بورتريه

إبراهيم الجعفري.. حقبة سوداء برائحة الموت والكراهية (بورتريه)

إبراهيم الجعفري
إبراهيم الجعفري
يتقن تقمص الشخصيات بطريقة عبقرية تخدع حتى أصحاب الفراسة والذهن اليقظ.

الجملة عنده صالحة للاستخدام في أكثر من موقف وفي أي زمان وفي أي مكان.

النص على لسانه حمال أوجه وقابل للتطويع والتشكيل والتلوين أيضا.


يتحدث عن "الإرهاب" وعن"الاستراتيجية التي يتبنـاها العراق الجديد"، و"تجنب الدخول في سياسة المحاور"، وأن "ما يجري في العراق  هو حرب عالمية يخوضها العراق نيابة عن العالم".

يحاول قلب الصورة التي انطبعت في أذهان الكثيرين عنه، حين كان رئيسا للوزراء في الفترة الأكثر دموية وسوداوية وضبابية في تاريخ العراق.

الحدث الأبرز والأخطر الذي شهده العراق نتيجة لسياسته الأمنية الطائفية كان تفجير المرقدين العسكريين في سامراء، وما حصل بعدها من إشعال لنار الفتنة الطائفية التي راح ضحيتها مئات الآلاف من أبناء السنة على أيدي مليشيات مقتدى الصدر وفرق الموت التي مارست عمليات تطهير عرقي واسع النطاق.

يتهم من قبل أطراف سياسية عراقية بأنه سمح لمليشيات جيش المهدي بالنفاذ إلى أجهزة الجيش والشرطة وممارسة تصفيات طائفية وسياسية تحت غطاء الدولة وبسلاح حكومي، وفسح المجال أمامهم لممارسة عمليات القتل والتهجير.

وتقول مصادر إعلامية عديدة إنه عمل وبكل دقة وحرفية على تنفيذ المخطط الإيراني في العراق.

وتكشف "الحالة العراقية" عن سياسيين ورجال دين يتقمصون أكثر من شخصية درامية، ويبدلون الأقنعة والوجوه المستعارة، كما لو أنهم كانوا في سيرك أو في حفلة تنكرية صاخبة لا يعرف من هو المضيف ومن هم الضيوف.

إبراهيم الجعفري، المولود في عام 1947  في مدينة كربلاء تحت اسم إبراهيم عبد الكريم بن حمزة الأشيقر ويلقب بـ "الجعفري"، تعود أصول عائلته  إلى قبائل الهزارة الشيعية المنتشرة في أفغانستان، وقسم منهم في باكستان، انضم إلى "حزب الدعوة الإسلامي" أقدم الأحزاب العراقية عام 1966، بعد نحو عشر سنوات على تأسيس الحزب على يد المرجع الديني العالم محمد باقر الصدر الذي سعى إلى تأسيس حزب يقوم على إجراء إصلاح في الفكر الإسلامي وتحديث المؤسسات الدينية، ومارس الحزب نشاطاً داخل العراق حتى حظره في عام 1980.

حصل الجعفري على شهادة الطب من جامعة الموصل في عام 1966، وعمل طبيبا في مدينة كربلاء في الفترة ما بين عامي 1970 و1979، غادر بعدها العراق مع عائلته عام 1980 متوجهاً إلى سوريا، ومنها إلى إيران حتى عام 1990 التي غادرها إلى لندن، ومن هناك أخذ في مناكفة الحكومة العراقية.

انتخب في عام 1980 عضواً في قيادة "حزب الدعوة الإسلامي". و شارك في تأسيس "المجلس الأعلى الإسلامي"، وتصدّى لمسؤولية رئاسة المكتب التنفيذي واللجنة التنفيذية، وانتـُخِب ناطقاً رسمياً لـ"حزب الدعوة الإسلامي".

فقد الجعفري وحزبه أي إمكانية للمصالحة مع حكومة الرئيس الراحل صدام حسين بعد اندلاع ما عرف بـ"انتفاضة الشيعة" جنوب العراق، في أعقاب الحرب التي شنتها الولايات المتحدة لإخراج العراق من الكويت عام 1991، وقتل في المعارك التي دارت بين الجيش العراقي ومقاتلي "حزب الدعوة" وجماعات شيعية أخرى نحو 200 ألف عراقي.

دعا إلى تشكيل "ائتلاف القوى الوطنية العراقية" عام 2002 وطرح الائتلاف حينها ورقة عمل سياسية ركزت على تحقيق أهداف أساسية منها العمل من أجل إسقاط نظام صدام، وتحرير إرادة الشعب العراقي، وإقامة الحياة الحرة الكريمة في العراق على أساس الآليات الديمقراطية، واستيعاب جميع مكونات الشعب، وكان لائتلاف القوى الوطنية أثر بالغ في الأوساط السياسية الدولية والإقليمية المعنية بالشأن العراقي في تلك المرحلة.

هذا الطرح تزامن مع تبني إدارة جورج بوش الابن الملف العراقي الذي أعطته أولوية قصوى، ولم يكن الملف الأفغاني وأسامة بن لادن سوى ملف مفاجئ فُتحت دفتاه دون أن يتوقعه أحد، وما إن فرغت بشكل غير كامل من حكاية 11 أيلول/ سبتمبر عام 2001، حتى عادت إدارة بوش إلى الملف الأساسي في اهتماماتها: العراق. وهكذا عاد قادة ما كان يسمى "المعارضة العراقية" والمنفيون واللاجئون وعدد من الذين لم يكن لهم أي دور داخل العراق أو خارجه مثل أحمد الجلبي إلى دائرة الضوء وموضع اهتمام الإدارة الأمريكية.

رفض "حزب الدعوة" حضور مؤتمرات "المعارضة" وتحفظوا عليها انطلاقاً من رفضهم الحرب من قبل أمريكا على العراق، وطالبوا بدعم المجتمع الدولي والعربي "للمعارضة الوطنية" لمساعدتها في الإطاحة بنظام صدام حسين، غير أن الحزب عاد وناقض نفسه حين عقد مقابلات سرية ومنفردة مع الأمريكان في أواخر عام 2004.

ثم إن الجعفري نفسه رأى "أن المؤسسة العسكرية العراقية الرسمية بريئة من أفعال صدام وطالما حاولت هذه المؤسسة الوطنية الانقلاب عليه"، واعتبر "أن أعضاء حزب البعث، كانوا مكرهين تحت ضغط مرعب ورهيب".

وبدا وكأن ما قيل سابقاً ضمن السياق، ولكن الواقع ناقضه فأول عمل قامت به الإدارة الأمريكية بمباركة وإلحاح من "المعارضة" هو حل الجيش وطرد نحو 400 ألف عسكري عراقي من الخدمة، ومطاردة أعضاء "حزب البعث" أينما كانوا، سواء في بيوتهم أم في مواقعهم الرسمية، وأخذوا بالشبهة.

وذهب الجعفري بعيداً حين رأى "أن صدام حسين لا يمتلك الشجاعة للمقاومة"، وأنه إذا وجد منفذاً للخروج فسيخرج هو وأعوانه بصحبة عائلاتهم. وهذا لم يحدث، فقد بقي صدام وولداه في العراق حتى كانت "معركة الموصل" وسقط فيها قصي وعدي صدام حسين.

وركب الجعفري الدبابة الأمريكية قبل أن يكون الرئيس الأول لمجلس الحكم الانتقالي الذي شكل عام 2003، بوصاية من بول بريمر المندوب السامي الأمريكي في العراق بعد سقوط بغداد. وفي العام التالي شغل الجعفري منصب نائب رئيس الجمهورية.

وتسلم الحكومة مع انتهاء فترة انتداب إياد علاوي الذي حل حزبه ثالثا في الانتخابات العراقية متخلفا عن "الائتلاف العراقي الموحد - قائمة السيستاني"، وشغل المنصب رسميا في  عام 2005 كأول رئيس وزراء منتخب للعراق، وهو المنصب الذي ظل فيه إلى أن خلفه نوري المالكي في عام 2006.

وبعد خلافات عصفت بـ"حزب الدعوة" وتحديدا بين المالكي والجعفري، أعلن الأخير عن انطلاق "تيار الإصلاح الوطني" في عام 2008، الذي شارك في أول موسم انتخابي لمجالس المحافظات في كانون الثاني/ يناير عام 2009.

ونتج عن هذا الانشقاق أن أنهى "حزب الدعوة " ارتباط الجعفري به نهائيا، ورأى الحزب في بيانه "أن تلك الخطوة مثلت إنهاء ارتباط الجعفري بالحزب الذي كان أحد قياداته"، معربا عن أسفه "لهذه الخطوة التي شكلت إنهاء لارتباطه بحزب الدعوة الإسلامية".

وحين أخذ المالكي في التآكل وسقط جيشه سقوطا مروعا أمام "تنظيم الدولة " في الموصل، وبعد أن أزكمت رائحة طائفيته الأنوف، كانت إيران والقوى السياسية العراقية تبحث عن بديل، وهنا أقحم الجعفري اسمه بين الأسماء المرشحة لخلافة المالكي في رئاسة الحكومة، لكن طهران والمرجعية الدينية في كربلاء كانت قد حسمت أمرها باختيار حيدر العبادي (من حزب الدعوة الحاكم) في رئاسة الحكومة العام الماضي، ودخلها الجعفري في منصب وزير الخارجية.

المالكي لا يزال، كما يقول ديفيد كينر في مقال بمجلة "فورين بوليسي"، يقيم مثل بقية النخبة العراقية الجديدة في "فينسيا الصغيرة" وهي منطقة سكنية تتخللها القنوات وتحيط بها الحدائق في جزء من المنطقة الخضراء التي ظلت طوال الاحتلال الأمريكي للعراق (2003– 2011) من أكثر المناطق في البلاد تحصينا.

المالكي الذي أطيح به عن السلطة في أيلول/ سبتمبر الماضي لم يبتعد كثيرا عن السلطة، بل إنه لا يزال يمارس عمله كنائب من نواب الرئيس العراقي الثلاثة. وأكثر من هذا، فالمالكي يقوم بتعزيز صلاته مع إيران والمليشيات الطائفية  التي عادت إلى المشهد السياسي العام الماضي بالتزامن مع دعوة المرجعية الشيعية آية الله علي السيستاني غلى مواجهة "الجهاديين".

ما زال المالكي الأمين العام لـ"حزب الدعوة" الحزب الحاكم، يخطط وبهدوء للعودة إلى السلطة، وهو ما يعني أن الجعفري سيبقى في ظل الرئيس، ذلك الرئيس الذي يستمد شرعيته وديمومته من طهران، فالساسة في العراق الجديد هم أقرب إلى قادة فرق الموت.

وأن يأتي المرء على ظهر دبابة محتل أجنبي ليحكم، فهذا أمر يلصق في واجهة التاريخ كجرح غائر لا يندمل أبدا.
التعليقات (13)
ايهان
السبت، 23-04-2016 02:11 م
من قلة الخيل شدو الچلاب سروجاً ،هذا المثل الشعبي ينطبق على حكومة العراق اليوم،حكومة الملائكي بوجود حفنة من العملاء و القتلة و كذابين الذي ابتلى الشعب بهم و بأحزابهم العميلة و دجالة و نهبوا الخيرات وعملوا الدمار للشعب تحت راية المحتل و المجوس أهل المتعة،
سليم حطحوط
الإثنين، 02-03-2015 12:51 ص
كلامك بيه نوع من الدقه لاكن قتل من الشيعه الالاف قبل ان يرد اي شيعي بمثل ماقام به من يدعون انهم سنه حيث كان هنا متعهدين قتل من افراد حزب البعث ومراتب جيش صدام يتقاضون اكثر من 200دولار للراس الواحد من امريكا والسعودية وبقي ان اقول للانصاف الجعفري اغبى وافشل سياسي للاسف
امير الشمري
الأحد، 01-03-2015 07:14 م
كاتب المقال ليس فقط طائفيا مقيتا وانما فظ لا يحسن الكتابة ولا يعرف معنى السياسة بداء في مقالته يم الجعفري وانتهى بالمالكي وكانهم الوحيدين الذين جاءوا على ظهر الدبابة الامريكية ... الكل جاء على ظهر الدبابة الامريكية ولان هم تحت الحماية الامريكية بما فيهم حكام كل الدول العربية
كاظم العبدالله
الأحد، 01-03-2015 06:51 م
الدكتور ابراهيم الجعفري انضف الشرذمة الذي اتو الى العراق الجريح
A-b
الأحد، 01-03-2015 01:30 م
هذا المقال تسقيطي وطائفي حد النخاع حيث تم فيه تصوير المسلمين الشيعة وحوش كاسرة ومجرمين ولم يذكر كاتب المقال الالاف المؤلفة من ابناء الشيعة اللذين يسقطون بالسيارات المفخخة التي يفجرها الانتحارين من المتشددين السنة وخاصة في أحياء بغداد الشيعية ونحن نرفض كل قتل بمسمى طائفي مهما كان عنوانه وطبعا الجعفري والمالكي والنجيفي والدليمي والضاري والمعممين اللذين يمتهنون الدين سلعة وبضاعة قاموا بتدمير العراق بشريا واقتصاديا ومعنويا والمسؤول الاول هو الذي مكن لهم وهيأ لهم الاسباب وهو صدام حسين طبعا وبدون شك