سياسة دولية

في حديث لـ"أتلانتك منثلي" كلينتون تهيم عشقا بإسرائيل

وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون - أرشيفية
وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون - أرشيفية
أنحت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون باللائمة على سياسات الرئيس الأمريكي باراك أوباما، معتبرة أنها السبب في صعود الجهاديين في العراق وسوريا. 

وفي الحوار الذي أجرته معها مجلة "أتلانتك منثلي" تطرقت كلينتون لكل ملفات الشرق الأوسط على نحو بدا أنها في حالة عشق مع إسرائيل وغزل مع اللوبي الصهيوني.

وفي انتقادات هي الأشد منذ مغادرتها وزارة الخارجية قالت كلينتون إن "الأمم العظيمة تحتاج لمبادئ تنظم تحركها، وفكرة التردد وعدم ارتكاب أخطاء ليست منها"، في إشارة إلى تردد أوباما في سياسته الخارجية. وقارنت الوزيرة السابقة كفاح الغرب ضد الاتحاد السوفييتي السابق وهزيمة الشيوعية بكفاحه اليوم ضد الإرهاب الإسلامي. وقالت إن الغرب نجح في هدم الشيوعية لأنه امتلك السياسة الشاملة للمواجهة بخلاف سياسة أوباما المترددة اليوم. 

وجاءت انتقادات كلينتون في وقت يتعرض فيه أوباما إلى نقد حاد من الجمهوريين الذين يطالبونه بتوسيع الحملة على قوات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. 

سوريا

وقالت كلينتون إن فشل السياسة الأمريكية في سوريا "ساعد على بناء قوة قتالية فعالة من الأشخاص الذين بدأوا الاحتجاجات ضد نظام بشار الأسد، وكانوا إسلاميين وعلمانيين وكانوا أشخاصا معتدلين، والفشل في فعل هذا أدى لفراغ ملأه الجهاديون".

ودعت كلينتون قبل استقالتها من منصب الخارجية مع عدد من كبار مسؤولي الإدارة الرئيس إلى اختيار مجموعات من المقاتلين وتدريبهم لمواجهة نظام الرئيس السوري بشار الأسد. ولكن أوباما تجاهل الدعوات. وفصلت كلينتون الموضوع السوري في مذكراتها "قرارات صعبة"، والتي خصصت فصلا منها للحديث عن المسألة السورية وكيف أنها وسفير واشنطن في دمشق روبرت فورد، حثا الإدارة على دعم المعارضة لأن هذا سيعطي واشنطن القدرة على معرفة ما يجري على الأرض ويساعد المعارضة السورية في الخارج التي ظلت تعاني من مشاكل وانقسامات مع معارضة الداخل. ولكن الموقف المتردد فتح الباب أمام الجهاديين كي يملأوا الفراغ ويسيطروا على الساحة.

وفي المقابلة التي أجراها معها جيفري غولدبيرغ؛ ألمحت كلينتون إلى إمكانية ترشحها لانتخابات عام 2016، لكنها كانت ناقدة بشكل واضح للرئيس أوباما الذي وصفت سياسته الخارجية بالحذرة جدا لأنه كان يخشى ارتكاب أخطاء، مشيرة إلى أن السياسة الحازمة كفيلة بتحقيق نتائج وإن أدت لارتكاب أخطاء. ولهذا ترى أن زيادة خطر الإرهاب الإسلامي يتطلب استراتيجة شاملة لمواجهتها، وقارنت الكفاح ضد الإرهاب الإسلامي بالحرب التي شنتها الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفييتي السابق. 

وقالت كلينتون: "واحد من الأسباب التي تجعلني أشعر بالقلق مما يجري في الشرق الأوسط حاليا هو قدرة الجهاديين التي يمكن أن تؤثر على أوروبا والولايات المتحدة". 

واعترفت كلينتون بأن أخطاء ارتكبت أثناء مواجهة الشيوعية "فقد دعمنا رجالا أشرارا، وفعلنا أشياء لسنا فخورين بها في أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا، لكن كانت لدينا سياسة شاملة حول ما يجب علينا فعله، وهو ما قاد لهزيمة الاتحاد السوفييتي وانهيار الشيوعية، كان هذا هدفنا وهو ما قمنا بتحقيقه". 

غزة

وفي موضوع غزة لم توفر كلينتون أي فرصة للدفاع عن إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها، مشيرة إلى أن حماس كانت البادئة بالعدوان، بعد أن خسرت حلفاءها في مصر، أي الإخوان المسلمين ورفضتها دول الخليج وأجبرت على الدخول في حكومة تكنوقراط مع فتح، ولهذا افتعلت الحرب من أجل تعزيز نفوذها في غزة. 

وقالت إن "إسرائيل فعلت ما كان عليها أن تفعله للرد على الصواريخ"، ولها "الحق في الدفاع عن نفسها، فالخطوات التي اتخذتها حماس لوضع الصواريخ في الأنفاق ونصب مراكز القيادة والتحكم في المناطق المدنية عقد من مهمة إسرائيل".  

ولم تتردد كلينتون في تحميل حماس مسؤولية الحرب وضحاياها، حتى عندما سألها عما إذا كانت إسرائيل قد فعلت ما يجب فعله لتجنب قتل المدنيين، إذ ردت بأن أمريكا فعلت نفس الشيء وارتكبت أخطاء ولكن "المسؤولية تقع في النهاية على حماس". 

وحاولت تبرئة ساحة إسرائيل من استهداف مدارس الأونروا بالقول إن "بعض التقارير قالت إن المدرسة التي قصفت لم تكن تابعة للأمم المتحدة، ولكن كان هناك مبنىً تابع لها كانوا يطلقون منه الصواريخ". 

الدفاع عن إسرائيل

ولم تفصل كلينتون بين رد الفعل العالمي الشاجب لممارسات إسرائيل في غزة والعداء للسامية، قائلة لم يحتج العالم على "مقتل أكثر من 170 ألف سوري، ولا على حشد روسيا لقواتها أو ضمها لأراضي دولة عضو في الأمم المتحدة". 

وقالت: "لا يمكنك تجاوز العداء للسامية خاصة في ضوء ما يجري في أوروبا اليوم، فهناك مظاهرات ضد إسرائيل أكثر من تلك التي نظمت احتجاجا على ضم روسيا أجزاء من أوكرانيا أو إطلاق النار على طائرة ركاب مدنية (الطائرة الماليزية)، ما يعني أن هناك شيئا آخر غير ما تراه معروضا على شاشات التلفاز". 

وقالت إن قدرة حماس على إدارة معركة العلاقات العامة جعلها تجلب عددا من الصحافيين الذين دخلوا غزة وقدموا تقارير عن الحرب فيما لم تنجح إسرائيل في ذلك، "نعم هناك معاداة للسامية وعداء كبير لإسرائيل لأنها دولة قوية وقوة عسكرية فاعلة، فيما تقدم حماس نفسها كمدافعة عن حقوق الفلسطينيين، مما يعني أن معركة العلاقات العامة عادة ما تعمل ضد إسرائيل". 

وهي وإن عبرت عن استغرابها لاستمرار الهدنة التي تفاوضت عليها مع محمد مرسي عام 2012، إلا أنها تعلق على اهتمام خلفها جون كيري في وزارة الخارجية بملف النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني بقولها إن أمريكا تهتم بأي نزاع في المنطقة يهدد أمن إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر.

نتنياهو

ودافعت بنفس الطريقة عن نتنياهو، وقالت إنه وقادة إسرائيل من قبله عبروا عن استعداد لتقديم تنازلات من إسحاق رابين إلى إيهود باراك ولكن عرفات تراجع "لا يهمني كل ما يقوله المؤرخون، ولكن الحقيقة هي أن عرفات رفض العروض". 

وقالت إن زوجها بيل دفع نتنياهو للتنازل عن أراض للفلسطينيين كلفته الحكومة، ثم جاءت إدارة بوش التي ارتكبت أخطاء بالموافقة على انتخابات عام 2006 ولكنها قدمت خريطة الطريق، التي حقق من خلالها سلام فياض، رئيس الوزراء السابق تقدما واضحا. 

وتقول إنها جمعت عباس ونتنياهو في غرفة واحدة وهو ما لم يفعله جون كيري "ورأيت نتنياهو يتراجع عن رفضه لحل الدولتين ويعلن أنه معه". وقالت إنها أجبرت نتنياهو على تجميد الإستيطان في الضفة الغربية وليس القدس الشرقية "واحتجت إلى 9 أشهر لإقناع عباس بالموافقة على المفاوضات، لديه مليون سبب بعضها مشروع وأخرى تتعلق بنفس الأسباب". وعندها تقول: "ماذا أقول، لا فلو كنت رئيسة وزراء إسرائيل فأتوقع استمرار السيطرة على الضفة الغربية ، فمع أنني أتعامل مع عباس، 79 عاما، وقيادات فتح التي تعيش حياة جيدة وتحصل على المال من كل مكان، لكن هذا لا يحمي إسرائيل من تدفق حماس".

ليبيا

ودافعت عن تدخل الولايات المتحدة في لييبا، وقالت إن عدم بقاء الأمريكيين لا يعني فشل التجربة "فقد خاض الليبيون تجربتين انتخابيتين جيدتين، وانتخبوا شخصيات معتدلة وعلمانية وعددا محدودا من الإسلاميين ولكنهم لم يكونوا قادرين على التحكم بالشارع".

وتقول: "لكن كيف يمكنك المساعدة عندما يكون لديك كل هذا العدد الكبير من اللاعبين الذين قاموا بنهب مخازن الأسلحة المليئة بكل أنواع الأسلحة من نظام القذافي، بعضها استخدموها في ليبيا والجزء الآخر نقلوه حول المنطقة".

 وقالت في الحالة الليبية، إن أمريكا ساعدت الليبيين لكنها لم تجعل الطريق سهلا بالنسبة لسوريا التي "قلنا إنها فوضوية، ومعقدة ولسنا متأكدين من النتائج". مشيرة في هذا السياق إلى أن مصر تعتبر مثالا نموذجيا "لأننا حاولنا أكثر من مدخل".

مصر

 ورددت في هذا السياق جملة ما قيل من عدم مشاركة الإخوان المسلمين في ثورة ميدان التحرير التي "لم يقدها الإسلاميون"، وتقول: "سقط مبارك وأنا في القاهرة، والتقيت مع الشبان الذين قادوا الثورة: "ماذا أنتم فاعلون، من سيترشح للحكومة؟ من سيقوم بتشكيل الحزب السياسي؟ وكان جوابهم: لا نفعل هذا". 

واعترفت كلينتون بأن القوتين السياسيتين في مصر كانتا الجيش والإخوان المسلمين الذين كانت أمامهم فرصة خرجت من رحم الثورة لبناء بديل ديمقراطي مصري، "وهو ما لم يحدث". 

ووصفت كلينتون مرسي بالشخصية الساذجة في تقليله من الخطر الجهادي في سيناء "فقد كان يعتقد أن شرعية الحكومة المنتخبة ووصول الإخوان للحكم سيشعر الجهاديين بأن هناك طريقا مختلفا للسلطة وللتأثير، وسيكونون جزءا من العملية السياسية. فقد كان يأمل في أن وصول الإخوان المسلمين للحكم يعني نهاية النشاطات الجهادية داخل مصر".

 وتضيف أن النقاش كان بين عالمين، الإخوان المسلمين والبن لادنيين الذين لا يؤمنون إلا بالقوة والعنف لتغيير الحكم. "وعندما قلت لمرسي إن الاستخبارات قد رصدت أن الجهاديين يقومون بإنشاء ملاجئ آمنة في داخل سيناء وسيكون هذا تهديدا ليس فقط لإسرائيل، ولكن لمصر أيضا، تجاهل التقارير جملة وتفصيلا، وبعدها بفترة قصيرة قتل جنود مصريون". 

وعن سؤالها فيما إذا كان الإخوان يشكلون خطرا، قالت إنهم كقوة سياسية فشلوا ولم يكونوا جاهزين للحكم رغم الفرصة النادرة التي توفرت لهم لحكم مصر، ولا يزال السؤال قائما حول رد الحركة على القمع وما إذا كانت ستتبنى خيار العنف.

شرعية الإسلاميين

وحول نقد إسرائيل  ودول عربية مثل الأردن لسذاجة أوباما واعتقاده بإمكان العمل مع الإسلاميين؛ وحماس منهم، وإن كان دور ما للإسلام السياسي في هذه الدول أجابت بأنه "من المبكر الإجابة عن ذلك، وبالتأكيد فحماس ليست ضمن هذا السياق لأن وجودها قائم ضد إسرائيل وتدميرها وتتبنى كل أسلوب وأيديولوجية قاسية، بما في ذلك عداء السامية، ولهذا أعتقد أنه يجب أن لا تُعامل كطرف شرعي".

وعادت وقالت إن "مرسي لم يكن مهيأ للسلطة، كان مهندسا وبدون تجربة سياسية ومرتبطا بأيديولوجيا من الأعلى للأسفل". 

وقللت من أهمية وجود تجربة إسلامية متميزة، مشيرة إلى أن تونس تظل تجربة مختلفة عن مصر وعلى قاعدة أصغر. وأشارت للتطور الذي شهدته حركة النهضة من محاولتها الحصول على قبول وطني لمواقفها، لكنها عبرت عن استعدادها للتخلي عن السلطة بسبب ضغوط العلمانيين والمعتدلين المسلمين حسب قولها.

 ونفس الكلام يصدق عن تجربة الإسلاميين في المغرب حيث لم يقدموا حكومة تشاركية، بخلاف أن الملك محمد السادس هو من يعين الحكومة ويمثلها.
التعليقات (0)