سياسة عربية

اتجاه لتعديل محدود بقانون التظاهر بمصر يبقي سلبياته

استمرار قانون التظاهر عبئا ثقيلا يدفع نظام السيسي ثمنه غاليا -أرشيفية
استمرار قانون التظاهر عبئا ثقيلا يدفع نظام السيسي ثمنه غاليا -أرشيفية
تتجه الحكومة المصرية برئاسة المهندس إبراهيم محلب إلى إجراء تعديل محدود على قانون التظاهر بمصر، يكتفي بتخفيف بعض العقوبات، بعد أن أصبح استمرار القانون عبئا ثقيلا يدفع نظام  عبد الفتاح السيسي ثمنه غاليا من سمعته بمجال حقوق الإنسان، وتسببه في إحراج نفسه في علاقاته الدولية، ويؤثر حتى على شعبيته في الداخل.
 
وذكرت صحيفة "اليوم السابع" أن مجلس الوزراء سيناقش في اجتماعه الأربعاء تعديلات على قانون التظاهر عكفت الحكومة على إعدادها منذ شهرين، فيما ذكرت تقارير صحفية أن  المجلس سيأخذ بملاحظات المجلس القومي لحقوق الإنسان، بعد الضغط الذي مارسه النشطاء خلال الفترة الماضية لتعديله.
 
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة قولها إن أبرز ما تتضمنه التعديلات تخفيف العقوبات المقررة على مخالفي القانون، التي كانت مثار اعتراض العديد من الجهات، لتنزل بعقوبة السجن إلى الغرامة في بعض المخالفات، ومن الحبس إلى الغرامة أيضا وفقا لكل جريمة نص القانون على عقوبتها.
 
وكشفت المصادر، بحسب الصحيفة عن أن مجلس الوزراء المصري سيناقش تلك التعديلات في جلسة مغلقة تمهيدا لاتخاذ قرار بشأنها إما بالموافقة ثم الإحالة إلى قسم التشريع بمجلس الدولة لمراجعتها، وإعادة صياغتها ثم إقرارها من قبل رئيس الجمهورية، أو بالرفض والإبقاء على القانون بصيغته الحالية.
 
وقال المتحدث باسم وزارة العدل المصرية محمد عبد الباري "إن الوزارة تقوم بإجراء تعديل على قانون التظاهر"، مضيفا أن الإعلان عن تعديل القانون سيكون في الأيام القليلة المقبلة، مشيرا إلى أن التعديل قد يتضمن تخفيفا للعقوبات، وسيغير من إجراءات الحصول على موافقة الشرطة للسماح بخروج المظاهرات.
 
جورج إسحاق يؤكد الاتجاه الحكومي
 
في سياق متصل، قال جورج إسحاق مقرر لجنة الحقوق السياسية والمدنية في المجلس القومي لحقوق الإنسان (هيئة حكومية)، إن مجلس الوزراء سيناقش قانون التظاهر خلال جلسة انعقاده الأسبوعية.
 
وأشاد إسحاق بقرار محكمة الجنايات بالإفراج عن الناشط علاء عبد الفتاح، مؤكدا أنه سيساعد في تقليل شدة الاحتقان ما بين السلطة الحاكمة والشباب.
 
4 محاور لتعديلات مقترحة
 
وشدد عضو القومي لحقوق الإنسان ناصر أمين، على أن الحكومة استجابت لطلبات تعديل قانون التظاهر، وأنه سيظهر خلال أيام التعديل النهائي، مراعيا للشروط التي وضعها المجلس للقانون، بحيث يصبح التظاهر بالإخطار، وليس بالتصريح، حسب قوله.
 
وأكد ناصر في تصريحات صحفية، أن المجلس استقر على توصيات حول تعديل القانون تدور حول أربعة محاور رئيسة، ليكون ملائما، وهي أن يكون التظاهر بالإخطار، وأن تتم إحالة كل ما يتعلق بالعنف وحيازة الأسلحة إلى قانون العقوبات، وإحالة كل المواد المتعلقة بكيفية التعامل الشرطي إلى قانون هيئة الشرطة، وإلغاء عقوبة الحبس والإبقاء على عقوبة الغرامة فقط.
 
وعلى صعيد متصل، جدد عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان الدكتور صلاح سلام، مطالبة المجلس للحكومة بالإسراع في تعديل قانون التظاهر، قائلا: "أتمنى أن يتم تعديله في أقرب وقت ممكن، والأخذ بملاحظتنا عليه".
 
وقال سلام في مداخلة هاتفية لبرنامج "هنا العاصمة"، على فضائية "سي بي سي" الثلاثاء، إن "هذا القانون لم يمنع المظاهرات، ولم يسهم في التقليل من عنف الإخوان، ولم يحقق شيئًا سوى حبس شباب الثورة المحترمين الملتزمين"، على حد قوله.
 
حزب النور يركب الموجة
 
من جهته، ثمن عضو المكتب الرئاسي لحزب النور الدكتور شعبان عبد العليم، تعديل القانون، مشيرا إلى أن مناقشة مجلس الوزراء لتعديله أمر ضروري ومطلوب وجيد؛ حتى يتناسب مع الدستور الجديد، على حد قوله.
 
وأضاف عبد العليم في تصريحات صحفية أن حزب النور كانت لديه مقترحات عدة حول القانون، وطالب بتعديله منذ صدوره، مشيرا إلى أنه من أبرز مقترحات "النور" للتعديل وضع ضمانات عدم مماطلة قسم الشرطة في استلام الإخطار الذي يرسله منظمو المظاهرة، والتوقيع على صورة منه، حتى لا تكون هناك فرصة للادعاء بعدم وجود هذا الإخطار، وحذف العبارات المطاطة غير الواضحة التي يحتوى عليها القانون، وإلغاء عقوبة الحبس على ارتكاب مخالفات خلال المظاهرة، والاكتفاء بالغرامة، وإلغاء حظر تحول المظاهرة إلى اعتصام.
 
وقفة احتجاجية ضد القانون
 
وفي سياق متصل، تنظم حملة "ضد قانون التظاهر" وقفة احتجاجية مساء الأربعاء على سلالم نقابة الصحفيين للتضامن مع المعتقلين، والمضربين عن الطعام داخل السجون، وخارجها.، وإلغاء قانون التظاهر.
 
وتعقد الحملة مؤتمرها التأسيسي في اليوم ذاته بالنقابة بمشاركة حملة "الحرية للجدعان"، وبحضور ممثلين عن المعتقلين، والشباب المخلي سبيلهم، والمضربين عن الطعام خارج السجون.
 
ويُعرض فيديو للحملة، ويتم تنظيم معرض "الحرية للحلم"، كما سيتم الإعلان عن آليات التصعيد الجديدة التي ستتخذها الحملة لمواجهة قانون التظاهر حتى "حصول المعتقلين على حريتهم، وسقوط هذا القانون الغاشم"، وفق بيان صادر عن المنظمين.
 
ومعارضون ينفون التعديل
 
في المقابل، نفى عدد من المسؤولين والإعلاميين الداعمين للانقلاب العسكري نية الحكومة تعديل القانون.
 
 وقال وزير الشباب والرياضة خالد عبد العزيز في حوار عبر فضائية "صدى البلد" الاثنين إن الحكومة ليس لديها نية لتغيير قانون التظاهر، موضحا أنه غير مدرج على مائدة مناقشاتها حاليا، وأنه لم يتم مناقشته على الإطلاق في أي مجلس وزارة سابقة.
 
وقال الإعلامي أحمد موسى في برنامجه "على مسئوليتي" عبر فضائية "صدى البلد" مساء الثلاثاء: "إن الحديث عن تعديل قانون التظاهر كلام فارغ"، مؤكدا أن "تعديل القانون خطوة أولى لمن وصفهم بـ"الخبثاء"، يليها طرح استفتاء شعبي على "السيسي"، وهذا لن يحدث، على حد قوله.
 
ونفى موسى اعتزام مجلس الوزراء مناقشة تعديل القانون، مشددا على أنه لا نية لذلك في الوقت الحالي، وقال: البعض يحاول الترويج لذلك لإثارة الرأي العام، ولا صحة لنظر مجلس الوزراء تعديل القانون حاليا.
 
وغير بعيد، قال الفقيه الدستوري شوقي السيد: "إن الغرامة المالية لا تكفي كعقوبة للمظاهرات المخالفة"؛ مشددا على أن الساحة تشهد بعض التظاهرات ذات الخلفية السياسية التي تستهدف أمن الدولة أحيانا، بحسب قوله.
 
وأضاف خلال مداخلة لبرنامج "90 دقيقة" على فضائية "المحور" الثلاثاء أن الحكومة إذا اتجهت لتعديل قانون التظاهر، فقد تفرض الحبس بجانب الغرامة المالية، ولن تكتفي بالغرامات فقط، حسبما قال.
 
وزعم أن تعديل القانون في الوقت الحالي فيه انتقاص من هيبة الدولة، ويعطي انطباعا بأن الأصوات العالية والأمعاء الخالية وغيرها يمكنها أن تؤثر على القرارات التشريعية للدولة"، وفق تعبيره.
 
ومؤشرات تؤكد التعديل
 
وفي المقابل، رصد مراقبون مؤشرات عدة تؤكد تعديل قانون التظاهر منها الإفراج عن علاء عبد الفتاح، وتنحى المحكمة التي تنظر قضية تظاهرات مجلس الشورى استشعارا للحرج، وتصريح وزير الداخلية بأنه لا مانع لديه من تعديل القانون، وتأكيد ثلاثة وفود أجنبية زارت مصر، والتقت السيسي مؤخرا، أن القانون سيتم تعديله.
 
وفي تعبير قوي عن الإصرار على تعديل القانون، أو إلغائه، دعا نحو 700 من المثقفين والفنانين المصريين إلى إسقاط القانون، الذي سُجن بسببه نشطاء كانوا من الداعين للتظاهر في 30 حزيران/ يونيو 2013، ضد الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي.
 
وقالت الناشطة منى سيف، إن إخلاء سبيل شقيقها علاء عبد الفتاح، وحمادة نوبي ووائل متولي، يعد انتصارا صغيرا، إلا أن المعركة مستمرة لحين الإفراج عن المظلومين كافة في السجون.
 
وأضاف عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "معركتنا مستمرة لحين الإفراج عن كل مظلوم في السجون، ومعركتنا الكبرى مستمرة لحد ما نحقق حلمنا بوطن يحفظ كرامة كل إنسان على أرضه".
 
وطالب المتحدث الإعلامي باسم حزب الدستور خالد داود، بإسقاط القانون الذي وصفه بالجائر، مشيرا إلى أنه مضت شهور طويلة من المطالبة بإسقاطه يقابلها تجاهل تام من قبل الحكومة.
 
وقال السفير معصوم مرزوق القيادي بالتيار الشعبي: نكرر مطالبنا للسلطة الحالية بتعديل هذا القانون، ونرجوهم ألا يوصلونا إلى طريق مسدود. 

وأضاف مرزوق "هذا النظام يتحجج بمحاربة الإرهاب، وهى الحجة نفسها التي صدرها نظام مبارك 40 سنة، والنتيجة أنه سقط هذا النظام الظالم، ونكرر طلبنا لهم، وإلا فسنفكر، ونتخذ القرار".
التعليقات (0)

خبر عاجل