صحافة دولية

إيكونوميست: السعودية مترددة في تغيير وضع المرأة

نساء سعوديات مع الملك عبدالله - (أرشيفية) ا ف ب
نساء سعوديات مع الملك عبدالله - (أرشيفية) ا ف ب
هل تتحول الرياضة لواقع حياة بالنسبة للمرأة السعودية؟ وهل تسير الموجة لصالحها؟ وهل هناك تغيير في وضعها  أم ان التغيير يحصل ببطء هذا ما طرحته مجلة "ايكونوميست" البريطانية في عددها الأخير في مقال تحت عنوان "يحررن أنفسهن".

وأشارت المجلة لموقف النخبة الدينية المحافظة من تعليم البنات الرياضة البدنية ومعارضتهم لإدخاله في المقررات الدراسية باعتباره "تغريبا" لا مكان له في "مهد ولادة الرسول محمد والإسلام".

وتشير إلى أن المرأة السعودية شاركت عام 2012 في الألعاب الأوليمبية السعودية ولأول مرة في تاريخ هذه المناسبة الأممية التي تعقد مرة كل أربعة أعوام. 

وتلفت المجلة إلى أن السلطات السعودية منحت ومنذ العام الماضي رخصا لإنشاء نوادي رياضية خاصة للنساء وهو تطور عن الوضع السابق عندما قامت لينا المعينا عام 2006 بتسجيل نادي كرة سلة خاصة بالفتيات كشركة مساهمة محدودة. 

وحتى اليوم نشاهد البنات السعوديات وهن يلعبن كرة القدم مع إخوانهن وتظهر اطراف عباءاتهن وهن يجرجرنهن على التراب.

وتضيف المجلة أن الموجة تتحرك وإن ببطء لصالح المرأة السعودية.

وتنقل عن المحاضرة هاتون الفاسي التي كتبت عن تاريخ المرأة السعودية "كان صوت المرأة دائما يدعو للتغيير"، مضيفة "ولكنه اليوم أوضح ووصل إلى صناع القرار". 

وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش قد هاجمت غياب المساواة بين الجنسين في المملكة لكنها تحدثت العام الماضي عن الإصلاح "المتواضع والمشجع" بشأن وضع المرأة.

ويربط التقرير التطورات الجديدة بعهد الملك عبدالله الذي قام ومنذ توليه الحكم عام 2005 بمنح المرأة دورا أكبر في الحياة العامة.

ففي عام 2009 تم تعيين نورة الفايز كنائبة لوزير التعليم وهو أعلى منصب تتولاها امرأة في السعودية وفي العام الماضي تم تعيين 30 امرأة في مجلس الشورى من بين 150 عضوا والذين يعينهم الملك.

ومن المتوقع أن تشارك المرأة وتقترع في انتخابات المجالس البلدية في العام المقبل، وهي الإنتخابات الوحيدة التي تجري في السعودية، مع أن المجالس ليست مهمة في صناعة القرار.

وتشير المجلة للتحولات التي يشهدها القطاع الخاص فيما يتعلق بالمرأة، ففي هذا العام تم تعيين سمية الجبرتي كأول رئيسة تحرير لصحيفة يومية "سعودي غازيت"، وهناك تزايد في أعداد النساء العاملات ومن يدرن تجارتهن الخاصة، مع مستوى البطالة بين النساء لا تزال عالية وتصل إلى نسبة 32%. كما وتم فتح أول مكتب محاماة تديره إمرأة بعد رفع الحظر عن ممارسة المتخرجات من مدارس الحقوق المحاماة.

وأصبحت المرأة كما تقول المجلة واضحة وبادية للعيان حتى في شوارع العاصمة الرياض والتي تقع في "التأثير الوهابي".

ومنذ تخفيف القيود على عمل المرأة أصبح بإمكانهن العمل على صناديق الدفع في المحلات، حيث يشاهدن في محلات الملابس الداخلية الخاصة بالنساء لمتجر أيكيا السويدي. 

وتستطيع المرأة الآن أخذ سيارة من المواقف المخصصة لهن والذهاب إلى الأقسام المخصصة لهن في محلات التسوق.

كما وبدأت المرأة تعلن وتتحدث بصوت عال، فقد قامت الأميرة ريما بنت بندر آل سعود التي تدير فرعا من فروع هارفي نيكول في الرياض، بقيادة فريق من النساء وأقامت معسكرا عند قمة إيفرست لنشر التوعية بين النساء حول سرطان الثدي كما وكتبت النساء أكثر الروايات انتشارا "بنات الرياض" وقمن بأخراج أول فيلم روائي "وجدة" الذي يتحدث عن فتاة تحلم بامتلاك دراجة  لتتسابق مع ابن الحي.

وفي كل أنحاء السعودية تدفع المرأة من اجل تغيير القوانين، حيث رحبت المرأة بتشريع قانون يجرم العنف ضد المرأة رغم أن المسؤول عن تنفيذه غير واضح. وبحلول عام 2020 ستتمكن المرأة من الحصول على بطاقة هوية والتي ستصبح إجبارية وليست اختيارية.

كل هذه التطورات تحصل مع أن قاعدة الولي/محرم على المرأة،والدها، زوجها، شقيقها أو ابنها إن ارادت السفر او العاج لا تزال قائمة. وتقول عزيزة يوسف المحاضرة في جامعة سعود في الرياض "ستظل التغييرات عرضا للخارج طالما بقي قانون المحرم في مكانه". 

ويناقش البعض أن عدم معالجة الحكومة للموضوع يعني أنها تقوم بمأسسة الفصل  بين الجنسين حيث لا يسمح للمرأة بأن تختلط في الفضاء العام. فالبنوك لديها فروع خاصة بالنساء، والتعليم منفصل من الروضة حتى مرحلة الدكتوراة، والإستثناء الوحيد هي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا التي تبعد 80 كيلومترا عن جدة.

وتواجه المرأة كما يقول التقرير مصاعب ومضايقات حتى عندما تتسوق لشراء الملابس، فمثلا إن أرادت قياس لباس تضطر الذهاب للحمام لأن المحلات التي يديرها الرجال لا يوجد فيها مكعبات لتغيير الملابس.

ويرى كاتب التقرير أن السعودية في خطوة تتخذها للأمام تقوم بالرجوع خطوة مقابلة للوراء.  ففي الشهر الماضي حكمت محكمة على أمراة بالجلد 150 جلدة لسياقاتها سيارة. وتعتبر السعودية الدولة رقم 127 من بين 136 من الدول التي تعاني من فجوات بين الجنسين حسب مؤشر الأمم المتحدة.

ولا توجد أية إشارات عن قيام المؤسسة الدينية بالنظر والتفكير في موقع المرأة، خاصة أن بعض التفسيرات متأثرة بالقيم القبلية التي لا تتشارك فيها مع الكثير من الدول المسلمة بل وحتى السعوديين أنفسهم.

ويتحدث التقرير عن مبادرات المرأة السعودية مثل "سعودي ويمن ويبلوغ" الذي تشارك فيه الفاسي وسمر فطاني وإيمان النفجان وهن صحافيات حيث يناقش عددا من القضايا المتعلقة بالمرأة. كما أن التويتر يحفل بالكثير من التعليقات حول  حقوق المرأة- مع وضد-.

ومن أهم المحفزات على التغيير في السعودية هو التعليم، فهناك عدد متزايد من الفتيات في الجامعات ويكملن تعليمهن العالي. وهناك 150.000 طالب معظمهم يدرسون في الخارج. وتنقل عن هيفا جمال الليل مديرة جامعة عفت الخاصة للنساء في جدة " الجيل الشاب يتعرض للثقافات الأخرى". 

وأكثر من هذا فالتغير في واقع المرأة ناتج عن الإقتصاد حيث تشارك المرأة فيه، وتنقل المجلة عن عاملات جدد في فرع للملابس الداخلية كن يناقشن العمل "مواقف العائلات والرجال تتغير" كما تقول أريج ياسين، لكن زميلتها تقول " والدي سمح لي بالعمل لأننا بحاجة للمال".

وتشير للفتوى التي أصدرها الشيخ صلاح بن سعد اللهيان الذي قال إن المرأة تضر برحمها عندما تقود السيارة، ومع أن هذه الفتوى لا تعتبر عقبة ولكن العقبة هي الحكومة التي تخشى حتى الآن من منح قوة للناس العاديين بمن فيهم النساء، وهو نفس موقف المشايخ، وفي الوقت الذي يريد فيه الرجال تغييرا بسيطا لكنهم يريدون الحفاظ وضعهن كما هو. وهناك عقبة أخرى من المرأة نفسها التي لا تريد التحرر.

ومع ذلك هناك تغير في وضع المرأة، ففي البداية لم يتقبل المجتمع فكرة عمل المرأة في المحلات العامة. 

ويقول صاحب شركة لتوظيف النساء  "تم طرد النساء اللاتي عين لأول مرة في متجر بالرياض بعد اسبوع" ولكن الناس تقبلوا الفكرة. كما أن المحلات اللاتي توظف المرأة فإنها خصصت مداخل ومكاتب منفصلة عن الرجال.

لكن في بعض الأماكن يختلط الرجال بالنساء لأن القانون غير واضح.
ويقول  سهل ياسين وهو إمام ومستشار إن الطلاق بات منتشرا لأن المرأة  أصبحت أكثر وعيا بحقوقها.

وتلاحظ المجلة خلافا قي مواقف المرأة حول الكيفية التي يمكن من خلالها أن تحصل على حقوق أكثر، مع أنهن متفقات أن الإصلاح يحدث ولكن ببطء.

وتقول عضو مجلس الشورى هدي عبد الرحمن الهليسي إن التغيير يحصل من خلال العمل داخل النظام، ومن يوافقنها الرأي يقلن إن أي قرارات متعجلة قد تؤدي إلى آثار سلبية، ويشرن إلى سويسرا لم تمنح المرأة حق التصويت إلا عام  1971.

وترى اخريات أن التغيير يجب أن يحصل في مواقف من هم في القمة. وترى عزيزة يوسف "لا مجتمع يتغير بدون قوانين تأتي من السلطة في القمة".
التعليقات (0)