مقالات مختارة

«النور» ضد مرسي نهارا.. ومع فيروز ليلا!

شريف عبد الغني
1300x600
1300x600
كتب شريف عبد الغني: يبقى «النور» هو اللغز، النور قلبها «ضلمة» على مصر، النور لا يحمل من اسمه شيئا. النور عار وخيانة وخطيئة.

كثيرون حائرون: كيف لحزب النور ومنظّره ياسر برهامي، وتابعه يونس مخيون، وصبيه نادر بكار أن يتخلوا عن رفاقهم في التيار الإسلامي وفي القلب منهم «الإخوان».. كيف لهم أن يتركوا محمد مرسي الحاكم العادل التقي، ويتحالفوا مع الذين استباحوا الحرمات والأعراض ؟

ثم كيف يبتلع «برهامي» وصحبه إهانة أحد مرتزقة السلطة ووصفه لهم بأقذع النعوت والأوصاف؟!

الحقيقة أنا لم أتفاجأ بموقف هذا الحزب وقادته. إنهم معروفون بأنهم صنيعة الأمن. مشهورون بأن قرارهم ليس من «دماغهم». لذلك لم ينضم تحت لوائهم رموز السلفيين الحقيقيين وفي المقدمة حازم صلاح أبو إسماعيل صاحب الرؤية الثاقبة، والذي ببصيرة يحسد عليها تنبأ بكل ما يحدث الآن، وأن مصر ستصبح «أضحوكة الدنيا».

أحد مشاهير حزب النور له قصة تستحق أن تروى، القصة تكشف تفكير هؤلاء القوم الذين لا أعرف بأي وجه سيقابلون ربا كريما، وقد صلوا صلاة استخارة قبل أن يقفوا في صف القاتل لا الضحية!

بطل قصتنا، وهو عضو مجلس شعب سابق، يملك كل المقومات التي تجعله يكتسح: «المال» وهو ينهمر عليه وعلى أمثاله زي المطر، من جهات مجهولة ومعلومة، «الذكاء» الذي جعله يفهم نفسية البسطاء الذين «تزغلل» أعينهم مظاهر الأبهة، يركب سيارة فارهة من ذلك النوع الذي يركبه نجوم الفن، خاصة مطربات الفيديو كليب، «الشهرة» فهو دائم الظهور في الفضائيات، كثيرون يشاهدونه، يكملون بمتابعته وأمثاله قشرة التدين، يبحثون عن وسيلة تعوض شعورا خفيا بالذنب بعد أن يمد أحدهم يده ويأخذ رشوة، أو يسرق آخر جزءا من مساحة جاره في الحقل، أو يمارس ثالث النميمة وينهش «لحوم» وسيرة الناس في ثرثرة فارغة.

حضرة العضو وحزبه من هواة الركوب، ليس فقط السيارات الفارهة، فقد ركبوا موجة «25 يناير»، لكن بعد سقوط مبارك، قبلها حرَّموا الخروج على الحاكم ما دام ينطق شهادة التوحيد. الإسلام -حسب مفهومهم- لا يريد المؤمن قويا شجاعا يواجه الحاكم المستبد، بل إذا ضربك بالرصاص المطاطي في عينك اليمنى فأعطه اليسرى ليفجر فيها قنبلة غاز. شعارهم: «اصبر على جار السوء، ليرحل أو تيجي مصيبة تشيله». لذلك خرسوا حتى عندما قتلت الشرطة زمن «مبارك» زميلهم «سيد بلال» الشاب السكندري الذي حاولوا «تلبيسه» قضية تفجير كنيسة «القديسين» بالإسكندرية. كما أصابهم صمت القبور بعد اغتصاب زبانية الشرطة مؤخرا أحد أعضاء حزبهم نفسه لمشاركته في المظاهرات.

النائب يحمل لقب «فضيلة الشيخ الدكتور»، إنه صريح جدا مثل باقي حزبه، يحرمّون الإبداع ويعادون الثقافة والفن. أحد زملائه في الإسكندرية أسقطوه في الانتخابات بعدما اتهم نجيب محفوظ بنشر الدعارة عبر أعماله.

لكن صاحبنا له معجزات.. أكد علنا وعلى رؤوس الأشهاد أن «الديمقراطية» كفر، لكن لم يلتفت أحد ويسأله: «طيب يا مولانا لماذا هذه الازدواجية.. تقول إنها كفر ثم تخوض انتخابات تقوم على الديمقراطية». عدّد مناقبه في مؤتمر انتخابي، وأهمها أنه نزل يوم 28 يناير «جمعة الغضب» أثناء الثورة على الرئيس المخلوع، وطالب المتظاهرين أن يفضوها سيرة ويعودوا إلى منازلهم. غير أن موقف كهذا لا يهم ناخبيه، فالديمقراطية فعلا كفر، ويكفي أنها تذيب الفوارق وتجعل الصغير يقول رأيه في حضرة الكبير دون خشية. ومن يروجها -حسبما قالوا فيما بعد- هم الإخوان الذين يريدون عبرها مصادرة مصر لحسابهم!

سألت أحد من أعطوا أصواتهم للنائب، عن سر فوزه، فذكر عدة أسباب وجيهة: «الراجل كويس وبيطلع في التلفزيون ويعرف شيوخ مشهورين ودايما بييجوا معاه.. وكمان زملاؤه ومساعدوه بيعملوا خير كتير قوي.. كفاية إن أي عريس مربوط ليلة دخلته بيفكوه على طول.. ربنا يسترها معاهم زي ما بيستروا شبابنا».

أحد «الجزارين» يحب الرجل بجنون، فهو «أهم زبون عندي، وبيشتري لوحده 40 كيلو لحم في الأسبوع». باقي الجزارين يطلبون وده كي يكون زبونهم. النائب مقتنع مثل غالبية المصريين أن «اللحم» هو أكبر قوة: «لا تقولي غيرها من الحاجات اللي تقصف العمر دي.. بعد حتة اللحمة ما تلاقيش». حضرته مثل مشاهير حزبه رومانسيون ويقدسون الحياة الزوجية، متزوج من ثلاث ويبحث عن الرابعة، يقولون: «ما دام ربنا مديك الصحة، فلا تبخل على نفسك من متع الدنيا، ثم إنك تقوم بخدمة عظيمة للدين.. تزيد من عدد المسلمين».

ذهب واحد من أبناء البلدة التي ينتمي إليها النائب، لشراء بعض المستلزمات من أحد المحال بمدينة قريبة، اقتربت منه إحدى الموظفات بالمحل بعدما عرفت أنه «بلديات الشيخ». سألته عنه:

- قال لها: إيه السبب؟

أجابته: «أصله متقدم لي للزواج».

نصحها بالرفض لأنه متزوج ثلاث قبلها، فكانت مفاجأة الفتاة: «عشان كده بيحاول يقنعني بالموافقة.. ده حتى بيشغل أغاني فيروز ويسمّعها لي في التليفون».

إنها قمة الرومانسية، لكن أرجوك لا تسأل أسئلة مملة مثل التي سبق وذكرتها أنا عن «ازدواجية التصرفات»، افعل مثل ناخبيه ولا تهتم بجزئية «تحريم الغناء» علنا، خصوصا بأصوات المطربات، ثم الاستماع إليهن في السر، واستخدامهن للوصول بقصة حب إلى بر «المأذون». هل هناك أجمل من فيروز صاحبة الصوت الملائكي لتنهي هذه المهمة بنجاح: «شايف البحر شو كبير.. كبر البحر بحبك».

الفتاة كما يقول من شاهدها هي من نفس السن التي يحبها الرجل وأمثاله ورموزه، إنهم لا يحبذون الكبيرات، تماما مثلما لا يحبذون «الدجاجة العتاقي».. ثقيلة على المعدة. يفضلون الصغيرات بنفس درجة تفضيلهم لـ «الدجاجة البداري».. خفيفة وسهلة الهضم.

يا خوفي عليكي يا مصر من هواة الركوب.. ركوب الثورات. لكنهم بقدرة قادر يتحولون إلى مركوبين.. مركوبين من «البيادة»!.

(العرب القطرية)
التعليقات (0)