مقابلات

عماد الدايمي: ما زلنا في تنافس مع رموز نظام بن علي

أمين عام حزب المؤتمر التونسي عماد الدايمي - عربي21
أمين عام حزب المؤتمر التونسي عماد الدايمي - عربي21
أكّد عماد الدايمي، الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، أحد أحزاب الترويكا الائتلافية، استبعاد رموز المنظومة السابقة التي حكمت تونس وقامت ضدّها ثورة من المشهد السياسي بعامة ومن السباق الانتخابي بخاصة، من خلال صندوق الاقتراع. 

ورفض الدايمي في حوار خاص مع "عربي21"، أن يكون حزبه جزءا من أيّ حكومة ائتلافية قادمة تضمّ وجوها من المنظومة السابقة أو من أحزاب مرتبطة بمنظومة حزب "التجمع" المنحل، معتبرا أنّ الانتخابات التشريعية القادمة ستكون لصالح المؤتمر بنسبة كبيرة، وأنّ الدكتور المرزوقي يتمتّع بأوفر الحظوظ للفوز في الانتخابات الرئاسية.

واعترف أمين عام حزب المؤتمر، حزب الرئيس الدكتور محمد منصف المرزوقي، بوجود نواقص في الحكم الائتلافي بسبب اختلال التوازن داخل التحالف الحاكم وتغوّل الشريك الحاكم (حركة النهضة)، ما أدّى الى حصول أخطاء عديدة أضعفت الترويكا. 

وفيما يأتي نص الحوار:

•  المؤتمر من أبرز الأحزاب التي تصرّ على تحصين الثورة، لكن سقط قانون العزل السياسي واليوم عاد رموز حزب "التجمع" المنحل ونظام بن علي إلى الحياة السياسية من الباب الكبير.. فما تعليقكم؟

- يؤسفنا حقيقة أن نتنافس مع رموز المنظومة السابقة الذين ثار ضدّهم التونسيون بسبب غياب الإرادة من الآخرين. فمشروع تحصين الثورة الذي قدمناه أمام المجلس الوطني التأسيسي ظللنا لوحدنا ندافع عنه. نحن اليوم في تنافس مغشوش مع وجوه كان من المفترض تحييدها عن المشهد السياسي بقوة القانون، وكان هذا من استحقاقات الثورة، ولكن بسبب تردّد بعض القوى السياسية وتخوّفهم غير المبرّر من ردود أفعال هؤلاء لم نتمكن من تمرير هذا القانون. وكان بودّنا أن يكون لدينا عدد أكبر من النوّاب، لكُنُّا مرّرنا هذا القانون وغيره من القوانين الثورية التي ظلّ أغلبها في رفوف رئيس المجلس الوطني التأسيسي مثل قوانين تدقيق المديونية وتطهير القضاء ومكافحة الإثراء غير المشروع، ولطوينا صفحة الماضي، لننطلق في بناء المستقبل من دون الاعتماد على وجوه جربناها في الماضي و ثار ضدّها التونسيون.

• كيف تقيّمون فترة حكم الترويكا الائتلافية مع حركة النهضة وحزب التكتّل؟

- نحن في حزب المؤتمر مقتنعون بأننا قمنا بما يتوجّب القيام به. فتجربة التحالف الائتلافي الذي قاد البلاد طيلة الفترة الانتقالية كانت ضروريا من أجل المحافظة على المسار الديمقراطي، ونحن غير نادمين على خوض التجربة ومستعدون لإعادتها ولكن بضمانات أكبر. لقد نجحنا في تحديد رقعة المشترك بين مختلف الأحزاب والمكونات، كما وُفقنا في الوصول إلى نص مقبول للدستور، وطبعا لا بدّ من أن نأتي أيضا على النواقص التي شهدها التحالف باعتبار أنّه ليس لدى أحزاب الترويكا تجربة حكم سابقة، وباعتبار أنّ الحكم الائتلافي يكون صعبا خاصة في المراحل الانتقالية. لقد حصلت نواقص عديدة تمثلت في غياب أطر تطبيق التعهدات المشتركة وضعف التوازن داخل التحالف الحاكم ونية تغوّل من الشريك الحاكم (حركة النهضة)، ما أدّى إلى حصول أخطاء عديدة في الأداء أضعفت الترويكا الحاكمة. 

• ما هي أبرز معالم مشروع حزب المؤتمر الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للفترة القادمة؟

- لدينا برنامج اقتصادي واجتماعي طموح وواقعي في الآن ذاته. لقد استفدنا من المرحلة الانتقالية في مؤسسات الدولة الثلاث، التأسيسي والرئاسة والحكومة. لذلك جاء برنامجنا في هذه المرحلة الانتخابية معتمدا على معطيات دقيقة معرفة شاملة، وهو يتلاءم مع أولويات المرحلة القادمة التي تتعلق بإصلاح هياكل الدولة وبمحاربة الفساد ومزيد الحوكمة والشفافية في تسيير مؤسسات الدولة وإصلاح المنظومة القضائية، وتحقيق الأمن الغذائي وتحقيق الأمن في مجال الطاقة وإدماج التجارة الموازية في الاقتصاد الوطني وتكثيف العمل على تعميم جودة الصحة التعليم، وعلى تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية، ووضع الأسس السليمة للاقتصاد التضامني الذي يهدف إلى إخراج مليوني تونسي من الفقر.

• هل لديكم مقاربة لعلاج ظاهرة الإرهاب؟ 

- نرى أنّ معالجة هذه الظاهرة المعقدة لا تكفي فيها المعالجة الامنية لذلك يقدّم حزب المؤتمر رؤية متكاملة فيها حلول متوسطة وطويلة المدى تتضمّن خطوات محدّدة في المجال الثقافية كنشر الثقافة الوسطية والمحافظة على الحريات لكل الفئات والابتعاد على التجاوزات الامنية كي لا نُوجد مناخات ملائمة للإرهاب في تونس. ولدينا أيضا تصور لطوير أداء المنظومة الأمنية والاستعانة بالوسائل التقنية وتدعيم التكوين واحترام حقوق الإنسان والتعامل مع الموقوفين. ونرى من الضروري إطلاق حوار مع الشباب الذي وقع التغرير به. 

• ألا تعتقدون أن المال السياسي سيرجح كفّة القائمات التي ستفوز في تشريعية 2014؟

- نعتبر أن تزوير إرادة الناخبين لن يكون في صندوق الاقتراع أو عند احتساب الأصوات باعتبار ثقتنا الكبيرة في الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، كما أنّه لن يكون ذلك ممكنا في ظل الرقابة الكبيرة التي تمارسها الأحزاب. لكن التزوير الحقيقي يحدث قبل ذلك ونعني في فترة الحملة الانتخابية. فقد لمسنا في هذه الأيام محاولات لشراء ذمم التونسيين بالمال السياسي الفاسد والتأثير على ضعاف الحال وقدمنا إفادة بخصوص ذلك لهيئة الانتخابات. وعموما، شعبنا اكتسب وعيا سياسيا يمكّنه من تمييز الغثّ من السمين ولا يقبل بأن يبيع صوته مقابل المال الفاسد، وحظوظنا هذه المرّة للفوز بنسبة محترمة في الانتخابات أكثر من انتخابات 2011. 

• ماهي حظوظ مؤسس والرئيس الشرفي لحزب المؤتمر الرئيس المرزوقي للفوز في رئاسية 2014، خاصة أمام منافسة كبيرة من مرشّحي العائلة الدستوريّة والتجمعيّة وغيرهم؟

- يدخل  الدكتور منصف المرزوقي، مرشّح حزب المؤتمر، في الانتخابات الرئاسية بأوفر الحظوظ. وهذا ما لمسناه خلال تنقلاتنا بمختلف مناطق تونس وبالخارج، وهذا على اعتبار وجود قناعة كبيرة لدى قطاعات من التونسيين من أنه قام بدور كبير في الحفاظ على مؤسّسات الدولة وعلى المسار الديمقراطي والاستقرار في أشد الفترات حساسية. نحن تعتبر أنه الأوفر حظّا للفوز، كما أنّ التنافس مع المنظومة القديمة لا يخيفنا، فالتونسيون جربوا رموز نظام بن علي السابق، لكن هؤلاء فشلوا وقامت الثورة ضدّهم، وهم اليوم لا يمكنهم أن يحافظوا على سيادة البلاد وعلى السقف العالي من  الحريات.

• هل تعتبرون أنّ الرئيس الشرفي لحزب المؤتمر محمد منصف المرزوقي هو الرئيس "التوافقي" الذي سيحظى بدعم حركة النهضة؟

- فعلا سيحظى الدكتور المرزوقي بالتفاف من قطاعات واسعة من التونسيين. كما أنه سيحظى بثقة المنتمين إلى حزب حركة النهضة وأحزاب أخرى، فالأمر يتخطّى الانتماءات الحزبية. فالتصويت في الانتخابات الرئاسية يرتبط بالخيار الشخصي بعيدا عن مواقف قيادات الأحزاب، على عكس التشريعية التي يكون فيها الانضباط الحزبي أساس عملية التصويت.
 
• ما موقفكم بخصوص موضوع التزكية المزوّرة ودرجة تأثير ذلك على شفافية الانتخابات؟

- أصدرنا مواقف صارمة تجاه تزوير التزكية للانتخابات الرئاسية، وطالبنا الهيئة العليا المستقلة للانتخابات باتخاذ إجراءات صارمة تجاه التجاوزات، ونحن نعتبر أن ردة الفعل إلى الآن ليست في مستوى عمليات التزوير، وهي يمكن أن تمس من مصداقية العملية الانتخابية. وقد طالبنا الأحزاب والفعاليات بالالتقاء معنا من أجل غربلة الترشحات الحاصلة وإبعاد المترشحين الذين استعملوا تزكية مزورة، فالذي يزور لا يمكن مطلقا استئمانه على مصير الأجيال القادمة. حزبنا يدافع عن الشرعية الانتخابية، ونعلن من الآن أنه سيقبل بنتائج صندوق الاقتراع ويطلب من كل القوى والمنظمات الوطنية التزام الحياد وما يمكن أن يثير الشكوك حول تزوير الانتخابات القادمة.

• صرّح رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي لوكالة رويترز بأن حزبه مستعد  للعمل ضمن حكومة ائتلاف تضم نداء تونس وأحزابا يقودها مسؤولون بارزون في نظام بن علي.. فهل يقبل حزب المؤتمر بالانضمام إلى هذه الحكومة (تضم نداء تونس وأحزابا لمسؤولي نظام بن علي)؟

- من أهم ما يميز حزب المؤتمر أنه صاحب مواقف ثابتة ولا يغير مواقفه بتغير موازين القوى، ونحن لنا أربعة شروط للدخول في حكم ائتلافي قادم. أوّل الشروط هو أنه لن نكون جزءا من أيّ حكومة تضمّ وجوها من المنظومة السابقة أو من أحزاب مرتبطة بمنظومة حزب التجمع المنحل. والشرط الثاني هو البرنامج الاقتصادي والاجتماعي المشترك مع الشركاء. والشرط الثالث هو الإعلان عن الروزنامة المشتركة للتفاهمات والإصلاحات المتفق عليها للعمل عليها خلال سنوات الحكم القادمة، أمام الشعب التونسي، حتّى لا يتم التراجع عنها بعد ضغوط من هذا الطرف أو ذاك. والشرط الأخير هو تعهد أطراف الحكم أمام التونسيين باحترام الشرعية الانتخابية طيلة 5 سنوات القادمة وبعدم التنازل عنها مهما كانت الضغوط الداخلية أو الخارجية وعدم السقوط في فخ ما يسمى "الشرعية التوافقية" كبديل عن الشرعية الانتخابية، كما حصل أواخر المرحلة الانتقالية الحالية. 

• تتهم النقابة العاملة للإعلام بالاتحاد العام التونسي للشغل حزب المؤتمر والرئيس المنصف المرزوقي بشنّ حملة ممنهجة ضد الإعلام، وذلك على خلفية تصريح السيد محمد هنيد على قناة فرانس24، وتصريح الرئيس المرزوقي في اجتماع رؤساء تنسيقيات حملته الانتخابية.. فكيف تردّون؟

- لقد أكدنا في مناسبات سابقة أنّ حزب المؤتمر يتعرّض إلى حملة تشويه ممنهجة من عدد الإعلاميين والمنابر. ويبدو أن بعض المنظمات الوطنية دخلت في الحملة بسبب انزعاجها من المكانة والحضور الكبيرين اللذين يحظى بهما حزب المؤتمر وحظوظه الوافرة لنيل ثقة التونسيين في الانتخابات القادمة. حزبنا ذو خلفية حقوقية، مارس حرية التعبير عندما كان الآخرون يصفقون للاستبداد والدكتاتورية وقدمنا نضالات من أجل حرية التعبير، ولا يمكن لأي منظمة من المجتمع المدني اليوم أن تزايد علينا في الدفاع على حرية التعبير. لكننا نفرق بين حرية التعبير وبين أن تنضبط وسائل الإعلام لمعايير العمل المهني.

لقد خدمتنا هذه الحملة لدى الرأي العام، فهناك من يرفض الظلم، وإصرارنا على الدفاع عن أنفسنا حقّق لنا مكانة خاصة في قلوب غالبية التونسيين. لقد رددنا على بيان الاتحاد العام التونسي للشغل الذي ادعى أن الإعلامي الدكتور محمد هنيد ينتمي لحزب المؤتمر، وحاول أن ينسب تصريحات للسيد هنيد إلى المؤتمر وأن يحولها إلى موقف فيه صراع وهمي بين المؤتمر والمنظمة الشغيلة. والحال أنه لس لدينا أي عداوة مع هذه المنظمة. كما أننا نرفض أن يكون الحوار الوطني مطيّة لوضع اليد مجددا على المشهد السياسي في المرحلة القادمة.
التعليقات (0)