سياسة عربية

البيعة.. نظام لمواجهة الصراعات بين الأمراء في السعودية

البيعة.. نظام لمواجهة الصراعات بين الأسرة المالكة في السعودية - أرشيفية
البيعة.. نظام لمواجهة الصراعات بين الأسرة المالكة في السعودية - أرشيفية
شهدت الأسرة الحاكمة السعودية في العقود الثلاثة الماضية منافسات محتدمة بين تيارين أساسيين داخل العائلة، وهما السديريون وغير السديريين.

فبعد وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، ومبايعة الأمير سلمان بن عبد العزيز ملكاً للبلاد، وتعيين الأمير مقرن بن عبد العزيز ولياً للعهد، هل من الممكن أن تظهر هذه المنافسات والاختلافات على السطح.

 فحينما تولى الملك الراحل عبد الله زمام الأمور، كان يعلم أن تفاقم الخلافات بين التيارين المتصارعين على السلطة تهدد كيان حكم آل سعود بأسره، لذلك سعى إلى إيجاد توازن في السلطة، ووضع قواعد يتم وفقها تداول السلطة بسلمية لاجتناب الصراعات الفتاكة داخل الأسرة الحاكمة.

فبحسب شورى البيعة التي أصبحت قوانينها نافذة في العام 2007، ووضع أسسها الملك عبد العزيز آل سعود، فإن السن هو المعيار الذي يتم على أساسه تعيين الملك.

فمقر هذه الشورى هو مدينة الرياض، وتعقد اجتماعاتها خلف أبواب مغلقة في الديوان الملكي بأمر من الملك، وأعضاؤها جميعاً مكلفون بالتكتم على النقاشات التي تحدث في تلك الاجتماعات، ولا بد لهم من الحضور في الاجتماعات كلها، وتصبح مقرراتها نافذة بحضور ثلثي الأعضاء وبحضور رئيسها أو نائبه، وأما رئيسها فهو أكبر أحفاد عبد العزيز سناً، ونائبه أيضاً أقل منه سناً وأكبر من سائر الأعضاء.

يتم اتخاذ القرارات النهائية بأغلبية الأصوات وعند تساوي هذه الأصوات يكون القول الفصل لرئيسها، وحين موت الملك فإن أعضاءها مكلفون بالإقرار بالبيعة لولي العهد وتنصيبه ملكاً للبلاد لكن تعيين ولي العهد منوط للملك نفسه وبإمكانه طلب الاستشارة من شورى البيعة في هذا الصدد، وله صلاحية اقتراح ثلاثة أشخاص ليتم اختيار أحدهم، وعند رفض الشورى لهم ثلاثتهم يجب على أعضائها حينئذ تقديم مرشحهم، وعندما يرفض الملك هذا المرشح يتم الاقتراع حول مرشحي الجانبين ويحسم الأمر لمن يحصل على أكبر عدد من الآراء.

وبما أن أولاد عبد العزيز هم الأكبر سناً من غيرهم وغالبيتهم يعانون أمراضاً فتاكة، فقد أشارت مقررات الوثيقة المذكورة إلى بعض المقررات الطبية على هذا الصعيد؛ فمن جملة مقرراتها لو أن الملك تعرض لمرض عضال، أو أن الملك وولي العهد ماتا في آن واحد، سوف توكل الأمور إلى شورى مؤقتة، وشورى البيعة بدورها مكلفة باختيار أحد أولاد عبد العزيز في مدة أقصاها سبعة أيام.

تهدف السلطة من وراء سن هذا القانون لفرض الاستقرار ومواجهة الحالات الطارئة كالصراعات الداخلية التي يستبعد الكثيرون السيطرة عليها، في حال حدوثها أو ظهورها للعلن، وهو بمنزلة صمام الأمان لمستقبل العرش السعودي.

لكن بعض الخبراء والمراقبين للشأن السعودي، يعتقدون أن هذه الشورى تعقد الأمور في المملكة بدلاً من حلحلتها؛ كونها تتسبب في إيجاد تكتلات وتيارات سياسية متناحرة على السلطة، لذلك هي عاجزة عن حل مشاكل انتقال السلطة.

يقوم البناء التنظيمي للمؤسسة الملكية السعودية على تركيبة تراتبية، يراعى فيها الصراع والتنافس داخل العائلة فقط، حيث هي كالتالي، الملك ثم الأشقاء ثم الإخوة ثم الأبناء ثم باقي العائلة، ومن خلال هذه التركيبة الفريدة يتم توزيع المناصب الحساسة والمراكز المهمة بين أفراد العائلة، ومن خلالها أيضاً يتم تقاسم الغنائم والمخصصات التي تجنيها العائلة من موارد الدولة ومن كل صفقة تتم.

 فهنالك أكثر من ثلاثين فرداً من أبناء الملك عبد العزيز لهم المستوى نفسه، والرتبة نفسها، ومتقاربون في العمر يطمحون في العرش أو تسلم مناصب عليا على أقل تقدير. 

فيما يغيب الجيل الثاني وهم الأحفاد عن هذا الصراع الفعلي على السلطة والعرش. لذلك فهؤلاء هم بمنزلة الرقم السهل في المعادلة طيلة العقود الماضية، الأمر الذي جعلهم يتسابقون في تكديس الثروة وجني الغنائم.

اختلف عدد من الخبراء، والمحللين السياسيين، حول طبيعة انتقال السلطة في السعودية، فبينما أكد البعض أن التنافس بين الأمراء الشباب سيجعل عملية انتقال السلطة المقبلة خشنة وصعبة، رأى آخرون أن الوضع السياسي في السعودية مستقر، ولا يوجد قلق بشأن عملية تداول السلطة.

وطبقاً للمادة الخامسة من الدستور السعودي، فإن نظام الحكم في المملكة العربية السعودي ملكي، ويكون الحكم في أبناء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود وأبناء الأبناء، ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

كما يختار الملك ولي العهد ويعفيه بأمر ملكي، حيث يكون ولي العهد متفرغاً لولاية العهد، وما يكلفه الملك من أعمال، ويتولى ولي العهد سلطات الملك عند وفاته حتى تتم البيعة.
التعليقات (0)