فنون منوعة

فيلمان قصيران يستشرفان نهاية الـ"توك توك" بمصر

التوك توك في مصر - أرشيفية
التوك توك في مصر - أرشيفية
هكذا هو "الفن الاستشرافي" الذي يتنبأ بالمشكلة قبل أن تحدث، فيتلمس المستقبل ويلملمه في دقائق معدودات في فيلم قصير؛ قد لا نشعر بقيمته وقت عرضه إلا أنه مع الأيام نعيش الواقع بفعل مطابق لما شاهدناه في عمل فني.

شادي عناني مخرج فيلم "كان يا ما كان" (2008)، وأسامة العبد مخرج فيلم "توك توك" (2001)، استشرفا واقع المركبة الأصغر في مصر لنقل المواطنين في عملين فنيين يكشفان منذ سنوات ما آل إليه الوضع الحالي مع "توك توك" (دراجة نارية بثلاث عجلات) الذي صدر قرار من الحكومة المصرية بحظر استيراده لمدة عام.

وقرر مجلس الوزراء، خلال اجتماعه الأربعاء الماضي، منع استيراد الدراجات النارية كاملة الصنع، و"توك توك" لمدة عام، ووضع ضوابط صارمة عن طريق وزارة الداخلية لترخيص الدراجات النارية الجديدة.  

واعتبر عفت عبد العاطي، رئيس شعبة وكلاء وموزعي ومستوردي السيارات بغرفة تجارة القاهرة في تصريحات سابقة للأناضول أن "هذا القرار تأخر صدوره 5 سنوات لأن التوك توك والدراجات النارية، وخاصة الصينية، لا يتم ترخيصها، ويستخدم في ارتكاب جرائم، وأخيرا في العمليات الإرهابية، لهذا يجب تنفيذ هذا القرار بكل شدة".

ولم يكن يعلم "عناني" الذى قدّم فيلمه ضمن فعاليات المهرجان القومي للسينما بالمسرح الصغير بدار الأوبرا 2008؛ أن فيلمه الروائي القصير سيتحوّل لواقع ملموس يعيشه أصحاب التوك توك في عام 2014.

ونجح الفيلم (الذى تتجاوز مدته 4 دقائق بثوان قليلة) الذى أنتجه المركز القومي للسينما، حكومي، في رصد كيفية انتشار "توك توك" في الشوارع المصرية بدرجة جعلت منه مصدر عيش لملايين الأسر البسيطة التي ترى في هذه المركبة ذات العجلات الثلاث أحلامها وآمالها في توفير وظيفة تدر دخلا يقتاتون منه.

الفيلم طرح الظاهرة علي أنها موجودة وغير موجودة في آن واحد؛ فرغم شيوعها في عالم الواقع إلا أن غالبية مالكيه لم يقوموا بترخيصه ما يعني عدم الاعتراف به في عالم القانون مهما كانت حاجة هذا المالك المادية إليه.

وفي الفيلم نرى البطل الذى تدعو له والدته بسعة الرزق يتمكّن من شراء "توك توك" صغير ليطير فرحًا وكأنه وجد طريق الخلاص من كل الصعاب المادية التي تواجهه وتعرقل زواجه.

وتأتي المفارقة عندما تطارده الشرطة وهو يدق أبواب الرزق بمركبته الصغيرة وتعتدي عليه، وتصادر "التوك توك" وباقي كل أحلام الشاب وتصبح "كان ياما كان".

وفي تجربة فنية أخرى للمخرج المصري أسامة العبد، جاء فيلم وثائقي بعنوان "توك توك" وثّق في 5 دقائق ونصف الدقيقة، كيف أصبح أهالي المناطق الشعبية والشوارع الضيقة يعتمدون بشكل كلي على "التوك توك" في تحركاتهم ليقطعوا به المسافات التي كانوا يقطعونها سيرًا على الأقدام قبل ظهور وسيلة المواصلات هذه في مصر.

بطولة الفيلم الذي أنتجته شركة "إيمدج باور" (الخاصة) عام 2011، قام بها سائق "توك توك" ظل يعمل بالأجرة لدى مالكه لمدة 3 شهور قبل أن يقرر شراء آخر خاص به ليعمل عليه، ولكن بعيدًا عن منطقته حتى لا يراه أحد ويعلم أنه مع ضيق ذات اليد تحوّل لسائق رغم أنه عاطل من الأساس.

كما وثّق الفيلم للمأثورات التي يكتبها السائقون على خلفية المركبة وكيف هي تأتي من بنات أفكار السائقين، كما رصد طبيعة الأغاني الشعبية التي تكاد تكون بمثابة النشيد الرسمي لسائقي هذه المركبة؛ وكيف أنهم اعتادوا على قيادة مركباتهم في الشوارع تحت صخب هذه الموسيقى العالية، وكذلك تعامل الشرطة مع السائقين.
التعليقات (0)