كتاب عربي 21

الصناديق صديقة الإسلاميين

عبد الله المجالي
1300x600
1300x600
منذ فوز حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الكاسح في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، لا زالت صناديق الاقتراع صديقة حميمة للإسلاميين، أو ما يطلق عليه الإسلام السياسي.

وتأتي الانتخابات المحلية التركية بعد ثماني سنوات لتؤكد النظرية، فقد تفوق فيها حزب العدالة والتنمية التركي المحسوب على الإسلاميين، وهي الانتخابات التي أريد لها أن تكون استفتاء شعبيا على شعبية الحزب ورئيسه رجب طيب أردوغان.

في السنوات الثمان الماضية سالت مياه كثيرة، فقد استفز فوز حماس دوائر إسرائيلية وعربية وغربية، عملت منذ تلك اللحظة على إفشال أي تجربة إسلامية وليدة؛ إما عن طريق إغلاق صناديق الاقتراع أمامهم بتزوير الانتخابات، أو عن طريق تجفيف منابع شعبيتهم.

وقد عملت تلك الدوائر بالخطتين معا. فمصر التي شهدت فوزا كبيرا للإخوان المسلمين في انتخابات مجلس الشعب عام 2005، لم يستطع الإسلاميون فيها الحصول على شيء يذكر في انتخابات عام 2010، حيث قرر نظام مبارك إغلاق الصناديق في وجههم.

في الأردن أغلقت السلطات الصناديق أمام الإسلاميين عام 2007، فمنو بهزيمة كبيرة بعد أن قررت السلطات هناك التدخل بشكل سافر في الانتخابات التشريعية والبلدية.

انتفضت الشعوب العربية بدءا من تونس عام 2011، وبدأ حراك ثوري يجتاح بلدانا عربية مهمة، فعادت الصناديق لتفتح مرة، ولتحتضن مرة أخرى أصدقاءها الحميمين.

في تونس تفوق الإسلاميون اللذين اضطهدوا أيام نظام زين العابدين، وفي مصر اكتسح الإسلاميون كافة المراحل الانتخابية، وكان الصندوق حليفهم في كل مرة يذهبون فيها إليه.

لقد تعدى الأمر مسألة اللعب مع الكبار، إلى مسألة تقلد زمام الحكم، وهذا أمر خطير جدا بالنسبة للدوائر الكارهة للإسلاميين؛ عربية وغربية.

إذا، فليس هناك نتائج تذكر لخطة تجفيف المنابع والتشويه التي تعرض لها الإسلاميون طيلة السنوات الماضية، فما إن فتحت صناديق الاقتراع حتى اشتاقت لأصدقائها وأحبابها.

إذا، لا بد من إغلاق الصناديق، والبدء بخطة أخرى.

الغرب بدا محتارا، فهل يشجع الصناديق صديقة الإسلاميين، فيكون منسجما مع مبادئه المعلنة، أم يقفلها ليبدو متناقضا مع الشعارات التي يرفعها.

يبدو أنه ترك المهمة للدوائر الإسرائيلية والعربية لتقرر هي ما تشاء، ولينتظر النتائج.

هذه المرة كانت الخطة عنيفة، والهدف هو الاستئصال وليس التضييق، فحدث الانقلاب الدموي في مصر، وارتكبت المجازر، وصار الإسلاميون محاصرون ومطاردون. لقد أقفلت الصناديق في وجه الإسلاميين، على أمل أن يفترق الصديقان يوما.

وتأتي نتائج صناديق الاقتراع في تركيا، البلد المسلم غير العربي، لتؤكد نظرية صداقة الصناديق والإسلاميين، فهل من معتبر.

للأسف فقد اعتبر البعض، وتراهم يقفلون الصناديق، ويفعلون كما فعل ذلك الغبي الذي أراد أن يتخلص من بعوضة فجفف البحيرة كاملة، فخسر مصدر رزقه، وطارت البعوضة لتبحث عن بحيرة أخرى.

أما عن سر العلاقة الحميمة بين الصناديق والإسلاميين، فتحتاج إلى مقالات أخرى. 
التعليقات (0)