ملفات وتقارير

تدشين منظمة لضحايا الطائرات بدون طيار في اليمن

القاولي دشن المنظمة بعد مقتل شقيقه بقصف لطائرة أمريكية بدون طيار - عربي21
القاولي دشن المنظمة بعد مقتل شقيقه بقصف لطائرة أمريكية بدون طيار - عربي21
تواجه الضربات الجوية للطائرات بدون طيار بانتقادات واسعة في الأواسط الحقوقية والسياسية اليمنية، وصلت في بعض الأحيان إلى  تنظيم عدد من الوقفات الاحتجاجية والمسيرات المناهضة لها.

ويستعد الناشط محمد علي صالح القاولي لإعلان المنظمة الوطنية لضحايا الطائرات الأمريكية بدون طيار ــالدرونز ــ  في اليمن .

وجاءت فكرة المنظمة بعد مقتل شقيقه التربوي علي علي صالح القاولي ، وابن عمه سليم القاولي في غارة لطائرة أمريكية بدون طيار استهدفت سيارتهم في منطقة قاول  بمديرية جحانة التي تبعد 30 كيلو عن العاصمة صنعاء .

وقال رئيس المنظمة الوطنية لضحايا الدرونز محمد القاولي إنه "بدأ في عملية التواصل مع أقارب ضحايا الطائرات الأمريكية بدون طيار، دون أن يكون هناك تفاعل من قبل عدد كبير منهم ".

معللاً عدم تفاعلهم بقوله إن "البعض منهم أصابه اليأس من عملية إنصافهم من قبل الجهات الرسمية في البلاد ".

وأضاف في حديث خاص لــ"عربي 21" أن "تخاذل أقارب من تم استهدافهم بطائرات أمريكية بدون طيار في اليمن، شكل دفعة قوية بالنسبة له، وذلك لإنشاء هذا المشروع ــ المنظمة الوطنية لضحايا الدرونز ــ  بعد أن "تمكن من إقناع البعض الأخر بذلك ".

ومن المقرر أن يتم حفل إشهار المنظمة الوطنية لضحايا الدرونز باليمن في 25 من آذار/مارس الجاري .

ووفقاً للقاولي فإن " المسؤولية  تحتم عليه مناهضة القتل الذي تمارسه الطائرات الأمريكية بدون طيار باليمن، وذلك  بعد أن "تزايد عدد  ضحايا من الأبرياء الذين ليس لهم أي ارتباطات بتنظيم القاعدة في البلاد".

وبعد أن حصلت المنظمة على موافقة السلطات اليمنية بإنشائها؛ أكد محمد القاولي  أن "المنظمة تسعى إلى  توحيد صوت أسر الضحايا، والمطالبة بحقوقهم القانونية والشرعية من الحكومة اليمنية "وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية" .

مشيرا إلى أن" المنظمة ستعمل على توجيه رسائل ودعوات لفتح تحقيق بهذه الحوادث  ومقاضاة من تسببوا في إزهاق أرواح اليمنيون" .

ولفت رئيس المنظمة الوطنية لضحايا الدرونز في اليمن  إلى أن "المنظمة  تهدف إلى وقف الهجمات التي تنفذها الطائرات الأمريكية بدون طيار، كون ماتقوم به يمثل قتلا خارج إطار القانون وطالب بتعويض أسر الضحايا بصورة عادلة .

وروى القاولي  لــ "عربي 21 " حادثة مقتل شقيقه علي علي صالح ناصر القاولي البالغ من العمر 33 سنة في 23 من كانون الثاني/يناير 2013  بغارة أمريكية بدون طيار .

وأكد أن حادثة مقتل شقيقه علي وابن عمه سليم، كان وقعها مؤلماعليه، وعلى أسرته، والتي لايزال الحزن يعتصر قلوبهم، بالرغم من مرور عام على الحادثة .

ويتذكر القاولي  مشاهد من واقعة قتل أخيه وأبن عمه، وما صاحبها من هول للموقف في ذلك اليوم حيث قال "أنه "شاهد شقيقه وابن عمه سليم وهما أشلاء متفحمة، فكان مشهد مفجع سبب له صدمة نفسية".

وعلي القاولي كان يعمل مدرسا لمادة الرياضيات واللغة العربية بمدرسة خالد ابن الوليد، قتل  بغارة لطائرة أمريكية بدون طيار مع ابن عمه سليم في 23من كانون الثاني /يناير2013 وستة آخرين، لكل شخص منهما قصة مؤلمة، وخلفهم أسر تأن وتتألم في كل ساعة تمر عليهم.

كان علي تربوياً، وكوميدي لامع في منطقة قاول بمديرية جحانة الواقعة في الجهة الشرقية للعاصمة صنعاء، يكتظ مجلسة بالحاضرين من الزملاء والمقربين، ولن يطيب مقيلهم إلا بعلي.

في نفس اليوم الذي قتل فيه  توجه إلى المدرسة كعادته، للإشراف لى امتحان الترم الدراسي الأول، وبعد أن أنهى عمله مشرفا على سير الاختبارات في المدرسة القريبة من منزله، انصرف بعد وقع على حافظة الدوام، والابتسامة ترتسم في وجهه، وهو مفعم بالحيوية والنشاط والتفاؤل كما يقول رفاقه في المدرسة، لكنه لم يعرف أن ذلك التوقيع للانصراف عن الحياة.

الحاج علي ناصر القاولي، عندما سألته صحيفة "عربي 21" عن ابنه علي، سرعان ما إحمّر وجهه، وتلعثم لسانه، وانحني رأسه وارتعش جسمه وارتفع ببطء بكاؤه، ودموعه تساقطت حزناً على البعد الذي فرضته الطائرة الأمريكية بدون طيار بينه وبين أبنه علي، يجلس بجوار الحاج علي أحفاده، يحتضن أصغرهم بقوته البسيطة، وكأنه يحاول أن يعوض حفيده الصغير حنان ودفء والده القتيل .

محمد علي القاولي  الشقيق الأكبر  لعلي يسرد لــ "عربي 21" سيرة شقيقه، حيث يفيد أن "علي كان من أوائل الملتحقين بالثورة الشبابية على مستوى منطقته، وسخر طاقته، وبذل كافة  جهوده لخدمة الثورة الشبابية السلمية التي اندلعت في 11 من فبراير لإسقاط  نظام  علي عبدالله صالح".

علي القاولي  ان شديد المرابطة في ساحة التغيير بصنعاء، يحاور، ويناقش، ويدعو زملائه وكل أصدقائه للمشاركة والانخراط في  ثورة الشباب، بعد أن "نصب  خيمته في ساحة التغيير متحمساً متلهفاً متشوقاً للتغيير الحقيقي واستعادة الكرامة والحقوق  للوطن والمواطن اليمني".

ففي  17 ابريل 2011 أصيب علي القاولي أثناء خروجه في المظاهرة المناهضة لحكم علي صالح، ورفض العودة حينها الى قريته مؤكداً على مواصلة النضال السلمي حتى تحقيق أهداف الثورة .

سليم حسين أحمد جميل القاولي البالغ من العمر20 عاماً، شابافي مقتبل العمر، طالب في جامعة خولان، أستأجر سيارة من احد أقربائه ليعول أسرته الفقيرة  مكونه 12 فرد، لتذوب طموحاته وأحلامه بالمستقبل المشرق والاستقرار، والزواج وتكوين أسرة مثل بقية زملائه من شباب القرية الذين يعتمدون على عطاء آبائهم.

فسليم وهب نفسه لخدمة أسرته، وأصبح همّه وشغله الشاغل توفير الاحتياجات الأساسية الضرورية لتعيش أسرته حياة كريمة، فجده مصاب بمرض الزهايمر وجدته المسنه طريحة الفراش، ووالده سقط من مكان مرتفع قبل سنوات فأصبح غير قادر على العمل .

سليم سائق سيارة "هيلوكس " يدفع  إيجارها اليومي، فقتل برفقة ابن عمه علي، وهما عائدان من منطقة جحانة بعد شرائهم شجرة القات المعروفة لدى اليمنيين .

تلك الليلة السوداء كما يسميها الشقيق الأكبر لعلي، دفعته إلى بذل كل جهوده وإمكاناته في سبيل مناهضة جرائم الطائرات بدون طيار في اليمن.

وأوضح القاولي  أنه "لا يوجد أي بلاغ  على شقيقه، وابن عمي  ضدهم ،أو أيّ ارتباط  بتنظيم القاعدة، وهذا ما أثبته وزارة الداخلية اليمنية أن "علي القاولي وابن عمه سليم ليس له علاقة بأي جماعة خارجة عن القانون" .

ولفت إلى أنه "قد يكون ممن استقلوا سيارة شقيقي مثلا مطلوبون أو يرتبطون  بتنظيم القاعدة، لكن كان بالإمكان التعامل معهم بطريقة قانونية، كون الغارة تمت بعد مرورهم من نقطة أمنية مدججة بالسلاح، وعلى بعد 150 متر ".

ويضيف محمد القاولي أن "السلطات اليمنية أرجعت سبب مقتلهم إلى القضاء والقدر الذي جمعهم مع مطلوبين أمنيين ".

ويجتهد محمد القاولي في جمع كل الوثائق عن الجرائم التي يصفها جراء ضربات الطائرات الأمريكية بدون طيار في اليمن .

ويرى أن "هذه المنظمة  ستعمل على تقديم العون والمساعدة  لأسر ضحايا الدرونز، من خلال مناصرة قضاياهم في مختلف المحافل المحلية والدولية ".

وحول إدانة البرلمان الاروربي  للهجمات التي تشنها طائرات أمريكية بدون طيار في اليمن وباكستان  قال القاولي "كنا نتمنى أن تصدر الإدانة  من قبل البرلمان اليمني ، رغم أنهم أصدروا على استحياء قرارا غير ملزما، وهذا ما يلاحظ من استمرار هجمات الطائرات بدون طيار"، وهذا يعكس عجز البرلمان اليمني عن إلزام الحكومة بالالتزام بالقرار الصادر في هذا الشأن.

وكان صوت البرلمان اليمني الأحد 16من كانون الأول /ديسمبر من العام الماضي على قرار يلزم الحكومة بمنع ما تقوم به الطائرات الأمريكية بدون طيار في الأجواء اليمنية والحفاظ على سيادة تلك الأجواء.

وجاء إقرار هذا القرار في البرلمان اليمني كردة فعل للسخط الشعبي الذي خلفته ضربة جوية كانت تستهدف عناصر للقاعدة ضمن موكب زفاف في مدينة رداع (100 كيلو جنوب العاصمة صنعاء) أخطأت هدفها لتصيب مدنيين، وأسفرت عن سقوط 13 قتيلاً وأكثر من 20 جريجاً.

وتأتي الإدانة من قبل البرلمان الاروربي ـــ بحسب القاولي ــ بعد أن "كثفت المنظمة من نشاطاتها، والناشطين الحقوقيين في هذا المجال/حيث تم التواصل مع منظمة ريبريف التي أسهمت في الضغط على الحكومة البريطانية في توضيح موقفها  بشكل واضح من الهجمات التي تشنها الطائرات الأمريكية بدون طيار في اليمن وباكستان".

ويشير القاولي  أن "الأصوات بدأت تتعالى  في أمريكا وغيرها من الدول الغربية المناهضة للقتل التي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية خارج إطار القانون ".

وشدد على أن"الهجمات التي تنفذها الطائرات الأمريكية بدون طيار أكسبت القاعدة مزيدا من الالتفاف الشعبي ، لأنها في الغالب تخطئ أهدافها وتقتل الأبرياء من المدنيين" .

وتقول إحصائيات حقوقية، إن" هجمات الطائرات وصلت حتى نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي إلى حوالي 65 ضربة جوية، يقدر عدد الذين قتلوا فيها من عناصر القاعدة 269 إلى 389، فيما أسفرت عن قتلى مدنيين يتراوح عددهم من 21 إلى 56 من ضمنهم خمسة أطفال.

يشار إلى أن "هجمات الطائرات الأمريكية في اليمن بدأت  في العام 2002".
التعليقات (0)

خبر عاجل