مدونات

تسويس الوعي و تشويش الرأي !

وعي
وعي
لا شكّ أن المتأمل الواعي لمجريات الأحداث على مواقع التواصل في الفترة الأخيرة لمعظم الشباب و المغردين – إلّا من رحم ربّي – يجد ما يستدعي الاشمئزاز من النفس ؛ وسرعان ما يتساءل: "هو إحنا وصلنا كده ازاي؟!" لتجد من يردّ: "إيه اللي إحنا وصلناله؟! " وفي هذا المقال أحاول أن أردّ على سؤال الأخير .

وصلنا – مع كل أسف – لأن يصبح تفكير الشباب و منشوراتهم تدور حول عدّة مواضيع محددّة مفادها واحد ! و يا ليتها مواضيع تنفع أو تغني من جوع ، ولكن ما هي إلا أخبار واهية ومنشورات ساقطة .

تجد في الفترة الأخيرة على سبيل المثال لا الحصر؛ الاهتمام المبالغ فيه بأحد المفسدين الذي شغل الساحة الإعلامية لفترة ؛ لا تدري ما إنجازات هذه الشخصية لتشغل الوسط الإعلامي كل هذا الشغل ؟ ماذا أفاد أو قل ماذا قدّم لمجتمعه لكي ترى هذا الزخم الغير المبرّر؟! و للإنصاف – فقط – أقول أنه قد قدّم، نعم قدّم الفساد، وقدّم التعرّي، وقدّم الرذيلة، كل ذلك باسم الفن !! .

ومع ذلك لا تجد خبر عنه إلا وينتشر انتشار النار في الهشيم، التحركات مرصودة، وأماكن الظهور الإعلامي معروفة، و أوقاته قد حدّدت، و الإعلانات قد أعلنت وانتشرت !! لمن؟! لفاسد مفسد يسعى للإفساد ويحارب من أجله !، ثم تجد الترحيب الواسع من الإعلامي فلان، ومن الإعلامية فلانة ؛ كأنه أو كأنها تحاور بطلاً قوميًا ومنجزًا شعبيًا و أحد النخبة المثقفة التي رفعت اسم مصر عاليًا، و هم بذلك لم و لن يستضيفوا أو يفردوا الساحة الإعلامية - مثل ما أفردوها - لأحد روّاد العلم الحديث أو العلم الشرعيّ الذي يفيد الناس، و لمَ ذلك ! و الفساد يحقق أعلى الإيرادات على حساب تزييف وعي، وخلق سوس ينخر فيه حتى يسقط ويتراخى جاعلاً الفرد بلا قيمة فكرية أو توعوية، غرضه الأساسي البحث عن الشهوة، غير مهتم برقيّ المجتمع .

و لو سألنا أنفسنا كيف ترعرت هذه الشهرة الزائفة لشخصية حملت من السفه ما لو وزّع على أهل الأرض لكفتهم، لكانت الإجابة تشمل كل من يعجب و ينشر و يشارك هذه المواضيع الفاسدة، فأنت تشاهد ( يعجبك أو لا يعجبك ) فتنشر ( معجب أو منتقد ) فيشاهده غيرك ( يعجب به ) فينشره ؛ ليشاهده غيره ( ينتقده ) و ( ينشره ) إلخ ...، ليكون العامل المشترك في النهاية هو ( النشر )، ويكون الناتج النهائي هي الشهرة لشخصية الهدف المرجوّ منها إشغال عقول الشباب بما لا ينفع ولا يفيد، بل قد يفسد في كثير من الأحيان ؛ و ما نراه من فساد أخلاقي في الشوارع ليس منّا ببعيد .

و إشغال تفكير الشباب و العبث بالوعي ليس أمرًا جديدًا، فكلّ من كان يريد أن يفسد المجتمع يعمل أولاً على إفساد الشباب، فإذا فسد الشباب مُهد الطريق لإفساد المجتمع بسهولة ويسر، فتجد المتابعات والمناقشات لبرامج الأغاني و الرقص كما لو كانت مناقشات لكتاب علمي أو مشروع بحثي، و تجد نظرات التعجب تجاه شخص لأنه لا يشاهد مثل هذه السفاهات والتفاهات بداعي التخلف والرجعية .

هل سألت نفسك أو سألت أحدهم: ما الفائدة التي ستعود عليك من وراء هذه البرامج والمتابعات على الأقل إن لم يكن لها فائدة فلا يكون لها ضرر ؟! دلّني عزيزي القارئ على برنامج واحد من هؤلاء ليس له ضرر خُلقي ! لن تجد - ولو بحثت -، ولو وجدت اذهب لمختصّ أو باحث اجتماعي ليدلّك على كمية تلك الأضرار التي تسببت فيها تلك البرامج .

نصيحة غالية: إن لم تشغل نفسك وعقلك بما "يفيد" فلن تجده مستقبلاً "يفيدك" في أمور حياتك، و إذا شغلت نفسك بأخبار الساقطين ومتابعة برامجهم و أفلامهم ستجد نفسك بصورة لا واعية تتطبع بطباعهم النتنة، و تفعل أفعالهم القذرة . 

- لا تشغل نفسك بنشر ما ليس بمفيد – سواء أعجبت به أم كنت له منتقدًا -، فكل ما تكتب وتنشر ستسأل عنه، وكل من ضلّ بسببك ستسأل عنه، و انظر إلى الوسط الذي تنشر من أجله، فاحذر أن تكتب لك سيئة جارية، و احذر أن تقع ضمن المراد تسوّس وعيهم، فيشوّش رأيهم ويصبح بلا قيمة فيحيى حياة بهيمية  وهو المقصود .

أسأل الله العظيم أن يهدي شباب المسلمين، و أن يكف أيدي المفسدين عنهم .
التعليقات (0)