحاشى برينان تقديم أي تقرير عن العملية، لـ ديانا فلنشتاين، رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ. ويقول المسؤول الأمني الفرنسي إن شركات أمريكية أمنية خاصة متمركزة في دولة الإمارات، تقدم المشورة والعون للأجهزة الأمريكية، لتنفيذ عمليات عسكرية وأمنية في مسارح عملياتها التي تشمل العراق وسوريا ولبنان.

ونقلت الصحيفة عن المسؤول الفرنسي الأمني السابق قوله: "كنا نعلم في تلك المرحلة أنهم يحضرون لعملية كبيرة في سوريا. كانوا يعملون على خلق حالة ارتباك كبيرة في قلب دائرة القرار السورية. وكان لكرة الثلج أن تتدحرج من الانفجار إلى الهجوم على العاصمة، من خلال منافذها الجنوبية، لكي ينتشر الذعر في صفوف الجيش، وتتفكك الأجهزة الأمنية. كان الأمريكيون يعتقدون مثلنا بحظوظ مناف طلاس للصعود محل الأسد، فيما كان لوران فابيوس يعينه سريعًا لرئاسة الجمهورية، ولكنهم لم يكشفوا له خطتهم، وكان دور الأجهزة الفرنسية هو إخراجه من سوريا عبر لبنان، فحسب".

واتهمت السفير أوباما بأنه كان على علم بالعملية، لكن لم تصل إلى مسامعه كل التفاصيل. كل ما أراده الرئيس، في مرحلة التحضير للعملية، ألا يكون أي مواطن أمريكي متورطًا مباشرة فيها، فإذا ما اضطر للشهادة مستقبلا أمام أي لجنة في الكونغرس أو غيره فإن بإمكانه القول إنه يجهل كل التفاصيل، لكنه كان على علم بالهدف، وقد وافق عليه. وكان الرئيس الأمريكي على علم باتصالات جرت مع جنرالات سوريين، وبأسمائهم، وبأن الهدف هو إعداد انقلاب عسكري من الداخل.

وأشارت إلى أن الحديث جرى عن إجراء اتصال بـ آصف شوكت، قبل تنفيذ عملية الثامن عشر من تموز/ يوليو. ولكن نائب وزير الدفاع السوري لم يكن خيارًا أمريكيًا. ويقول المسؤول الفرنسي السابق إن "الأمريكيين لا يثقون به، وإنه لا يمكن السيطرة عليه، ومن نفذ العملية في النهاية، لم يكن يعتقد بأنه قد يشكل بديلاً"، فقد تغير الموقف.

وأضافت السفير أنه كان الإعداد قد بدأ عن طريق مسؤول أمني لبناني سابق. وكان الرجل قد ساعد الأمريكيين في الأيام الأولى للأزمة السورية. كانت الأسلحة الآتية من تركيا أو ليبيا، تعبر من مرفأ طرابلس اللبناني، ومنها إلى حمص، تحت أنظار مرؤوسيه، وبرعايتهم، من دون أن يتحرك أحد لوقفها. ويقول المسؤول إن صفقات أسلحة عقدت باسم جهات رسمية لبنانية، لتسهيل تزويد المعارضين بها، كانت تضم صواريخ مضادة للدبابات، لا تدخل عادة في نطاق اختصاصها، ولا تسليحها، لكنها كانت تعبر إلى معاقل المسلحين القريبة من حمص.

وأشارت الصحيفة إلى أن جهات أمنية لبنانية، كانت تعمل منذ العام 2006، على إنشاء شبكة لها في سوريا، وبالتفاهم مع المخابرات الأمريكية والسعودية، وبالتنسيق معها. فبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، يقول معارض سوري بارز: "تلقينا عروضا لإقامة اتصالات مع مسؤول أمني لبناني، قال إنه يعمل بالتنسيق مع بندر بن سلطان". وقال الوسيط، الذي كان يتصل بمعارضين سوريين في الخارج، إنه مكلف من قبل الأمير بندر بن سلطان، رئيس المخابرات السعودية، بتنظيم المعارضة السورية، ودعمها، و"زودنا برقم المسؤول اللبناني، وطلب منا التحدث إليه، وقدم لنا تصورًا سياسيًا متكاملاً، لما ينبغي أن تكون سوريا عليه في المستقبل، مع نصوص دستورية جديدة، وبرنامج عمل سياسي جاهز".

وزعمت السفير أن قيادة العملية اتخذت لها مقرًا في أنطاكيا التركية. أما الجزء المنفذ، فكان يعمل انطلاقا من منطقة الزبداني القريبة من دمشق. وكانت الشبكة قد توصلت مبكرا إلى الاتصال بأحد مرافقي رئيس مكتب الأمن القومي هشام بختيار. ويتحدر المرافق من قرية مضايا، على ما تقوله معلومات عربية. وكان الرجل يملك موافقة أمنية مفتوحة تخوله الدخول إلى المقر، متجاوزًا إجراءات المراقبة والتفتيش المعتادة. وخلال أسابيع كانت الشبكة قد نقلت إلى مضايا، عبر الزبداني، أقراص "سي 4" الشديدة الانفجار، كما أنها نقلت أجهزة التفجير عن بعد. وتدريجيًا، كان المرافق يقوم بإدخالها إلى مقر مكتب الأمن القومي، فيما تولت جهة لبنانية التنسيق بينه وبين مقر العملية والمتابعة في أنطاكيا.

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول إنه "في الثامن عشر من تموز، كانت خطة "بركان دمشق" قد اكتملت، وكانت شبكة الانشقاق قد نضجت. وعندما دوّى الانفجار تحركت المجموعات المسلحة، من قلب العاصمة، لكن الصدمة لم تكن كافية لخلخلة أسس النظام، كما قال مسؤول فرنسي. ومنذ ذلك الحين تخلى الأمريكيون عن أي محاولة جدية لإسقاط النظام. وأبلغوا الجميع بأنهم قاموا بما عليهم، وأن لا سبيل فعلاً للقيام بأي محاولة أخرى"، على ذمة السفير اللبنانية.
التعليقات (2)
(((((((((((((
الأحد، 15-03-2015 08:49 م
مهي زينه
(((((((((((((
الأحد، 15-03-2015 08:49 م
مهي زينه