مدونات

لماذا فشلوا للآن فى تسويق 30 يونيو على أنها ثورة؟

رضا حمودة - أرشيفية
رضا حمودة - أرشيفية
رداً على المنافقين والأفاقين من حملة المباخر ومنتفعي السلطة من نخبة فاشية فاشلة وإعلاميين مأجورين مرتزقة لاعقى بيادة العسكر ولا عزاء لميثاق الشرف الإعلامى واحترام عقول الجمهور وكله يهون من أجل ورق البنكنوت من الدولارات والريالات والدراهم، فهؤلاء من أعنيهم بالرد على افتراءاتهم وتعمد التضليل وطمس الحقائق، أولئك الجهلة والعبيد هم وقودهم ورصيدهم الاستراتيجى فى ترويج أكاذيبهم وتجارتهم الفاسدة.. أسوق ثلاثة أسباب رئيسية لتوصيف ثورتهم المزعومة فى 30 يونيو وما تبعه فى 3 يوليو بالانقلاب العسكرى المكتمل للأركان تم التحضير له منذ الإعلان الدستورى المكبل الذى أصدره المجلس العسكرى فى اليوم الثانى للانتخابات الرئاسية (17 يونيو 2012) بعدما لاح فى الأفق اقتراب محمد مرسى من الفوز بأول استحقاق رئاسى ديمقراطى نزيه، داحضاً افتراءاتهم وكاشفاً لمدى كذبهم.

السبب الأول: الفشل فى ترسيخ وتثبيت توصيف 30 يونيو فى الأذهان كثورة شعبية حقيقية لاسيما بعد مرور أكثر من عشرة أشهر من السجالات الفكرية الجدلية والتى لم تنتهى بعد بين مؤيدين ومعارضين لها كثورة أو انقلاب ذلك أن الثورة تفرض نفسها على الجميع والماضى القريب فى 25 يناير 2011 خير شاهد ودليل فمنذ اليوم الثالث الخميس 27 يناير ومع صبيحة جمعة الغضب فى 28 يناير أدرك الجميع بما فيهم السلطة (فى قرارة نفسها طبعا) أن تحركات الشارع لا يمكن أن توصف إلا بالثورة الشعبية وتأكدت الصورة وترسخ توصيف الثورة فى 2 فبراير فيما عرف بموقعة الجمل، ومنذ ذلك التاريخ ترسخ فى العقل الجمعى الشعبى أن 25 يناير ثورة شعبية حقيقية دون أخذ أو رد رغم وجود معارضين كثر لها، إلا أن هؤلاء المعارضين لم يجرؤوا على إنكار ثورية 25 يناير فى العلن وظلوا يتربصون بها حتى انقضوا عليها فى 30 يونيو.

السبب الثانى: لا توجد ثورة فى التاريخ أيدتها قوات الشرطة والأمن مثلما حدث فى 30 يونيو فقد كان مشهداً مريباً بوقوف رجال الشرطة إلى جانب أدعياء الثورة فى حراسة تامة وحميمية عجيبة وحماية كاملة من قوات الجيش أرضاً وجواً فى مشهد احتفالى راقص دون إراقة نقطة دم واحدة من الثوار الأحرار المحتشدين فى الميادين فى سابقة لم تحدث من قبل فى كتالوج الثورات المتعارف عليها فأي ثمن دفعه الثوار حيث لم يوجد شهيد واحد قدموه قرباناً لحرية الوطن حتى نسمى ما فعلوه ثورة ؟! ، ذلك أن الثورات تندلع ضد الأنظمة الأمنية بالأساس وأن قوات الأمن فى قمة أولويات سخط الشارع ومرمى الهدف الثورى والشاهد الحقيقي على ديكتاتورية أى نظام مستبد حيث أن القبضة الأمنية الجائرة هى القاطرة التى تجر جميع صنوف الفساد المالي والإداري والمجتمعي وتمهد لمزيد من تدهور كافة الأوضاع على جميع الأصعدة تمهيداً للانفجار العظيم وهذا ما حدث فى مصر وكل ثورات الربيع العربى والعالم أيضاً، وآية ذلك إذا سألت أى عضو من أعضاء الشرطة جنوداً كانوا أو ضباطاً عن رأيهم فى ثورة 25 يناير 2011 فستجد ردوداً تسب وتلعن فى الثورة والثوار التى جلبت الخراب وانتقصت من الهيبة وكسرت شوكة الأسياد كما كانوا يعتقدون ويعيشون رغم تحسن دخولهم ورواتبهم، وفي المقابل تسمع العكس تماماً إذا ما ذُكرت 30 يونيو أمام مسامع أي من أحد أفراد الشرطة على كافة مستوياتهم التى يعتبرونها ثورة حقيقية أعادت الأمور لنصابها حيث الشعب فى خدمة الشرطة وليس العكس واستعادت الداخلية هيبتها المفقودة فى البطش والتعذيب التنكيل بعباد الله من رعاع الشعب الذى تجرأ على أسياده من جنرالات الشرطة!.

السبب الثالث والأخير: أى انقلاب عسكرى لابد أن يحكم (لأن مفيش حاجة ببلاش) وإن أنكر حتى وإن تدثر فى رداء حكومة مدنية ظاهرية خاضعة تماماً لإرادة الحكم العسكرى من حيث العقلية والإدارة السياسية التى لا تمت بصلة لآليات الديمقراطية والتعددية أو فقه الاختلاف المنعدم تماماً فى الذهنية العسكرية، وها هو الجنرال يحلم منذ الصغر بحكم مصر بالسيف الأحمر، وقام بتحصين نفسه كوزير للدفاع وقائد عام للقوات المسلحة فى دستور صنعه على عينيه ليظل الجيش هو حامى حمى الوطن لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون ويفوضه الجيش بالترشح للرئاسة، ثم فى الوقت نفسه يمهد الطريق إعلامياً منذ شهور لترشحه للرئاسة ثم الترشح بالفعل فى مسرحية هزلية تتمسح بالديمقراطية والتعددية الشكلية لإيهام الناس بأن الجنرال هو المنقذ والمخلص للبلاد والعباد طالباً من شعبه (الآخر طبعا) التفويض والنزول بالملايين حتى تنال مصر شرف رئاسة سيادته.

تعيش مصر الآن بما لا يدع مجالاً للشك أجواء أواخر عام 2010 من تزوير فاضح لانتخابات تشريعية تمهد لدولة الوريث مع تكميم وتشويه لأفواه المعارضين وتلفيق القضايا مع اشتداد القبضة الأمنية كحل وحيد وخيار أوحد لبقاء النظام حتى ولو على أشلاء الوطن وكأنهم لا يتعلمون من دروس الماضى القريب وأن سنة الله ماضية فى عباده، وإرهاصات لثورة فاصلة قادمة لا تزال حيّة فتية فى الشارع الآن انتظاراً لساعة الفصل والحسم، ومن لا يرى غير ذلك فهو أعمى البصر والبصيرة. 
التعليقات (0)