قبل أقل من عامين، اختطف المطرانان يوحنا إبراهيم (متروبوليت
حلب للسريان الأرثوذكس)، وبولس يازجي (متروبوليت حلب والإسكندرون وتوابعهما للروم الأرثوذكس) في ريف حلب، ليدخلا في 23 نيسان/ إبريل عامهما الثالث.
ونشرت صحيفة الأخبار اللبنانية بهذه المناسبة معلومات عن مستجدات القضية، وحقيقة حال المطرانين، وظروف احتجازهما.
وقالت الصحيفة إن الأنباء تضاربت بشأن ملابسات حادثة الاختطاف والجهة الخاطفة ومصير المطرانين، إلا أن المختلفَ في حالة المطرانين هو أنّ الجهة التي اختطفتهما (وهي عصبة الأنصار) لم تعُد تحظى بسلطة عليهما، حيث إنها قامت بتسليمهما لتنظيم الدولة، بعد فترة قصيرة من وقوع الحادثة، كما أن متزعم الجهة الخاطفة، وهو صالح الأقرع، لقي حتفَه في ظروف غامضة بريف حلب منتصف العام الماضي.
معلومات مؤكدة جديدة
ونقلت "الأخبار" عن مصدر "جهادي مرتبط بتنظيم الدولة" تأكيده أن المطرانين ما زالا بخير، مشيرا إلى أن تعامل التنظيم معهما مختلف عن معظم حالات الاختطاف الأخرى.
وقال المصدر للصحيفة إنّ "مكان احتجاز المطرانين قد تبدّل مرات عدّة، أحياناً لأسباب تتعلّق بالسّريّة، وأحيانًا أخرى توخيًا لإبعادهما عن خطر المعارك والقصف"، مشيرا إلى أن آخر تلك المرّات جاءت بعد أيام من "انحياز الدولة الإسلامية من عين الإسلام (التسمية المعتمدة لدى التنظيم لكوباني)"، حيث نُقلا إلى "منطقة أكثر أمانًا" بعد اقتراب المعارك من مكان احتجازهما.
وكانت معلوماتٌ مؤكدة حصلت عليها «الأخبار» في حزيران الماضي قد أفادَت بأن المطرانين مُحتجزان في مدينة تل أبيض في ريف الرقة الشمالي التي بقيت طويلاً بعيدةً عن نيران المعارك، قبل أن تقترب منها بفعل التراجع المستمر للتنظيم أمام القوات الكرديّة، و«لواء ثوّار الرقة».
ورغم أنّ المصدر امتنعَ عن تقديم أي تفصيل يتعلّق بطبيعة المكان الجديد الذي نُقل إليه المطرانان، فقد أكّد في الوقت نفسه أنّهما "ما زالا على أرض تابعة لدولة الخلافة، بعيدةٍ عن مناطق المعارك الأخيرة".
وخلافاً لبعض المعلومات التي تروج بين فترة وأخرى، يؤكد المصدر أنّ صحّة المطرانين جيّدة، ويقول، إن "أحدهما يحتاج إلى أدوية بنحو دوري، وهو ما زال يحصل عليها بانتظام". ومن المرجّح أن المطران المذكور هو المطران يوحنا إبراهيم، الذي يعاني من أمراض في القلب، ومن ارتفاع في نسبة الكوليسترول، وارتفاع في ضغط الدم، ما يجعله بطبيعة الحال في حاجة إلى إشراف صحي مستمر.
جهود ومصاعب
وقالت الصحيفة إن آخر الجهود التي علمتها لإطلاق سراحهما كان تشكيل لجنة بإشراف البطريرك أفرام الثاني (بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس) لمتابعة القضيّة، كان من أبرز أبرز أعضاء اللجنة الكاهن السرياني المقيم في ألمانيا الأب صموئيل غوموش (من سريان تركيا)، وضمت اللجنة عددًا من المغتربين السريان.
وأضافت الصحيفة أنّ بعض "السماسرة" تواصلوا مع اللجنة، زاعمين امتلاكهم «معلوماتٍ يمكن أن تؤدي إلى الإفراج عن المطرانين»، وطالبوا بمبلغ يُعادل مائة ألف دولار ثمنًا للمعلومات، وطالبتهم اللجنة بتقديم دليلٍ ملموس مثل "الإجابة عن أسئلة معيّنة لا يعرف إجابتها سوى المطرانين شخصيا"، لكنّ السماسرة لم يُقدّموا أي إجابةً في هذا الشأن، لتتوقف الاتصالات عند هذا الحد.
ورغم صعوبة التكهن بأيّ إجراء يتخذه التنظيم، فإن طريقة تعامله مع حالة المطرانين حتى الآن تجعلُ فُرصَ الوصول إلى نهاية ما زالت قائمة، إذ إن الصحيفة قالت إنه من "المُرجح أن التنظيم يعتبر المطرانين واحدةً من فرص الحصول على تمويل مالي، خاصة أنّ الفدية الماليّة تبدو مطلباً أساسيّاً وسبيلاً شبهَ وحيد للوصول إلى صفقة".
وأضافت "الأخبار" أن الملف يرتبط بصعوبات كثيرة، مثلَ عدم توافر وسطاء موثوقين، وتعذّر الإفصاح عن أي اتفاق يؤدي إلى حصول التنظيم على فدية مالية، فضلاً عن حرص كل الجهات الإقليمية والدولية على تحاشي الظهور في مظهر من يمتلك اتصالات وعلاقات مع
تنظيم الدولة.
يذكر أن المدّة التي انقضت على اختطاف المطرانين حتى الآن هي الأطول بين قضايا الاختطاف الشهيرة في الحرب السورية (راهبات معلولا ثلاثة أشهر وبضعة أيام، والناشطتان الإيطاليتان خمسة أشهر، ومخطوفو أعزاز 17 شهرًا، والأب باولو دالوليو 19 شهرًا حتى الآن...).