مقالات مختارة

من يصرّف أعمال رئاسة الجمهورية؟

غسان حجار
1300x600
1300x600
إذا كان الشيء بالشيء يذكر، وإذا كان المنطق الدستوري والقانوني يسود على ما عداه، فيجب ألا يكون هناك فراغ في أي موقع رسمي، لأن المؤسسات أكبر من الأفراد، وأقدر على تسيير مرافقها، والمحافظة على استقرارها.

والحديث هنا يستهدف موقع رئاسة الجمهورية، إذ لا يجوز أن يكون رأس الدولة مقطوعا، وأن تمضي الأمور على هواها، من دون أن يرف جفن لأحد، وخصوصاً خبراء الدساتير والقوانين الذين يجتهدون في كل أمر، إلا ما خص الرئاسة الاولى، حتى أن أحدهم بشرنا بفراغ كلي، في الرئاسات الثلاث. وهذا أمر غير منطقي، إلا في اللامنطق.

في رئاسة الحكومة تصريف أعمال يمكن أن يستمر إلى ما شاءت العقبات، وحالت ظروف قاهرة دون تأليف حكومة بديلة. وتمضي الحكومة المستقيلة في إدارة شؤون البلاد منذ تسعة أشهر، وتبيح لنفسها ربما ما لم تتمكن من انجازه أثناء انعقاد جلساتها.

وفي مجلس النواب، افتئ الرئيس نبيه بري غير مرة، بأنّه يملك حلاً يحول دون الفراغ في المؤسسة التشريعية في حال عدم حصول انتخابات، وعدم تمديد المجلس لنفسه الولاية المنتهية. واحتفظ بسر في جيبه الذي يختزن الكثير من الأوراق المبتكرة.

والمجلس الدستوري ايضا منتهي الولاية، وغيره من المجالس، وكلها تعمل بحكم استمرار المرافق العامة في تأدية مهماتها الى حين توافر البديل.

وحده موقع رئاسة الجمهورية يعاني الفراغ مرة تلو الاخرى، ويدور جدل عقيم حول الوارث الحقيقي، في ظل ظروف اقليمية بالغة التعقيد، لا تسمح للاصيل بالعمل، فكيف إذا حضر الوارث البديل؟

وحسناً كرر الرئيس ميشال سليمان موقفه الحاسم بعدم الرغبة في التمديد، على ما صرح لـ “النهار” أمس، وغير مرة سابقا، حتى لا يقال إن حملة التمديد انطلقت. لكن التمديد غير المرتبط بزمان يمكن أن يصير، ومن خلال اجتهادات قانونية، أمراً قابلا للنقاش والبحث، ويمكن رئيس السلطة التشريعية، أن يخرج من ذاك الجيب أرنبا جديدا، يعمل لعدم الفراغ في موقع الرئاسة الاولى، فيبقى الرئيس، أياً يكن اسمه وهويته، ملتزما القصر والموقع والمسؤولية، إلى حين تسلم البديل السلطة منه.

ما جرى في نهاية ولاية الرئيس اميل لحود، من فراغ وعدم حصول التسليم والتسلم، كان معيبا، ليس للافراد، بقدر ما للرئاسة والجمهورية، وهي أمور يجب ألا تتكرر، فنقع من جديد أسرى الفراغ.

فهل رأى أحدنا في العالم كله دولة من دون رئيس، إلاّ لفترة انتقالية يموت فيها الرئيس، اي رئيس؟ من هنا، ربما يصبح البحث في تصريف الاعمال ممكنا، ويصير هذا الامر محفزاً للاطراف السياسيين على انتخاب البديل حتى لا يصير التمديد أمراً واقعاً يفرض عليهم ولا يعود معه الانتخاب للطامحين أمراً ملحّاً.

(عن النهار اللبنانية)
التعليقات (0)