ملفات وتقارير

تركيا تلتزم موقفا حذرا حيال داعش رغم استياء الغرب

أوغلو: "لن نسامح أحدا يقوم بتهديد تركيا والعقاب سيكون سريعا - الأناضول
أوغلو: "لن نسامح أحدا يقوم بتهديد تركيا والعقاب سيكون سريعا - الأناضول
تتجاهل تركيا الضغوط الملحة من أجل التحرك ضد مقاتلي "تنظيم  الدولة"، ما يزيد من توتر العلاقات بين رئيسها رجب طيب اردوغان والغرب.

وكرر دبلوماسيون غربيون مرارا أنهم يريدون أن تلعب تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي دورا حاسما في الائتلاف الدولي ضد المقاتلين الذين لا يزالون يحاولون الاستيلاء على مدينة عين العرب، أو كوباني السورية الكردية التي تبعد بضعة كيلومترات فقط عن الحدود التركية.

لكن ورغم اقتراب المقاتلين إلى هذا الحد، ترفض تركيا السماح لمقاتلات  التحالف باستخدام قواعدها الجوية أو أن تساهم بقواتها في المعارك.

وأعرب المسؤولون الأتراك عن استيائهم المتزايد من الغرب الذي يطالب أنقرة بالتدخل لمنع سقوط كوباني، مع أن مقاتلي التنظيم سيطروا على مساحات شاسعة من أراضي العراق وسوريا دون أن يحرك الغرب ساكنا.

وقال رئيس الحكومة التركي أحمد داود اوغلو هذا الاسبوع "الامر لا يتعلق بكوباني. الامر يتعلق بالضغط على تركيا من خلال مسألة كوباني لكن تركيا لا تريد خوض مغامرات".

وبعد قدوم الدفعة الأخيرة من اللاجئين السوريين البالغ عددهم مئتي الف شخص من منطقة كوباني، بلغ عدد اللاجئين في تركيا 1.5 مليون لاجئ، وهو رقم تشدد السلطات على أنه يفوق بكثير ما يستضيفه الغرب.

وأكد داود أوغلو الذي قاد في منصبه السابق كوزير للخارجية سياسة مثيرة للجدل لجعل تركيا في مركز النشاط الدبلوماسي في الشرق الأوسط "لا يحق لأحد إعطاءنا دروسا".

وفي هذا الإطار، لن يساعد فشل تركيا في الحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي الخميس، خصوصا وان اردوغان يكرر باستمرار أن "العالم أكبر من خمس" دول فقط في إشارة الى الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس.

ويقول محللون إن تركيا على حق في التزام الحذر فتنظيم الدولة بات على ابوابها ولا يمكن التكهن بما ستكون عليه العواقب السياسية لاي عمل عسكري تركي.

واعتبر هيو بوب من معهد الأزمات الدولية أن شن حرب على التنظيم "سيؤدي الى كارثة بالنسبة الى تركيا بسبب صعوبة ضبط الحدود وخطر شن هجمات ارهابية بالاضافة الى العدد الكبير من المحافظين السنة في تركيا الذين لا يعتبرون الجهاديين اعداء لتركيا".

وأضاف بوب "على الغرب توخي الحذر وعدم إرغام تركيا على التدخل لإنقاذ سوريا ليجدوا أن الفوضى السورية امتدت إلى تركيا" بعد ذلك.

وقال أردوغان إن تركيا ستنضم الى الائتلاف الدولي لكن ضمن شروط صارمة من بينها إقامة منطقة أمنية داخل سوريا وفرض منطقة حظر جوي وإعداد استراتيجية دولية قوية لإطاحة نظام بشار الأسد في سوريا.

وقال مارك بيريني من مركز كارنيغي إن "عزل نظام الأسد ليس أولوية الآن بالنسبة الى الغرب" مضيفا ان فكرة اقامة حظر جوي "تجاوزها الغرب الان".

وفي الوقت الذي أعلنت فيه واشنطن بوضوح أن تركيزها الان هو على وقف تقدم المقاتلين، فإن تركيا لديها استراتيجية ثلاثية الأبعاد طويلة الأمد ضد ثلاثة كيانات تعتبرها "إرهابية" هي "تنظيم الدولة" ونظام بشار الأسد، ومقاتلو حزب العمال الكردستاني.

وتركيا قلقة جدا من أن يؤدي التحالف بين حزب العمال الكردستاني ومقاتلي وحدات حماية الشعب الاكراد في سوريا إلى تشكيل  قوة قتالية كردية على جانبي الحدود.

إلا أن بيريني يرى أن من مصلحة تركيا التحالف مع الاكراد في سوريا "لأنهم يمكن أن يشكلوا أفضل قوة عازلة أمام الجهاديين".

وترفض تركيا حتى الان السماح للقوات الأميركية باستخدام قاعدتها الجوية في انجيرليك بمحافظة أضنة لشن غارات جوية على تنظيم الدولة.

وقال لايل كيمان المحرر في صحيفة زمان التركية إن "عدم سماح تركيا باستخدام قاعدة انجيرليك لاغراض عسكرية اصبح مصدر اعتزاز لانها لو وافقت على ذلك فسينظر اليها على أنها رضخت للضغوط الاميركية".

وتمر تركيا في الوقت نفسه بمرحلة حساسة في علاقاتها مع أوروبا والولايات المتحدة بسبب النظام الحالي المتسلط الذي لا يتردد في استخدام الغاز المسيل للدموع أو خراطيم المياه لتفريق التظاهرات المعارضة للحكومة.

ومضى أردوغان أبعد من ذلك عندما انتقد هذا الاسبوع الذين يشبهون "لورانس العرب" الجدد المصممين برأيه على أحداث الاضطرابات في الشرق الاوسط.

ولورانس العرب هو الضابط البريطاني توماس ادوارد لورانس الذي ساعد القادة العرب في ثورتهم ضد قوات الامبراطورية العثمانية في الصحراء في الحرب العالمية الاولى.

والنقطة الوحيدة التي تتفق فيها تركيا مع الغرب حول سوريا هي ضرورة تدريب وتجهيز المعارضة السورية المعتدلة. كما أنها أعربت عن استعدادها للقيام بذلك على أراضيها.

وفي الثاني من تشرين الاول/ اكتوبر، أقر البرلمان التركي تشريعا يجيز إرسال قوات إلى سوريا مما أثار آمالا بأن الموقف الرسمي سيتغير بشكل جذري.

إلا أن القرار لم يكن من أجل الانضمام إلى الائتلاف الدولي، بل على ما يبدو من أجل حماية جيب تركي صغير في سوريا في منطقة ضريح سليمان شاه جد مؤسس الامبراطورية  العثمانية الذي يحرسه جنود اتراك.

وقال داود اوغلو "لن نسامح أحدا يقوم بتهديد تركيا، والعقاب سيكون سريعا. لهذا السبب حصلنا على تفويض البرلمان".
التعليقات (0)