بتوجيه ضربات لتنظيم الدولة في
ليبيا، يضع الرئيس
المصري عبد الفتاح
السيسي نفسه في موضع الحليف للدول الغربية في مكافحة المسلحين، ما يغطي على القمع الذي يمارسه ضد المعارضين في بلاده، بحسب خبراء.
وقد أثار السيسي الدهشة ولفت الأنظار بإرساله طائراته الحربية لقصف مواقع تنظيم الدولة في ليبيا، بعد بضع ساعات فقط من إعلان ذبح 21 مصريا مسيحيا.
وقال مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنه بعد رد الفعل السريع للسيسي "ستتغير بالتأكيد صورته في الغرب".
ووضع السيسي الثلاثاء نفسه على الخط الأول "للحرب على الإرهاب"، بطلبه من مجلس الأمن إصدار قرار يتيح تدخلا دوليا في ليبيا.
وقال السيسي في مقابلة مع إذاعة "أوروب1" الفرنسية: "لا يوجد خيار آخر"، وإلا فإن هذا البلد سيتحول إلى "بؤرة" للإرهاب وسيهدد ليس فقط مصر وإنما "حوض البحر المتوسط وأوروبا".
وتابع السيسي بأن بلاده اشترت طائرات "رافال" من
فرنسا لأن خطر الجماعات الجهادية يحيط بها في المنطقة، مشددا على أن مصر "بحاجة إلى معدات متطورة يمكن أن تصل إلى أماكن لا يمكن أن نصل إليها بمعداتنا الحالية".
وبعد أن ظلت العواصم الغربية لفترة تقاطع السيسي الذي انقلب في تموز/ يوليو 2013 على الرئيس محمد مرسي المنتخب ديموقراطيا وقمع تظاهرات أنصاره، فقد اضطرت إلى الإقرار بأنها لا تستطيع عزل البلد العربي الأكبر والأفضل تسليحا في الوقت الذي يكسب فيه تنظيم الدولة أرضا في المنطقة.
واستأنفت واشنطن، المصدر الرئيس لتسليح الجيش المصري، في العام 2014 جزءا من مساعداتها العسكرية لمصر التي تبلغ 1.3 مليار دولار سنويا بعد أن جمدتها في تشرين الأول/ أكتوبر 2013، احتجاجا على انتهاكات حقوق الانسان.
واستقبلت فرنسا وإيطاليا ودول أخرى، السيسي بالترحاب في حين تعتبره منظمات حقوق الانسان الدولية رئيسا لواحد من أكثر الأنظمة قمعا في العالم.
وببيعها طائرات مقاتلة من طراز "رافال" لمصر الاثنين، فقد تبنت فرنسا هذه "السياسة الواقعية"، وقال وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان، إن السيسي "انتخب ديموقراطيا".
ولكن التدخل في ليبيا يفتح جبهة جديدة للجيش المصري الذي يجد صعوبة في مواجهة المسلحين الموالين لتنظيم الدولة الذين يقومون بهجمات مدوية على قوات الجيش والشرطة في مصر، مؤكدين أنها رد على قمع أنصار مرسي.
وبالنسبة للخبراء، فإن الحملة في ليبيا تتيح للسيسي التغطية على هذا القمع، بل تبريره، وكان قد أوقع 1400 قتيل على الأقل (في الروايات المتواضعة)، وأدى إلى توقيف ما يزيد على 15 ألف شخص.
ويقول هشام هيلر، من معهد بروكينغز، وهو مركز بحثي مقره واشنطن، إن "الانتقادات للسيسي بشأن ملف حقوق الإنسان والحريات العامة يمكن أن تُنحّى جانبا"، في الوقت الراهن وأن تعطى الأولوية لمكافحة الإرهاب.
وتقول السلطات المصرية، إن جماعة الإخوان تربطها صلات بالمجموعات الجهادية، من دون أن تقدم دليلا على ذلك.
ويتبنى تنظيم "أنصار بيت المقدس" الذي أعلن مبايعته لتنظيم الدولة وأطلق على نفسه اسم "ولاية سيناء" الاعتداءات على الجيش والشرطة المصريين.
ويضيف هيلر أنه "حتى وإن كان قد نوّع حلفاءه من خلال إقامة علاقات مع روسيا والصين وفرنسا، فإن العملية في ليبيا، ستساعد بقوة على الرفع النهائي للعقوبات الأمريكية المفروضة على مصر".
وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، سلمت واشنطن مصرَ عشر مروحيات "أباتشي"، بعدما علقت لشهور إرسالها إلى الجيش المصري، بسبب تجميد جزء من المعونات الأمريكية، احتجاحا على انتهاكات حقوق الإنسان.