كتاب عربي 21

الأمريكان وليس الإخوان هم من ركبوا الثورة المصرية!

1300x600
1300x600
إن مثل جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، كعبد كلٍّ على مولاه أينما يوجهه لا يأتي بخير!
المذكور قرر أن يجعل من الإدارة الأمريكية، جزءاً من دوائر الانقلاب في مصر؛ صحيح أننا نعلم أن واشنطن كانت تعلم بأمر الانقلاب قبل وقوعه، وأن الانقلابيين المحليين ما هم إلا أدوات، لكن البيت الأبيض كان حريصاً منذ وقوع الانقلاب على أن يمسك العصا من المنتصف ظاهرياً، وأن يستغل موقفه المراوغ في إدخال الغش والتدليس على الرأي العام، وهو يبدو على الحياد بين الشرعية والانقلاب عليها!
كيري، خلع برقع الحياء، وليست هذه هي المشكلة، فليس هو صانع سياسة، وإنما هو فقط " عبد المأمور"، ومنفذ لسياسة الرئيس أوباما، الذي راوغ فراوغ معه كيري، ثم أفصح عن موقفه، فاندفع كيري يعبر عن سياسته، ويتجاوز هذه السياسة بتقديم نفسه كما لو كان ولي أمر الثورة المصرية، وأن الإخوان قد سرقوا هذه الثورة، وهو كلام كان يردده المراهقون في مصر، حتى أصبح كالعزف المنفرد، وللدقة كالأسطوانة المشروخة!
في تقديري أن كيري انحاز للعسكر في مصر، أكثر من المرسوم له، فأبى إلا أن يترك بصمته، التي توحي أننا في حضرة " هبلة ومسكوها طبلة"، انظر إلى حجم الصخب الذي تحدثه فاقدة للرشد إذا منحت طبلة!؟
فلم يتوقف كيري عند حد القول بأن الإخوان هم من سرقوا الثورة المصرية، وإنما أكد ان الشباب الذي خرج في ثورة يناير كان يستهدف تحسين معيشته، فهو يريد أن يدرس وأن يتعلم، وأن الهدف مما قام به الجيش هو إعادة الديمقراطية.
كلام من هذا القبيل قيل في مصر عن الإخوان الذين ركبوا الثورة، لكن كان يردده من كانوا معنا في ميدان التحرير أيام الثورة، وكيري وصاحبه أوباما، والذين معهم في البيت الأبيض، ليسوا مؤهلين للحديث باسم الثورة المصرية، لأن واشنطن ومنذ اللحظة الأولي كانت مع مبارك، كنز إسرائيل الاستراتيجي، ولم يكد يجن الليل في اليوم الأول للثورة، حتى طالعتنا هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية حينذاك بتصريح كاشف، عندما قالت إن الحكومة في مصر قائمة ومستمرة، وهو تصريح لا تخطئ العين دلالته!
فضلاً عن ستة عشر سيارة تابعة للسفارة الأمريكية استخدمها رجال الأمن في مصر لسحق الثوار، والتعامل معهم على أنهم " دجاج أبيض". صحيح أن الموقف الأمريكي اختلف بعد ذلك لكنه لم يكن ثابتاً ولم يكن مستقراً، يبدو مبارك منتصراً فتخرج كلينتون لتؤيده، ويبدو أن الثوار يقفون على أرض صلبة فيخرج أوباما منحازاً لهم،.. فقد كان موقفاً انتهازياً ومائعاً.
وأول من قام بركوب الثورة، كان هم الأمريكان، فقد سعوا من أجل ألا يفوتهم القطار، فخطب أوباما مشيداً بالشباب المصري في اليوم التالي لسقوط مبارك، ثم كان الاحتفاء بالشباب المرتبط بشكل أو بآخر بجهات أمريكية باعتباره من قام بالثورة، لإثبات صلتهم بها، من خلال تمويل أو تدريب، وهو ما استخدمته دوائر الثورة المضادة أداة لتشويه الثورة المصرية، ووصمها بالعمالة.
و كان على رأس هؤلاء الذين جري استخدامهم لتأكيد علاقة أمريكية بالثورة هو الفتى وائل غنيم، الذي منح مبالغ مالية ضخمة من أجل إعداد كتاب ضخم عن ثورة، قلت مبكراً انه لم يشارك في محطاتها الرئيسية، ولم يكن شاهداً عليها، ومن عجب أن الكتاب صدر ضخماً، ولم يتسن لي الاطلاع عليه.
الحديث عن أن الأخوان هم من ركبوا الثورة، تعزز بحصولهم على الأغلبية البرلمانية، ونجاح مرشحهم الرئاسي، وهو أمر طبيعي لأن الثورة المصرية لم تفرز زعامات ولكنها أفرزت مطالب، وعلى رأس مطالبها أن تعود الإرادة للشعب، وجاءت الثورة بعد انتخابات برلمانية كانت علامة على معنى التزوير الفاحش.
بعودة الإرادة للشعب، فاز الإخوان بإرادة هذا الشعب، ومن عجب أن من يرددون أن الإخوان هم من سرقوا الثورة، لم يشارك جزء كبير منهم فيها، ومن بينهم الأحزاب التي شكلت جبهة الإنقاذ، ومن يتحدثون عن أن الإخوان هم من ركبوا الثورة يتحدثون عن أنهم جاءوا إليها متأخرين.. فهل جاءوا بالفعل إليها متأخرين؟!
الحقيقة أن الإخوان جاءوا إلى الثورة كتنظيم متأخرين، اذ اتخذ قرار المشاركة في الاستعداد لجمعة الغضب الأولى، 28 يناير، وكانوا تاريخياً، ولوجه الحقيقة، التنظيم الوحيد الذي شارك، وهناك أحزاب تتحدث باسم الثورة، لم تشارك حتى مغادرة مبارك القصر الرئاسي!
أما يوم 25 يناير، وهو اليوم الأول للثورة، فقد شارك الإخوان كأفراد، وقد رأيت مثلاً أمام دار القضاء العالي ظهراً، وفي ميدان التحرير ليلاً، الدكتور محمد البلتاجي فك الله أسره وألهمه الصبر الجميل على فقد كريمته " أسماء" ذات السبعة عشر ربيعاً، والتي قتلتها يد الخسة والنذالة، في فض اعتصام رابعة العدوية.
هذا فضلاً عن أن الإخوان، كان لهم الدور الأهم في يوم موقعة الجمل، فشبابهم هو من صد هجوم الشبيحة، وهو من حمى الميدان من بطش نظام مبارك، وكان معهم شباب لا ينتمون اليهم، لكن السواد الأعظم في هذا اليوم كان من الاخوان، وهم من قدموا العدد الأكبر من المصابين والشهداء.
لا أعرف من الذي تبول في أذن ابن أبيه، بالقول أن ضيق الأحوال المعيشية هو الذي دفع الشباب المصري للخروج لإسقاط نظام مبارك، فردده كببغاء عقله في أذنيه، فأستطيع القول، أن كثيرين ممن خرجوا كانوا هم أبناء الطبقتين المتوسطة والعليا، وهم من كانت قضيتا الحرية والديمقراطية أهم ما يشغلهم، وتأتي القضايا الأخرى لتكمل المنظومة.
لقد فوجئت بما قاله المذكور من أن الجيش أعاد الديمقراطية، فأين هي الديمقراطية التي عادت بالانقلاب ونحن نرى أن ما جرى يوم 3 يوليو، هو انقلاب على إرادة الناس، وعلى الخيار الديمقراطي، وعلى خمس استحقاقات انتخابية جرى فيها الاحتكام للشعب المصري عبر صناديق الانتخابات، في أروع وأنزه انتخابات عرفتها مصر في طول تاريخها وعرضه؟
لا بأس ان جهر موفد اوباما بالمعصية، ما دام لدينا شعب يقظ شعاره إذا كان المتحدث مجنوناً فليكن المستمع عاقلاً.
نصيحتي لكيري أن يغير الصنف!
0
التعليقات (0)

خبر عاجل