مقالات مختارة

المسلمون والسعوديون والدور المطلوب

محمد صالح المسفر
1300x600
1300x600
كتب محمد صالح المسفر:

(1) 
يتعرض المسلمون في كل بقاع العالم لظلم وإرهاب تشنه دول وأحزاب ومنظمات، إنهم يتعرضون لتهديد بتصفياتهم جسديا واجتثاثهم من مدنهم وقراهم.

 لن أستعرض كل ما يتعرض له المسلمون في العالم فذلك يقتضي صفحات وصفحات كثيرة لكن أتوقف عند نماذج محددة أولها عندي ما تعرض له مسلمو "جمهورية إفريقيا الوسطى" من حرب إبادة واجتثاث تحت سمع وبصر العالم الديمقراطي والعالم الإسلامي ولم يحرك أحد شفتيه بكلمات تجاه تلك المصيبة التي تعرض لها إخواننا في الإسلام في تلك الدولة الإفريقية، أعني أنه لم يتخذ موقف عربي ودولي ضد حكومة وأحزاب تلك الدولة الحاقدة على الإسلام والمسلمين شركائهم في الوطن، لم نسمع من منظمات حقوق الإنسان التي تمطرنا صباحا ومساء كل يوم ببيانات تدين دولة هنا وهناك لارتكابها مخالفات لحقوق الإنسان. 

(2) 

وماذا عن حال المسلمين في جمهورية اتحاد ميانمار "بورما" في هذه الدولة تعرض أكثر من 2000 شخص للتشريد من بيوتهم وقراهم كان ذلك في عام 2012، وقد أشارت منظمة حقوق الإنسان في تقرير لها إلى أن الإبادة الجماعية للمسلمين في ميانمار تشكل تهديدا خطيرا للسلام العالمي وانتهاكا لحقوق الإنسان، في نفس العام تعاون الجيش البورمي والعصابات التابعة له قتلوا 11 مسلما أنزلوا من حافلة ركاب عامة الأمر الذي أدى إلى انفجار مظاهرات احتجاجية ضد تلك العملية الوحشية، تصدى الجيش وقوى الأمن وعصابات مسلحة لتلك المظاهرات بالقوة وقتل من المتظاهرين 20000 مسلم ذلك ما قالت به البيانات الرسمية الحكومية إلا أن هناك إحصاءات غير رسمية تؤكد قتل وحرق 50000 مسلم وإحراق آلاف المنازل وتدمير 70 مسجدا، ولم يتحرك المسلمون للدفاع عن إخوانهم في العقيدة كما يفعل اليهود. الأمر المحزن أن بعض الدول العربية لها استثمارات هناك وعلاقات تجارية لم تستخدم لتحقيق حقوق المسلمين في تلك الدولة. 

(3) 

في معظم دول أوروبا تجري حملة ظالمة ضد المسلمين الذين يتمتعون بجنسية تلك الدول ويهددون حملة الجنسية بسحبها وحرمانهم من حق المواطنة رغم أنهم يدفعون الضرائب كغيرهم من المواطنين. الملاحظ أن اليهودي الأوروبي الحامل لجنسية أي دولة أوروبية لا تعارضه حكومة بلاده ولا تهدده بسحب جنسيته أنه تطوع للعمل في الجيش الإسرائيلي وشارك في أعمال عسكرية ضد الفلسطينيين المحتلة أراضيهم من قبل إسرائيل، أما الذين يرغبون في مشاركة إخوانهم السوريين في القتال ضد الظلم والإرهاب الطائفي الذي يمارسه نظام بشار الأسد ويعاونه في ذلك أربع دول: إيران وروسيا والعراق (المالكي) ولبنان (حزب الله) فهؤلاء مهددون باتهامهم بالإرهاب وبالتالي الاعتقال والحرمان من الحقوق إذا عادوا إلى دولهم الأوروبية. 

من المؤسف جدا أن بعض الدول العربية الإسلامية تحض الدول الغربية وأمريكا بملاحقة الإسلاميين الذين يتمتعون بحق المواطنة في تلك الدول وكذلك الذين يتوافدون إليها تحت زعم أن الديمقراطية في تلك الديار واستقلال القضاء تشكل لهم حصانة من الملاحقة من قبل أنظمة الحكم في بعض الأقطار العربية، وعلى ذلك نناشد الدول العربية بعدم ملاحقة المسلمين الفارين من جحيم الحياة في بلادهم إلى أرض الله الواسعة بحثا عن الحرية والعدالة واستقلال القضاء واحترام حقوق الإنسان.

(4) 

لقد أحسنت المملكة العربية السعودية صنعا عندما أصدرت أوامر ملكية سامية بفرض عقوبات تجارية صارمة على شركات هولندية على أثر صدور تصرفات مهينة للإسلام من قبل الزعيم الشعبوي الهولندي "غيرت فيلدرز" المعروف بمواقفه المناهضة للإسلام والمسلمين.

السيد فيلدرز هو زعيم " حزب الحرية "يميني متطرف ضد الإسلام والمسلمين وقد أتى حزبه في استطلاعات الرأي العام في طليعة الأحزاب الهولندية التي ستجري الانتخابات في نهاية الشهر الحالي أنه يميني متطرف وهو حليف لحزب الجبهة الوطنية الفرنسية بزعامة اليميني المتطرف الفرنسي"مارين لوبين". 

إن هذه الأوامر الملكية السعودية بشأن مقاطعة الشركات الهولندية نتيجة لأقوال وأفعال السيد فيلدرز أخشى أن تصبح حبرا على ورق ما لم تبذل القيادة السعودية جهودا دبلوماسية على امتداد العالم العربي والإسلامي.

أخشى أن تتعرض المملكة لضغوط دولية تحت نظام "منظمة التجارة العالمية" وأذكّر بموقف مماثل عندما نشرت في صحافة الدنمرك صور مشينة تمس الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأعلنا المقاطعة لبضائع الدنمرك ولكننا لم نصمد لأننا تعرضنا لهجوم قانوني أعني هيمنة "منظمة التجارة العالمية" وتهديد بمقاطعة العالم العربي كله فتراجعنا عن قراراتنا وفقدنا الهيبة.

هذه المرة على وزارة الخارجية السعودية أن تقوم بواجبها على مستوى الدول الصديقة والحليفة لحماية الأوامر الملكية وتنفيذها نصا وروحا والرأي عندي أن الجامعة العربية لابد من أن تقوم بدورها كذلك الدول الإسلامية وهذا ما يجب أن تقوم به وزارة الخارجية السعودي في حض تلك الأطراف لاتخاذ مواقف من الحكومة الهولندية لتردع حزب فيلدرز قبل وصوله إلى هرم السلطة هو وحزبه في الانتخابات القادمة نهاية الشهر الحالي. 

آخر القول: من السهل أن تصدر تشريعات وقوانين ولوائح لها علاقة بالعالم الخارجي، لكن هل تستطيع أن تحمي تشريعاتك وقوانينك، وهنا المحك؟!


(بوابة الشرق المصرية)
التعليقات (0)