كتاب عربي 21

معركة الإعلام بين العرب وإيران

عزام التـميمي
1300x600
1300x600
تتمتع إيران بقدرات إعلامية هائلة يقابلها في الجانب العربي أو الإسلامي - المتوجس من السياسة الإيرانية - عجز مريع. لم يدخر الإيرانيون وسعاً في تحين الفرص لاستغلال عجز العرب من حولهم وملئ الفراغ الناجم عن غيابهم  في الساحة الإعلامية السياسية.

لا يغيب عن كل مهتم بوسائل الإعلام ذلك  الفرق الهائل بين "ما كان" و "ما أصبح" في مجال الترويج للأفكار والتأثير على المتلقي، بين عهد المنشورات وعهد الفضائيات. فالمنشورات حينما كانت الوسيلة المتبعة من قبل أصحاب المشاريع الفكرية أو السياسية كانت توزع في نطاق ضيق جداً، وربما لم يكن الناس يقبلون عليها و من وصلت إلى يديه منهم ربما لم يكن يوليها كثير اهتمام، وينتهي بها المطاف إلى القمامة. أما القنوات الفضائية، شئنا أم أبينا، فإنها تدخل علينا في غرف جلوسنا بل وغرف نومنا، ولم تعد اليوم تصلنا قصراً عبر شاشات التلفاز،  بل وأيضاً عبر الإنترنيت من خلال أجهزة الحاسوب أو الهواتف النقالة. 


تستثمر إيران أموالاً طائلة في وسائل غزوها الفضائي للآخر، وهذا على الرغم من اتباعها سياسية رقابية صارمة على ما يدخل إلى بيوت مواطنيها.  ففي الداخل الايراني تفرض على المواطن الايراني  عزلة إعلامية وتحجب عنه كثير من وسائل الإعلام العالمية، ويعتبر اقتناء صحن تلقي البث الفضائي وجهاز توليف القنوات الفضائية من الممنوعات التي يمارسها كثير من الناس سراً وفي مخالفة للقوانين والإجراءات المعمول بها. وليس متاحاً بسهولة في إيران ما بات مظهراً عادياً من مظاهر الحياة في معظم دول العالم، ولذلك تجد المواطن الايراني يسترق السمع بحثاً عن المعلومة باذلاً الجهد في سبيلها بينما الاموال التي تضخ من قبل النظام في ايران لبث الدعاية السياسية للخارج ليست تكاد تكون بلا حدود أو قيود. 


قبيل انطلاق الثورة السورية كانت وسائل الإعلام الإيرانية قد حققت اختراقاً كبيرا في أوساط المتلقين في الخارج، سواء كان المتلقي عربي اللغة ام انكليزي اللغة. ومن أهم القنوات الموجهة للخارج قناة العالم الناطقة باللغة العربية و قناة Press TV الناطقة باللغة الانكليزية. والذي ساعد هاتين القناتين على النجاح أن برامجهما كانت تتسم بدرجة عالية من المهنية، وهذه من الأمور التي تساعد وسائل الاعلام على التميز وجذب المشاهد، وذلك أن المشاهد هو الذي يقرر ماذا يريد أن يشاهد أو يسمع، بيده جهاز التحكم  عن بعد، يقرر بواسطته لمن يعطي أو يمنع، ولمن يمنح أن يحرم. والاعلام الذي يريد ان يحقق اختراقات و يريد ان يصل الى المشاهدين ينبغي أن يكون من المهنية و الحرفية بحيث لايشعر المشاهد بأن القناة التي يشاهدها تحاول أن تملي عليه أو أن ما يتلقاه يقصد منه غسل دماغه و تحديد توجهه. هذا مع العلم أن ما من صاحب وسيلة إعلامية مقروءة أو مسموعة أو مشاهدة إلا ولديه رسالة يسعى لإيصالها لمتلقيه، سواءا كانت هذه الرسالة نبيلة أو كانت على النقيض من ذلك . ومجال التنافس بين الإعلاميين هو إيصال رسائلهم بأيسر وأسلس الطرق وأكثرها جذباً للمتلقي . 


لقد حشد الايرانيون خبرات وتقنيات عالية الجودة للتأثير على العرب والمسلمين من خلال قنواتهم الفضائية. خذ على سبيل المثال قناتهم الناطقة بالإنجليزية: PressTv التي تستضيف أناساً من كل انحاء المعمورة ومن مختلف الاديان والتوجهات السياسية، في برامج حوارية سقفها مرتفع،وإن كان الهدف منها في نهاية المطاف هو تسويق الفكرة المراد بثها عبر الأثير انسجاماً مع التوجه الإيراني الرسمي. أما القناة الناطقة بالعربية: قناة العالم، فقد تقدمت هي الأخرى وأصبح لها شعبية قوية في أنحاء العالم العربي وفي أوساط الجاليات العربية في الغرب، وذلك بسبب طرحها - بجرأة لا تجدها في كثير من وسائل الإعلام المملوكة عربياً - لقضايا تهم المتلقي العربي حيث وجد. وهي الأخرى تستضيف الخبراء والمعلقين على اختلاف انتماءاتهم الفكرية والسياسية وإن كانت في المحصلة تروج لما يريده النظام الإيراني. 


لكن رغم النجاحات الكبيرة والاختراقات المهمة، لم يلبث الاعلام الايراني أن تلقى ضربة قوية، لا أظنه تعافى منها حتى الآن، بسبب الموقف من ثورة سورية. فالموقف المؤيد للنظام في سورية عرى الازدواجية و النفاق السياسي لهذا الاعلام الذي وقف مع ثوار تونس ومصر وليبيا ولما بدات الثورة السورية اصبح  يروج لنظرية مفادها أن ما يجري في سوريا إنما هو مؤامرة إمبريالية دولية على المقاومة والممانعة بينما تراه يمجد ثورة البحرين ويعتبرها انتفاضة مشروعة ضد الظلم والطغيان، وهذا تفسير للحدث لم يلق تعاطفاً ولا قبولاً لدي عامة الشعوب العربية والإسلامية. ولعل هذا الانكشاف أمام الجماهير، والذي أدى إلي عزوفها عن مشاهدة قنوات مثل "العالم" أو "المنار" أو  Press TV هو الذي دفع الإيرانيين أو بعض أنصارهم إلى تمويل إنشاء قناة عربية جديدة، هي "الميادين"، في محاولة متجددة لاختراق الساحة الإعلامية العربية من خلال خطاب داعم للموقف الإيراني ولكن بأسلوب أكثر نعومة.  


لقد انفق الإيرانيون على مدى ما يزيد عن عشرة أعوام اموالاً طائلة على الاعلام الموجه إلى العرب والمسلمين حول العالم، ولم يدخروا وسعاً في حشد الخبرات الإعلامية المميزة واقتناء أحدث التجهيزات . وخذ على سبيل المثال مكتب قناة Press TV في لندن، والذي يقع في نفس المبنى الذي يؤوي قناة الحوار الفضائية. فرغم أن مكتب بريس تي في لندن لا يبث في الأغلب أكثر من ساعة يوميا إلا أنه زود بالإمكانيات الفنية والبشرية التي تفوق أضعافاً كثيرة قدرات قناة الحوار التي تبث ما معدله ثمان ساعات من البرامج الجديدة يومياً. من المعلوم أن معظم ساعات بث هذه القناة الإيرانية الناطقة بالإنجليزية تنطلق من المقر الرئيسي للقناة في طهران. وللقناة مكاتب ومراسلون حول العالم، بميزانيات يستدل من حجم التغطية أنها كبيرة، وكبيرة جداً. 


والسؤال الذي لا مفر من طرحه هنا هو: ماذا لدى المتوجسين من إيران - وأهل السنة منهم بشكل خاص - من وسائل إعلام موجهة إلى الشعب الإيراني لمقابلة ما يبثه نظامهم على مدار الساعة مستهدفاً العرب والمسلمين في الجوار وحول العالم بمختلف اللغات؟ من المؤسف أن أفضل ما تفتقت عنه عبقرية بعض ربعنا هو قناة افلام أمريكية مدبلجة أو مترجمة إلى اللغة الفارسية وكأن الحل من وجهة نظر هؤلاء هو أمركة الشعب الإيراني وإغراؤه بقناة تسلية فارغة من كل مضمون هادف. وفيما عدا ذلك، لا يوجد لدى العرب المتوجسين من المشروع الإيراني وسائل إعلامية مؤهلة لتوجيه رسائل سياسية أو تحليل سياسي إلى الشعوب الإيرانية رغم أهمية الوصول الى شارعهم غير المنسجم بمجمله مع النظام الإيراني. نحن بحاجة ماسة إلى أن نتواصل مع الناس هناك، وقد سمعنا من كثيرين يترددون على ايران (وأنا لم أزر إيران قط وإنما شكلت انطباعي مما نقله إلي ثقات زاروها)، وكذلك من بعض الايرانيين أنفسهم، انه يوجد انفصام كبير بين النظام والشعب، فأين هي وسائل إعلامنا التي تناط بها مهمة استغلال هذا الانفصام واستثماره للتخذيل عن إخواننا في سوريا الذين يساهم نظام "الملالي" مساهمة أساسية في التنكيل بهم وإطالة عمر النظام "الأسدي" المتسلط على رقابهم؟


وبينما نفتقر إلى إعلام سياسي جاد موجه إلى الإيرانيين، فإن  بعضنا ينفق بسخاء لتمويل إعلام معاد لإيران إلا أنه موجه إلى ذاتنا. ومثل هذا الإعلام في محصلته لا يجدي نفعاً، فهو غير مقنع إلا لفئة قليلة من الناس. إن معظم القنوات الفضائية المنتقدة لإيران والمندة بسياساتها إنما هي قنوات عقائدية طائفية.  وانا لست هنا بصدد تقييم نجاعة الرؤية الطائفية لما بيننا وبين الإيرانيين وحلفائهم من خلافات وتوترات، وإنما الذي يهمني في هذا المجال تقييم أدائنا الإعلامي تجاه ما يجري في منطقتنا. فالاعلام أساساً هو وسيلة للتاثير،  والسؤال المهم هو: هل نؤثر ام لا نؤثر من خلال إعلامنا العربي والإسلامي في توجيه الرأي العام والضغط على صناع القرار السياسي؟


معظم القنوات السنية التي تتكلم عن المشروع الايراني تخاطب شريحة ضيقة من المشاهدين تنسجم في توجهها العقدي مع توجه القائمين على هذه القنوات والمحددين لسياساتها التحريرية. لا أرى أن هذه القنوات قادرة على توسيع شريحة المتلقين لبثها طالما استمرت في انتهاج نفس الاسلوب المتبع حاليا. وعلينا أن نتذكر أن ما نبثه يصبح عديم الفائدة بل ومضيعة للمال والجهد إذا لم يجذب قطاعاً مقدراً من المشاهدين المستهدفين بالبث. وجذب المشاهد يحتاج إلى مهارة في زمن تتنافس مئات القنوات الفضائية من كل صنف وفن على جمهور المتلقين. فالمشاهد ليس لديه صبر على الأنماط الرتيبة والمملة والإملائية من الاعلام، فهو ذكي ويستخدم صلاحياته في استخدام جهاز التحكم عن بعد (الريموت كونترول)، وبما أن لديه خيارات كثيرة فإنه إن مل أو ضجر سيبحث عن قنوات أخرى عله يجد لديها من التحليل و شرح مجريات الأمور ما يعتبره معقولاً ومقنعاً.  


ينبغي علينا انطلاقاً من قناعتنا بأهمية الإعلام ألا نقصر اهتمامنا على المتلقين في نطاق جغرافي محدد. فكثير من القنوات الإسلامية تخاطب حصرياً من حيث تقصد أو لا تقصد الجمهور في منطقة الخليج والجزيرة العربية رغم أن ما نحن بصدده ليس مشكلة خليجية، بل المشكلة اعم من ذلك، تشمل مناطق عدة في العالم في مصر و المغرب وماليزيا . ومرة أخرى نحتاج لإجابة على السؤال التالي: كيف نوسع دائرة جمهور المتلقين ونصل ببثنا إلى مناطق غزاها الإعلام الإيراني وأثر فيها كثيراً خلال العقد الأخير على الأقل؟ 


لعل من وسائل تحقيق ذلك إنتاج وبث برامج تعتمد على الحوار الحر والمفتوح، يستضاف فيها خبراء على مستوى عال من الوعي والدراية، لديهم المهارة في تقديم حججهم إلى المتلقي بشكل مقنع وجذاب . وتجنب الاقتصار على الخطاب الديني والتحليل الطائفي لما يجري، والبحث عما وراء التوترات من تظلمات اقتصادية واجتماعية وسياسية. ولعل من المفيد أن أشير في هذا المجال على سبيل المثال إلى الندوة التي نظمتها وبثتها قناة الحوار قبل أعوام قليلة عن المشكلة المزمنة والمعاناة الدائمة لعرب الاحواز، والتي دعي إلى المشاركة فيها مجموعة من العرب الاحوازيين وبعض الخبراء والمحللين. وقد جاء تنظيم هذه الندوة بعد أن زار قناة الحوار عدد من العرب الأحوازيين وشكوا من إهمال وسائل الإعلام العربية والإسلامية لقضيتهم. من الجدير بالذكر أن معظم عرب الأحواز هم من الشيعة. فاجأ المشاركين في الندوة أحد الأحوازيين الحاضرين، وهم معمم من رجال الدين الشيعة، بقوله: "لقد بدانا نفقد أبناءنا من الجيل الجديد من الشيعة الى السنة بسبب الاضطهاد الذي يقع علينا من النظام الايراني، فبات كثيرون منهم ينفرون من التشيع وينتقلون الى التسنن احتجاجاً." ولعل مما يستفاد من ذلك وينبغي التنبيه إليه والتأكيد عليه أن النظام الايراني لا يفعل كل ما يصدر عنه من سياسات وممارسات من منطلق طائفي شيعي، والا لما كان ليضطهد ويظلم هؤلاء العرب الشيعة. 


ما أردت الوصول إليه هو أن العامل الطائفي ربما كان واحداً من مجموعة عوامل ومكونات أخرى محصلتها هو ما نراه وما نلمسه من سياسات وممارسات. وإذا أردنا أن يكون لإعلامنا صدقية وأن يرقى إلى مستوى من المهنية يعتبره المشاهدون بفضلها مرجعاً يطمئنون إليه، علينا ألا نغرق في الخطاب الطائفي الذي يعجز وحده عن تفسير ما يجري من حولنا.  ونصيحتي الى الاخوة الذين يملكون أو يديرون فضائيات إسلامية، والتي تخصص ساعات من بثها اليومي للحديث عن إيران ومشاريعها في المنطقة، تجاوز البعد الطائفي. فنحن بحاجة ماسة إلى التوجه إلى الجماهير بخطاب إنساني مقنع نسعى من خلاله إلى التخذيل عن اخواننا في سوريا في مواجهة التمدد والاختراق الإعلامي الإيراني الذي تبذل فيه أموال طائلة من قبل النظام الايراني. ولعله يكون أكثر نجاعة في هذا السياق أن نتعامل مع المشروع الايراني على انه مشروع دولة قومية اقليمية تسعى لان تكون قوة عظمى مهيمنة. وأرى أن هذا يفسح لنا المجال لأن نضمن في تحليلنا للظاهرة الإيرانية مكونات المشروع الإيراني الباحث عن العظمة بمختلف أنواعها المذهبية والقومية والسياسية والاقتصادية . 


إنني أشك في أن تتمكن القنوات الفضائية الإسلامية التي تركز على المكون الطائفي للمشروع الإيراني وتجعله الاساس في تفسير تطلعاته وآفاقه من اقناع شريحة عريضة من الناس بما تريده من مثل هذا الخطاب. وأنصح القائمين على هذه القنوات بمراجعة جادة لسياساتهم التحريرية بما يجعلها أكثر إقناعاً أزاء تحليل  وتوصيف متغيرات الربيع العربي. فما كان سائداً قبل الربيع من نظريات تهشم كثير منها ولم يعد له سند. فبدلاً من الإصرار على ترديد ما لم يكن معقولاً ولا مقبولاً قبل الربيع العربي، الأحرى بنا أن نسلط الضوء على الآثار المزلزلة لهذا الربيع، والتي غيرت خارطة التحالفات بشكل جذري. فقبل الربيع العربي سادت لدى النخب، سواء كانت إسلامية أو قومية علمانية، نظريات تعتمد على انقسام المنطقة العربية والإسلامية إلى فسطاطين أو معسكرين: معسكر ممانعة و معسكر اعتدال . وهذا الانقسام كان حقيقياً، لا نستطيع إنكاره ولا يحسن بنا ذلك. وأنا شخصياً لا أستطيع أن أنكر أنني كنت أقف في منابر كثيرة مدافعا عن حزب الله وعن إيران وعن سوريا، إذ كانت حينها عناصر أساسية فاعلة في معسكر الممانعة الذي كان يدعم المقاومة الفلسطينية بكثير مما كانت تحتاجه لتبقى وتستمر. وفي المقابل كانت هذه المقاومة ضحية تآمر عليها من قبل منتسبي معسكر الاعتدال بقيادة نظام حسني مبارك ومشاركة أنظمة عربية موالية للغرب مثل  نظام بن علي في تونس وبعض الأنظمة الأخرى المتعفنة التي ماتزال تنتظر الربيع. و لما هبت نسائم الربيع العربي على المنطقة وتحولت إلى عواصف أطاحت بنظام بن علي في تونس ونظام حسنى مبارك في مصر، أطاحت معها بالتحالفات التي سادت لأكثر من عقد من الزمن، ولم يعد التمايز قائماً بين أنظمة تدعم المقاومة وأخرى تتآمر عليها بل بين أنظمة طاغية فاسدة من جهة وشعوب انتفضت تطالب بحريتها وكرامتها من جهة أخرى. ولا يشذ عن هذه الأنظمة الطاغية نظام بشار الأسد الذي كان ممانعاً حتى الأمس القريب وبات يرتكب أبشع المجازر وأفظع الانتهاكات بحق الشعب السوري.  


وخلاصة القول أن الربيع العربي ولد حالة مختلفة تماما لم يبق معها معسكر ممانعة ولا معسكر اعتدال . أصبح الصراع في المنطقة صراعاً بين شعوب تتوق الى الحرية و الكرامة في مواجهة طواغيت بعضها كان في معسكر الاعتدال والبعض الآخر كان في معسكر الممانعة . أرى أن مثل هذا التفسير للحدث هو الذي يمكننا من الرد بشكل مقنع على النظريات التي يروج لها الإعلام المدعوم إيرانياً، سواء المكتوب أو المسموع أو المشاهد منه، ومفادها أن ما يجري في سوريا إنما هو مؤامرة على الممانعة والمقاومة. وليس أدل على ذلك من انفراط العقد الذي جمع أعضاء معكسر المقاومة والممانعة، إثر رفض حركتي حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين البقاء في سوريا بينما نظامها يذبح شعبه بعد أن رفضتا في بداية الأحداث إصدار بيانات داعمة للنظام أو مؤيدة له. 


في الختام، أدعو إلى إنشاء قناة سياسية محترفة ومهنية ناطقة باللغة الفارسية ليس هدفها القيام بمهام تبشيرية أو محاولة تفنيد معتقدات الشيعة، فلا أري ذلك ناجعاً، وإنما المطلوب هو مخاطبة الشعوب الناطقة بالفارسية من خلال نقاشات وحوارات هدفها تعرية النظام الإيراني وكشف ازدواجيته ونفاقه السياسي، بل وميكافيليته، على الملأ. ليس لدي شك في أن مثل هذا المشروع سيصب في صالح قضية شعب سوريا والشعب العربي المضطهد في الأحواز والشعب العراقي الذي باتت مقاليد أموره في أيدي حفنة من عملاء النظام الإيراني بزعامة نور المالكي. وأرى أن فرص نجاح مثل هذا المشروع كبيرة بسبب وجود هوة عميقة آخذة في الاتساع بين الشعب الإيراني وبين نظام ولاية الفقيه المهيمن عليه وعلى مقدراته باسم خرافات ما أنزل الله بها من سلطان لعل بعض من يدعيها يعلم في قرارة نفسه بطلانها وتفاهتها. فالشعب الإيراني أيضاً مظلوم ومضطهد، بل ومحروم، إذ تهدر أمواله وتبدد ثرواته الطبيعية حول العالم في مشاريع مختلفة هدفها تحقيق هيمنة المشروع الايراني التوسعي على حساب رخاء وراحة وسمعة المواطنين.  لعل قناة تلفزيونية فارسية بمواصفات عالية الجودة من الصدقية والمهنية تساهم في إيصال المعلومة الصحيحة والتحليل العلمي الدقيق الى كافة هؤلاء الناس،  وبذلك يكون لها  دور معتبر في ولادة حراك محلي يؤدي إلى ربيع ايراني يؤذن بتغيير نحو الأفضل لصالح الشعوب الإيرانية والشعوب العربية على حد سواء. 
التعليقات (0)