ملفات وتقارير

ماذا وراء التصعيد الإسرائيلي في الضفة والقطاع؟

جنود إسرائيليون في الخليل بحثا عن الجنود المخطوفين - الأناضول
جنود إسرائيليون في الخليل بحثا عن الجنود المخطوفين - الأناضول
منذ أن بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي بعملية "عودة الأخوة" الخميس الماضي، تشهد مختلف أرجاء الضفة الغربية وقطاع غزة تصعيدا عسكريا إسرائيليا يتمثل بحصار مدينة الخليل والتشديد على الحواجز التي تفصل بين المدن وحملات اعتقال طالت العشرات من الفلسطينيين ومداهمات للبيوت ومؤسسات، وقصف على قطاع غزة.

واعتبر عدد من المراقبين أن التصعيد الإسرائيلي على الأرض أكبر من البحث عن المستوطنين المفقودين، وتهدف إلى تحقيق أهداف بعيدة المدى.

ويرى المحلل لسياسي الدكتور نشأت الأقطش، أن هناك تفسيران لما يحدث من تصعيد يتمثل بـ"الحالة الأولى أن إسرائيل لديها معلومات تشير إلى جهة فلسطينية مسؤولة وهي تريد الضغط على الفلسطينيين ليتحدثوا  ليفاوضوا ويعلنوا عن الخطف. الاحتمال الثاني أن إسرائيل تبحث عن حجة لقمع الفلسطينيين  للسيطرة على الضفة من جديد بفرض سياسة نتنياهو للتغطية على فشلها الدولي وللتغطية على الإحراج من إضراب 125 أسيرا معتقلين إداريا، وبحاجة إلى حدث كبير فتكون هي من افتعل هذه الخطوة و تبحث عن سبب للخروج من المأزق".

واستكمل قائلا لـ"عربي21": "يوجد أكثر من سبب في أن لنتنياهو مصلحة في هذا الاختطاف، والسؤال الأهم اذا كانت حماس قد اختطفت الجنود لماذا يتم التعرض لقادة الجهاد الإسلامي؟ ولماذا تهاجم بيوت أجهزة الأمن الفلسطينية؟ في الحقيقة أننا أمام سياسية إسرائيلية لتنفيذ مخططات كانت جاهزة، والحجة هي اختفاء ثلاثة جنود، وأنا شخصيا أصبحت امجل إلى أن الفلسطينيين ليسوا لديهم مسؤولية عن هذا الخطف، هي مجرد غطاء لتبرير الحملات والاعتقالات التي تتم حاليا".

وأكد الأقطش أن ما يجري هو إعلان حرب حقيقية ضد الفلسطينيين.

ولم يستبعد أن تلجأ "إسرائيل" إلى إعادة احتلال الضفة بعد هذا التصعيد، فالضفة كما يرى تمر بمرحلة مفصلية "أما احتلال الضفة وفوضى وهذا وارد، وأما ان تنسحب إسرائيل وراء الجدار كما حصل في غزة في 2005. أصبحت كل الاحتمالات  واردة  نحن أصبح لدينا قناعة أن طرفا فلسطينيا لا  يقف خلف هذه العملية، ومن دلائل ذلك تجربتنا مع فصائلنا، الطرف الفلسطيني متسرع وفورا يعلن مسؤوليته من خلال تجارب الخطف السابقة، من هذا الطرف الذي وصل إلى هذا المستوى من التخطيط والتكتيك ويخطف مستوطنين من تحت الرادار الإسرائيلي ثم يبقى مدة أسبوع لا يعلن؟ هذا شيء جديد".
 
وكانت صحيفة "معاريف" العبرية نقلت في عددها الصادر اليوم الخميس عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي "موتي ألموز" قوله: "إن الجيش يقوم بعمل كل شيء من أجل إعادة الجنود المختطفين"، مشيراً إلى أنه جاء إلى تشكيلة الضفة الغربية من أجل المصادقة على العمليات التي سيقوم بها الجيش خلال المرحلة المقبلة.

وأشار إلى أن عمليات الجيش الإسرائيلي العسكرية في الضفة الغربية ستستمر دون تحديد سقف زمني معين.

وكان المجلس الوزاري المصغر "الكابينت" قد اجتمع يوم أمس في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي استعرض خلالها رئيس الشاباك "يورام كوهين" عملية اعتقال الأسرى المحررين في صفقة شاليط، لافتاً إلى أنه تم اعتقال نحو 53 أسير محرر منهم 35 من حركة حماس.

إعلان حرب

واعتبر واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، التصعيد الإسرائيلي هو إعلان حرب، وقال  لـ"عربي21": "اختفاء المستوطنين في أراضي C ليس من مسؤولية السلطة، وبالتالي حكومة الاحتلال تتحمل المسؤولية. كل ما يجري هو محاولة تخويف وكسر إرادة الشعب الفلسطيني، مثل اعتداءات الخليل ومدن الضفة والقصف على قطاع غزة، في محاولة من حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة خلط الأوراق باتجاه التهرب من أي استحقاق سياسي".

ويرى أبو يوسف أن "حكومة الاحتلال من خلال ذلك تحاول ليس فقط إضعاف السلطة الفلسطينية بل تحاول أيضا فرض وقائعها على الأرض، نرى آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة وهناك اعتداءات من المستوطنين المتطرفين على القرى والمزارعين وقطع الطرق.. ما يجري في الضفة وقطاع غزة إعلان حرب على الشعب الفلسطيني وبالتالي إسرائيل تحاول التهرب من أي استحقاق سياسي بالتهرب إلى التصعيد".

وأضاف: "التحدي الذي يواجه السلطة هو ما يقوم به الاحتلال وسياساته المتطرفة المتمثلة بأحزاب الليكود وإسرائيل بيتنا وغيرها ... فاستراتيجيتهم تقوم على نفي إمكانية قيام دولة فلسطينية ونفي حقوق الشعب الفلسطيني بالاستقلال، نعتقد أن هناك فرصة أمام المجتمع الدولي للضغط على الاحتلال. القيادة الفلسطينية تواصل اتصالاتها مع المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان وأعضاء مجلس الأمن والعديد من دول العالم لتبرز ما تقوم به حكومة اليمين المتطرف من خلال خلط الأوراق".
 
السيطرة على الضفة وتقويض المصالحة

أما المحلل السياسي سامر عنبتاوي فيرى أن "إسرائيل" تهدف من وراء تصعيدها إلى السيطرة الكاملة على الضفة وتقويض المصالحة الفلسطينية، وكذلك التأثير بشكل واضح على الأسرى المضربين عن الطعام "هذا إذن مشروع معد مسبقا"، وفق تعبيره.

وأضاف قائلا لـ"عربي21": "وضع الضفة الغربية يتجه نحو التصعيد ولتقسيم الضفة الغربية لأماكن معزولة عن بعضها، مثلا الآن تم عزل الخليل بالكامل لتغيير قواعد اللعبة والمعادلة بالكامل في التعامل مع الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية. وتعتقل قيادات حماس لتعزل الحركة في الضفة الغربية والتهديد بالإبعاد إلى قطاع غزة. وهي تريد ان تكرس أمرا واقعا في الضفة وتقطيع أوصالها تمهيدا لضم المناطق إلى إسرائيل، فهي تحاول تطبيق مشروعها القديم وتغيير الوقائع الجغرافية في الضفة".

ويرى عنبتاوي أن "إسرائيل" تتجه نحو تصعيد كبير وبأشكال مختلفة، "هناك تصعيدا إعلاميا واضحا، وتهديدات في كافة المحاور، بالإبعاد والحواجز والاقتحامات والاعتقالات بالجملة، لذلك إسرائيل تتجه نحو التصعيد وهذا التصعيد يجر تصعيدا، وطالما تقوم بذلك ستواجه ردة فعل شعبية".

وأوضح أن الاحتلال يستغل التصعيد الحالي لزيادة الوحدات الاستيطانية ولتهويد القدس.
وقال: "كل ما يجري ليس ردا على اختفاء المستوطنين ولكنه مشروع مبرمج منذ فترة وكانت تنتظر اللحظة المناسبة لتطبيقه، اختفاء المستوطنين هي مجرد ذريعة للاحتلال لتنفيذ خططه، فالاستيطان لم يتوقف منذ العام 1976، وإن كان هناك محاولات للتغطية عليه، لكنه مستمر وإن كانت تعلو وتيرته وتنخفض، لكن في الآونة الأخيرة هناك زيادة واضحة".

وكانت صحيفة "هآرتس" العبرية ذكرت مساء الخميس أنه من المقرر أن  تصادق الحكومة الإسرائيلية يوم الأحد القادم على تقديم هبات مالية للمستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية.

وأضافت الصحيفة أن المصادقة على القرار تأتي في ظل العملية العسكرية التي يشنها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية.

وقال المدير العام لحركة "السلام الآن" "ياريف اوفنهايمر"  معقباً على تحويل الأموال بالقول إن التمويل ليس معدا للاحتياجات الأمنية، وليس من المستبعد أن يكون بهدف الدفع بأجندة سياسية تدعم استمرار البناء في المستوطنات.
التعليقات (0)