كتاب عربي 21

هل يتحول حلم أوباما إلى كابوس لنا؟

علي باكير
1300x600
1300x600
في مقالي الأخير عن سياسة أوباما تجاه إيران، ذكرت أنّ الثابت الوحيد في كل المتغيرات المتعلقة بفشل أوباما في السياسية الخارجية تجاه روسيا والصين وعملية السلام الفلسطينية- الإسرائيلية والثورات العربية هو مواصلة المفاوضات مع إيران، لا بل والإصرار على التوصل إلى اتفاق معها.

فشل أوباما في كل مبادراته الخارجية يعد عاملا إضافيا بالنسبة له للتمسك بالمفاوضات مع إيران، فهو يعتبر أن تحقيق صفقة معها سيكون بمثابة انتصار يغطي على كل إخفاقاته الخارجية ويفتح آقاقا جديدة للولايات المتحدة.

مع نهاية هذا الشهر  (24 نوفمبر) سيتّضح إذا ما كان بالإمكان عقد صفقة أمريكية مع إيران أم لا. يقول نائب مستشار الأمن القومي الامريكي بين رودز إنّ "التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران يعد أولوية قصوى بالنسبة إلى البيت الأبيض، فهذه أفضل فرصة نحصل عليها على الإطلاق". بين رودز هذا شارك سابقا في مجموعة عمل العراق لعام 2006، وقد نصّ تقريرها حينه على ضرورة الانخراط مع إيران وسوريا بدون شروط مسبقة، ولعل توصيفه بالذات هو ما يجعل أوباما يغض النظر تماما عن التوسع الإيراني في المنطقة الممتدة من شمال شرق البحر المتوسط في سوريا وحتى باب المندب الذي يربط خليج عدن بالبحر الأحمر في اليمن، ومن ضمنها لبنان والعراق. إذ لا يمكن تفسير الصمت الأمريكي على هذا التوسع الجارف للنفوذ الإيراني وربما المشاركة في تحقيقه أحيانا أو منع جهود تقويضه (كما تفعل سياسة أوباما في سوريا والعراق على سبيل المثال) إلا من باب أنّه يعد محفّزا على التوجه نحو الصفقة.

بمعنى آخر، يبدو أنّ إدارة اوباما قررت الانتقال من عدم فعل أي شيء من شأنه أن يعطي مبررا لإيران لرفض أي اتفاق أو صفقة خلال السنوات الست الماضية إلى القيام بخطوة أولى تتضمن إعلان نوايا حسنة إزاء الاعتراف بنفوذ ومصالح إيران في الدول العربية في مقابل موافقة طهران على عقد الصفقة، ولذلك نلاحظ أن تلك الخطوة تتضمن أيضا عدم الإقدام على أي خطوة من شأنها أن تعكس مقاومة لنفوذ إيران أو ربما تهدده، وما سياسة الإبقاء على الأسد إلا أحد مظاهرها من وجهة النظر هذه 

ليس هذا فقط، فقد صدر في سبتمبر الماضي تقرير عن مكتب المحاسبة الحكومي (GAO)  عن مكافحة الإرهاب يشير إلى أن استراتيجية مواجهة تهديدات إيران في النصف الغربي من العالم تعاني من ثغرات يجب على وزارة الخارجية تداركها، وقد علّق الان بيرمان نائب رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي على الوضع قائلا بأنه نتيجة سياسة أوباما الذي يتجاهل المخاطر الإيرانية عمدا للحصول على موافقة طهران لعقد صفقة. أوباما مستعد حتى لتجاوز الكونغرس لمنعه من إفشال صفقة حال شعر أنّها ستحصل وأن الكونغرس قد يعارضها كما ذكرت بعض المصادر الأمريكية.

يرى البعض أن أوباما كان حريصا منذ مجيئه إلى البيت الأبيض على تطمين إيران وتبديد مخاوفها، ولهذا يتم تفادي إثارة أي موضوع من شأنه أن يسبب مشكلة لإيران في المفاوضات، كالصواريخ البالستية أو حقوق الانسان أو حتى دعم الأسد، ولهذا تغاضى أوباما عن الإطاحة بالأسد بالرغم من خرقه خطوطه الحمر مرات عديدة. هذه القرارات لا تتخذ في ضوء مصالح الأمن القويم الأمريكي بقدر ما هي تجليات لإبقاء حلم أوباما في التوصل إلى اتفاق مع إيران قائما.

 ويتابع هؤلاء القول "أوباما عاجز عن إقناع الإيرانيين بقوة موقعه، لذلك فإنه سيتقرب قدر الإمكان من إيران، ولأنه عاجز عن أن يجعل إيران مؤيدة لأمريكا، فإنه يعمل على أن يجعل أمريكا مؤيدة لإيران"!!.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا، إذا ما تم التوصل فعلا إلى مثل هذا الاتفاق، كيف سينعكس ذلك على نفوذ وسلوك إيران في المنطقة؟ وإذا كانت إيران قادرة على التوصل إلى مثل هذه الاتفاقات وضمان مصالحها ونفوذها وهي في هذا الوضع، فكيف سيكون عليه الوضع عندما تتحرر من هذه القيود والضغوظ؟. ولكن في المقابل، ماذا إذا فشلت المحاولة الأميريكية أو ربما توصلت إلى اتفاق مختلف مع طهران لا يعترف فقط بمصالحها ونفوذها على حسابنا ولكن يتيح لها أيضا القدرة على مواصلة برنامجها النووي بشكل غير مباشر؟ لن يطول الأمر بنا حتى نعرف الأجوبة على هذه الأسئلة.
التعليقات (0)