كتاب عربي 21

بين الدول الراشدة... والدول المراهقة!

نيفين ملك
1300x600
1300x600
قالوا لنا إننا نحن الدول العظمى الناضجة التى عانت ويلات الحروب وجربت ألم ومعاناة وتضحيات الحروب العالمية، دفعنا ثمنا غاليا وباهظا للوقوف على حالة من النضج المعرفي والإنساني تجعلنا قادرين على الحكم الصحيح على مجريات الأمور، ومن ثم تخول لنا صلاحيات في مجلس الأمن على ضبط اتخاذ قرارات سياسية عادلة وناضجة، وهذا ثمن طبيعي لتضحياتنا ومعاناتنا.

ولذلك تأتي فكرة النظام العالمي في تقييمه للدول تقييما تجزيئيا كما هي ذاتها أقرت التجزئة والتقسيم المبني على الرؤية المزدوجة الضبابية الهوى.

وطبقا للنظرة التقسيمية والأبوية هذه، فتجد هناك دول عظمى ناضجة ولها الحق في تقرير ما لها بل وما ولغيرها أيضا، وهذه القوى بالطبع تملك قرارا سياديا حاسما وناضجا في مجلس الأمن. 

وبمنطق ذات التقسيم غير المعياري، هناك على الجانب الآخر دول طفولية تحت الوصاية غير ناضجة، طفولية تحبو ولم تقف على قدميها بعد!

وهذه الدول غير الناضجة، بالطبع لم تدفع الفاتورة المعتمدة لإقرارها في النظام العالمي، ولم تدفع  من وجهة نظر هؤلاء الناضجين ثمنا مجديا في التاريخ الإنساني وبالتالي هي دول لا تملك ؛ ولا يمكن حتى الثقة في نضوج اختياراتها، فهي دول شعوبها أطفال عابثين يلعبون بالنيران وقد يعرضون حياتهم للخطر!

وعندما تقول لهم هناك نظرية التعلم من الخطأ وأنتم اعتمدتموها فى تربية شعوبكم، فتجدهم كأولياء أمور حنونين وعطوفين يرغبون في تجنيب تلك الشعوب الساذجة غمار الخوض فى نظرية التعلم بالخطأ هذا.

ولذلك عزيزي المواطن عندما تعيش في دولة من النظام البدائي لدول مراهقة، ويكون نظامها ذاته ينظر له العالم أنه لا يقوى على القرارات الناضجة؛ بداية من إشكالية حكم الشعب لنفسه وبنفسه عن طريق إقرار حقه في الاختيار حتى لو كان خطأ من وجهة نظر هؤلاء.

ولا تتعجب أيضا أن كل من حكموك ويحكموك يتلذذون بأن يقال عليهم أنهم غير ناضجين وغير متحضرين بل وتابعين، أو أنهم يحكمون دولا غير ناضجة لا تقوى أن تمسك ملعقة لتطعم نفسها، وبالطبع كما ليس على المريض حرج فالطفل ليس عليه حرج، ولا تتم مساءلته وطنيا أو دوليا فهو يلهو بلعبته يحطمها وقتما يشاء، ويبكي وينوح عليها وقتما رغب ولكن ليس عليه حرج.

لتدرك عزيزى المواطن أنك تعيش  في دولة من دول تعد في مراحل مراهقة، فهي دولة مزاجية الطبع، شديدة الانفعالية، غير ناضجة التصرف بل عبثية الهوى وطفولية المسئولية، وهذا ليس تقييمك لحالات الارتباك السياسي وانسداد أفق المسؤولية وبزوغ شمس المسألة، ولكنه تقييم النظام المزدوج والمتلون بغبار ادعاءات من سبقوا في رحلة التغيير الإنساني. 

والسؤال متى وكيف تعيش في دولة ناضجة مستقرة انفعاليا وإنسانيا؟!!

وحتى تتم الإجابة وتنضج دولنا لتصبح دولا كبيرة غير مراهقة... عليكم أن تدركوا أيها المراهقون أن:

(الحياة تعني الحياة.. ولا يستحق الموت من خلق ليحيا.. لا تتحدثوا ببربرية القتلة وعبثية وعدم مسؤولية الطفل المدلل...لا يمكن تبرير القتل وانتهاك حرمة الحياة).
التعليقات (0)