ملفات وتقارير

الأردنيون يتأرجحون بين خيارات الغاز والكاز والكهرباء

خيارات المواطن الأردني في مجال التدفئة أصبحت محدودة - تعبيرية
خيارات المواطن الأردني في مجال التدفئة أصبحت محدودة - تعبيرية
يبحث ماجد (52 عاما) في محل تصليح المدافئ (الصوبات) عن قطع غيار لمدفأة الحطب التي تعطلت بعد استخدامه القوارير البلاستيكية وقودًا لها على مدار عدة أعوام.

ماجد الذي يعمل بائعا للخضار في مدينة إربد (شمال الأردن)، دفعه ارتفاع فاتورة الطاقة لابتكار أساليب جديدة لتأمين الدفء، بعد أن شل الرفع المستمر لأسعار المحروقات قدرة مواطنين أردنيين على تحمل فاتورة الطاقة التي تستهلك نصف موازنة الأسرة.
 
وتنشط في شمال المملكة سوق مدافئ الحطب بعد ارتفاع أسعار التعرفة الكهربائية ومضاعفتها على من يستهلك أكثر من 600 كيلو واط شهريا بنسبة 15%، وانتشرت معامل صغيرة في سوق الحدادة بالمدينة لإنتاج هذه المدافئ التي لا تتعدى كونها فرنا صغيرا مزودا بمدخنة طويلة.
 
ويلجأ ماجد ككثير من الأردنيين لإذكاء نار مدفأته بالأحذية القديمة والكتب والبلاستيك وأغصان الأشجار بعد ارتفاع الأسعار الذي طال الحطب ومادتي الغاز والكاز والسولار.
 
خيارات المواطن الأردني في مجال التدفئة أصبحت محدودة بعد  تحرير سوق المحروقات ورفع الدعم الذي بدأ منذ نهاية عام 2007، عقب اشتراطات صندوق النقد الدولي التي فرضها على الأردن ليتمكن من الحصول على قرض بقيمة ملياري دولار، والتي اعتبرت دعم المحروقات والسلع في موازنة الدولة "من التشوهات الاقتصادية". 
 
الخبير الاقتصادي حسام عايش، يرى أن "فاتورة الطاقة تستهلك ما نسبته 25% من دخل الموظف الأردني الذي لا يزيد متوسط راتبه على 500 دولار في معظم الأحيان، ما يجبر أردنيين على شد الأحزمة واختصار الاتفاق على التغذية والصحة لتوفير الطاقة".
 
يقول عايش في حديث لـ"عربي21"، إن "الإنفاق على الطاقة لدى الأسرة الأردنية بات هاجسا حقيقيا، أدى للضغط على النفقات الأخرى كالإنفاق على الصحة والغذاء، وباتت أسر أردنية تلجأ لاختيار أصناف غذائية أقل جودة بغية توفير النقود لصرفها على التدفئة، ما  انعكس أيضا على الصحة، إذ كثرت حالات استنشاق ثاني أكسيد الكربون بسبب استخدام المواد البلاستيكية وغيرها في بعض المدافئ، وتجمع أفراد في غرفة واحدة".
 
وينصح الخبير الاقتصادي المواطن الأردني باللجوء لوسائل التدفئة التي تعمل على الغاز والكاز والسولار، بعد انحدار سعر برميل النفط الذي وصل إلى 70 دولارا، "في مقابل ارتفاع أسعار الكهرباء بنسبة 15% على الشريحة التي تستهلك أكثر من 600 كيلو واط شهريا".
 
وتشير دراسة اقتصادية لهيئة تنظيم قطاع الكهرباء، إلى أن مدافئ الكهرباء هي الأكثر كلفة على الإطلاق بين وسائل التدفئة المستخدمة في الأردن. كما أن الدراسة التي كانت بعنوان "استخدام صوبات الكهرباء ومقارنة كلف تشغيلها مع أنظمة التدفئة الأخرى"، أظهرت أن كلفة التدفئة بالغاز والكاز هي الأقل، تليها كلفة أنظمة التدفئة المركزية، وفقا للأسعار الحالية للكهرباء والمشتقات النفطية.
 
وزير الطاقة الأردني محمد حامد، يتفق مع المحلل الاقتصادي، بأن الخيار الأوفر لجيب المواطن في الوقت الحالي هو المشتقات النفطية قائلا لـ"عربي21": "أنا أفضّل استخدام الغاز والكاز كون تعرفة الكهرباء ارتفعت على الشرائح العليا، وعمليا عاد الطلب على مادة الكاز بالارتفاع مقارنة بالأعوام الأخرى التي شهدت طلبا على الكهرباء والغاز، فقد استهلك الأردنيون هذا الموسم 64 طنا من مادة الكاز".

وبلغ حجم الطلب على الكهرباء خلال الشهر الجاري 2900 ميجا واط، في الوقت الذي تبلغ فيه قدرة شركة توليد الكهرباء على إنتاج 3800 ميجا واط شهريا، ويستهلك الأردنيون 180 ألف أسطوانة غاز يوميا في الأجواء الماطرة، وبإمكان مصفاة البترول الأردنية أن تزود المستهلك بـ220 ألف أسطوانة يوميا، حسب الوزير.

ويأتي تأرجح المواطن الأردني بين الكاز والغاز والكهرباء، بعدما ألغت الحكومة الدعم الكامل عن المحروقات في تشرين الثاني/ نوفمبر لعام 2012، الأمر الذي رفع أسعارها بنسبة وصلت إلى 35% للغاز المنزلي، حيث ارتفع سعر الأسطوانة من 6.5 دينار إلى 10 دنانير، بينما ارتفع سعر البنزين بنسبة 20%.

سياسات اقتصادية وسعت شريحة الفقراء وجيوب الفقر في الأردن، وأعادت ترتيب الأولويات للأسر الأردنية، حيث تشير نتائج تقرير الفقر في الأردن الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة إلى ارتفاع قيمة خط الفقر المطلق (الغذاء وغير الغذاء) لتبلغ  1150 دولارا للفرد سنويا، وبلغ خط الفقر المدقع (الغذاء) 500 دولار للفرد سنويا.

وأدى تحرير الدعم إلى ظهور طبقات اجتماعية جديدة هبطت دون خط الفقر والفقر المدقع، وعجزت عن توفير الدفء، ما شجع على نشوء مبادرات شعبية لـ"جلب الدفء" وجمع التبرعات "لتدفئة الفقراء من الأردنيين". ومن هذه الحملات ما تعمل على جمع الملابس الشتوية والبطانيات والمدافئ المستعملة وتوزيعها على الفقراء.

ضياء الخزاعلة وفرح مصلح، شباب أعضاء في حملة يطلق عليها اسم "احنا جينا"، تهدف لتدفئة 100 أسرة فقيرة في لواء ذيبان في محافظة مادبا (مدينة تحوي جيوب فقر)، وتعمل الحملة على جمع التبرعات العينية المتعلقة بالدفء من بطانيات وملابس شتوية وتوزيعها على المحتاجين.

يقول الخزاعلة لـ"عربي21": "بدأت فكرة الحملة من شعورنا كشباب أردنيين بمعاناة المواطن، لذا قررنا تشكيل فريق من المتطوعين يصل إلى 120 شخصا لمساعدة المحتاجين مع بداية الشتاء تحت مسمى "احنا جينا و جبنا الدفا".

وتبرز كل موسم شتاء حملات من هذا القبيل تقوم بجمع الملابس والأغطية وطرود الخير، لتغطي احتياجات قليلة لأسر أردنية تقبع تحت خط الفقر.

وتشير أرقام المجلس الاقتصادي والاجتماعي (مؤسسة حكومية)، إلى أن 80% من الأردنيين يعيشون تحت مستوى خط الفقر (96 دولارا شهريا للفرد)، وأن الثروة في المملكة الأردنية تتكدس لدى طبقة من الأغنياء لا تتجاوز نسبتهم 9 في المئة من المواطنين، بينما يقول وزير المالية السابق محمد، أبو حمور إن نسبة المواطنين الذين دون خط الفقر المدقع (40 دولارا شهريا للفرد) وصلت إلى ما يقرب من 39% من عدد السكان.
التعليقات (0)