صحافة دولية

تلغراف: دعم شعبي لداعش في معان ومخاوف على الأردن

مسيرة في معان تأييدا لداعش - فيس بوك
مسيرة في معان تأييدا لداعش - فيس بوك

يخشى مسؤولون أردنيون ودبلوماسيون غربيون من وصول تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام للأردن خاصة في مدينة معان جنوب البلاد التي تشهد منذ فترة اضطرابات وحنقا على سياسات الحكومة وتزايدا في تأثير الجماعات السلفية فيها. وقيل إن الكثير من أبناء البلدة الشباب سافروا للتطوع في صفوف جبهة النصرة وتنظيم الدولة المعروف اختصارا بداعش.

مراسلة صحيفة "ديلي تلغراف" روث شيرلوك زارت مدينة معان، وكتبت تقريرا جاء فيه:
"نداء الصلاة الأذان كان يتردد في شوارع معان، عاليا وطويلا". و"داخل مسجد أبيض مغطى بالرخام، كانت خطبة الإمام عن المغفرة، وتم بث خطبته للخارج ووقعت على آذان الشباب الذين كانوا يوزعون الكعك على المارة".

"كان مشهدا من الهدوء في هذه المدينة الأردنية في الجنوب، وكانت جمعة عادية، حتى بدأ المصلون يخرجون من المسجد".

فقد تغير المزاج كما تقول "عند تلك النقطة، ازدحم الرجال، بعضهم يرتدون سترا عسكرية، وبعضهم ملتحون ويلبسون سترا سوداء، واندفعوا في صرخات فيها تحد، وأخذوا يهتفون "الله أكبر"، ورفعوا راية كبيرة هي رمز المتشددين الجهاديين، والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)".

 وتقول الصحيفة إن هذه التظاهرة المتحدية هي رد فعل على ما يجري في العراق "شعروا بالقوة للانتصارات في سوريا والعراق، حيث سيطروا على مناطق واسعة في شمال البلاد، يحقق أتباع داعش انتصارا في الأردن".

وتشير الكاتبة لمظاهر القلق التي عبر عنها هذا الأسبوع المسؤولون في الحكومة الأردنية والدبلوماسيون حول قدرة الأردن الحليف للغرب على البقاء مستقرا في وقت تعمل فيه الجماعات المتطرفة على حدوده.

وكان الأردن قد دفع بتعزيزات عسكرية على حدوده مع العراق الأسبوع الماضي، وعززها بقوافل عسكرية ودبابات وجنود وقاذفات صواريخ بعد سيطرة قوات داعش والتحالف السني على مدن عراقية قريبة من الأردن.

وتقول الكاتبة إن "الأردن، الذي تعتبر مخابراته من أقرب المخابرات من الولايات المتحدة، ينظر إليه باعتباره حاجزا بين العراق وسوريا المضطربتين من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى. وحاول الرئيس باراك أوباما الحفاظ على الوضع القائم من خلال تخصيص 5 مليارات دولار لمكافحة الإرهاب للدول التي تقع في "الخطوط الأمامية". ومع ذلك بدلا من القتال لمنع المتطرفين ومنعهم من دخول البلاد فالتهديد للمملكة الهاشمية نابع من الداخل".

 فما يجري في سوريا والعراق  وحالة عدم الاستقرار في لبنان جعل من الحدود الوطنية خطوطا غير مهمة خاصة أنه "يجري إعادة ترسيم خريطة الشرق الأوسط لكي تعبر عن معركة عابرة للقوميات وطائفية بين السنة والشيعة".

وفي "الأردن، فما يقوم به داعش في العراق يلهم الجماعات الراديكالية في المجتمع الذي يتكون أفراده من السنة بشكل عام والذين يتعاطفون مع طموحات الجماعة للتخلص من نوري المالكي، رئيس الوزراء والحكومة التي يتسيدها الشيعة".

 وينقل التقرير عن حسن أبو هنية، وهو محلل للجماعات الجهادية في عمان وصديق طفولة للداعية السلفي أبو قتادة "ينظر لداعش بالحامي للهوية السنية".

 ويقول إنه قبل انتقال داعش للعراق، حيث كان التنظيم يعمل بشكل رئيسي في سوريا، لم يكن هناك دعم كبير للجماعات المرتبطة بالقاعدة في الأردن. فقد ربط الأردنيون هذه الجماعة بسلسلة من الهجمات التي نفذتها في عام 2005 وقتلت العشرات.

ولكن "عندما انتقل داعش للعراق وعقد تحالفا مع الجماعات السنية القبلية وبقايا البعث، تغير المنظور".

و"عندما زارت صحيفة "ديلي تلغراف" هذا الأسبوع الحدود الأردنية-العراقية والتي لا تزال مفتوحة رغم هروب الجيش العراقي، كان أبناء القبائل السنية يعبرون من وإلى العراق وبهدوء".

ونقلت الصحيفة عن جاسم وهو شيخ من قبيلة العيساوي في محافظة الأنبار "كنا نعيش في حالة من الظلم منذ 8 أعوام". وقال الشيخ  الذي دخل الاردن "بإذن الله ستسقط بغداد". 

ويقول أبو هنية إن "عدد السنة في الأردن ممن يدعمون الأفكار المتطرفة في تزايد، وجذبهم إليها القوة الجديدة التي حققها داعش، والناس يحترمونهم الآن". 

ويقدر أبو هنية بأن عدد المواطنين الأردنيين ممن يدعمون الجماعات المرتبطة بفكر القاعدة قد تضاعف لثلاثة أضعاف منذ الثمانينيات من القرن الماضي، رغم محاولات الحكومة التخفيف من المشاعر المتطرفة.

ويقول "هناك 300 أردني ذهبوا للقتال في أفغانستان، وبعد ذلك 400 ذهبوا للعراق بعد غزو التحالف له، واليوم هناك ما يقرب من 1200 من الجهاديين الأردنيين يقاتلون إما مع داعش أو جبهة النصرة".

وقام السكان في معان العام الماضي بالتعبير عن دعمهم لجبهة النصرة في السنوات الماضية، لكنهم في الأسابيع الماضية "غيروا" ولاءهم ودعموا داعش المنشق عن تنظيم القاعدة.

ونقلت الصحيفة عن إمام سلفي في المدينة يطلق عليه السكان اسم "شيخ الأنبار" قوله "ذهب هؤلاء الشباب من معان لحماية إخوانهم وأخواتهم في سوريا من الكفار".

وتنقل عن محافظ المدينة قوله إن شعبية داعش هنا مرتبطة بالحالة الاقتصادية في المدينة "لا توجد فرص عمل هنا"، وقال إن "تعاليم وأغاني السلفية الجهادية تحريضية، وبالتالي يسهل تجنيد هؤلاء الشبان العاطلين عن العمل".

وظهر الدعم للجهاديين من خلال التزايد في المواجهات بين المواطنين والقوات الحكومية. وقدم السكان أشرطة فيديو عن المواجهات التي أظهرت قوات الشرطة وهي تطلق النار من مصفحات. وقتل أربعة أشخاص وجرح 200 آخرون، فيما زادت المداهمات الليلية على البيوت.

وتختم الصحيفة بالقول "في الوقت الحالي يركز داعمو داعش في الأردن هدفهم على الإطاحة بالزعامة الشيعية في العراق وسوريا، ولكن السكان يحذرون أن هذا قد يتغير حال قررت الولايات المتحدة دعم المالكي في معركته مع القاعدة".

وفي حالة قدم الأردن الدعم مرة أخرى للقوات الأمريكية ستصبح الحكومة هدفا شرعيا لداعش "أهل معان ضد التدخل الأمريكي في العراق"، و "لو حدث هذا فسنشاهد انتقاما، وقد تحصل عمليات انتحارية في عمان" يقول أحدهم.  

وبالنسبة لأحداث العراق الأخيرة، يؤكد محللون أن عناصر "داعش" -التي يزعم أنها تسيطر على الموصل وأجزاء أخرى من البلاد- تمثل جزءا ضئيلا فقط من مكوّن سني كبير مشارك فيما اعتبروه "ثورة عراقية" أقامتها الطائفة السنية ضد سياسات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي "التعسفية"، في الوقت الذي يؤكدون فيه أن إصرار المالكي على نسب كل ما يجري لتنظيم داعش إنما ليحصل على تأييد ودعم دوليين حال قرر شن حملة مضادة كبيرة ضد معارضيه بحجة القضاء على الإرهاب.

فيما يشدد آخرون على أن داعش تنظيم منقطع الجذور، لكن قدرته الإعلامية الفائقة أدت إلى "إعطائه حجما أكبر من حجمه الحقيقي بمرات".
0
التعليقات (0)