صحافة دولية

نيويورك تايمز: الجيش المصري يشن حرباً على ذاكرة رابعة

شعار رابعة
شعار رابعة
في الحرب التي تقوم بها الحكومة المدعومة من العسكر في  مصر، هناك حرب على رابعة العدوية وذاكرة الساحة التي شهدت اعتصامات تطالب بعودة الشرعية، فالهجوم الذي تعرض له لاعب الكونغ فو، محمد يوسف  بسبب رفعه شعار رابعة أثناء تلقيه ميدالية الفوز في موسكو، والعقبات التي تعرض لها تشير إلى حساسية  السلطات العسكرية من مجرد ذكر إسم رابعة، وكذا الحال مع لاعب فريق الأهلي احمد عبدالظاهر الذي رفع شعار رابعة بعد تسجيله هدف الفوز للفريق في مباريات الأندية الإفريقية. ومنذ اقتحام الميدان في آب/ اغسطس الماضي قام الجيش بتغيير معالم المكان ومحاولة محو أي ذاكرة لما حدث. 
وقد نجح الجيش بطلاء المسجد بالأبيض، وتعبيد الطرق بالاسفلت الجديد، مع أنه لم يكن قادراً على تغطية خروق الرصاص وآثاره  على واجهات البنايات وأعمدة الإنارة، كما أن الجيش، حسب سكان الميدان الذين نقلت عنهم صحيفة "نيويورك تايمز" لن يكون قادراً على مسح هذه "النقطة السوداء" في تاريخ مصر الحديث. وتقول رابعة أبو سلامة،  المقيمة في الحي "لقد انتهوا منه بسرعة" في محاولة لاظهار أن شيئاً لم يحدث هنا.
 ويقول كاتب التقرير أن الذاكرة أصبحت ضحية في مصر بعد الإنقلاب مشيراً إلى اعتقال  الأمن الشهر الماضي لفتيات كن يوزعن بالونات صفراء  للتعاطف مع ضحايا المذبحة التي تعتبر الأسوأ في تاريخ مصر الحديث. وقد تعرضت الفتيات للتحقيق والتفتيش الجسدي ووجه لهن تهمة تهديد الأمن القومي المصري. وبحسب رقية سعيد (17 عاما)  ان فـ "إنهم خائفون من رابعة"، وهي " نقطة سوداء لا يمكنهم حذفها". 
 ويشير التقرير إلى ان الذاكرة عرضة للتغيير منذ الثورة التي أطاحت بالرئيس مبارك، حيث يتم تجاوز المجازر وتأخير التحقيق فيها ولم تتم إدانة الا شخص في مجازر وانتهاكات ضد المتظاهرين. ومع ذلك لم يتفوق أحد على الحكومة الحالية في محاولة مسح الذاكرة المتعلقة برابعة العدوية. فمع أن الجيش أصدر بيانا عن الجهود التي قام فيها لاعادة إصلاح الميدان وبناء نصب تذكاري يخلد المرحلة الأصعب في تاريخ مصر، إلا ان النصب الذي أقامه ويمثل يدين، واحدة تشير للشرطة والأخرى للجيش هو في حد ذاته محاولة لإعادة كتابة التاريخ. مما يجعل من رابعة مكانا يشهد على غياب العدالة واستمرار الإنقسام في المجتمع المصري. ويرى ناشطون في مجال حقوق الإنسان أن عدم  استعداد القادة السياسيين لمواجهة الانتهاكات يؤدي لاستمرار التصدعات داخل المجتمع المصري. ومن الأمثلة عن غياب  الاستعداد للمصالحة والتسامح ملاحقة رياضيين تجرأوا على رفع شعار رابعة.
 ولم تتخذ الحكومة أية إجراءات للتحقيق في أحداث رابعة حيث ترك الموضوع للمجلس الوطني لحقوق الإنسان- شبه الحكومي والذي لا يملك سلطات تنفيذية. وبحسب عضو فيه قالت أنهم بدأوا بجمع الشهادات وأفلام الفيديو، وهي واثقة من تحقق العدالة لكن  "لاحقاً". ومن مظاهر الإنكار وغياب العدالة هو انه لا الحكومة ولا المعارضة ولا حتى المنظمات غير الحكومية اتفقت  على عدد قتلى رابعة، فهم ما بين 683 -1000 حسب الحكومة، وبالآلاف حسب الإخوان. ويساعد الحكومة في محاولاتها نسيان رابعة موقف الشعب من الإخوان. 
ويقول التقرير أن ذكرى المذابح والإنتهاكات وتذهب دون تحقيق العدل أو الإعتراف بوقوعها.  وينقل عن هبة مورايف، من "هيومان رايتس ووتش" قولها إن ذاكرة مصر القصيرة أصبحت أسوأ خلال العملية الإنتقالية الصاخبة فقد "نسي الناس حقوق الشهداء فهؤلاء  لا يتذكرهم سوى أمهاتهم وعائلات الضحايا والمحامون عنها. 
ولكن "رابعة" تظل صورة عن الطريقة التي نقلت فيها الدولة فقدان الذاكرة إلى مستوى وصل حالة "إنكار"، مشيرة الى تصريحات وزير الداخلية الذي قال أن عدد القتلى لم يتجاوز الأربعين في الوقت الذي كانت  تقول فيه وزارة الصحة أن القتلى وصل عددهم 300 . وقد ساعد الإعلام المحلي على تأكيد حالة الإنكار هذه، وخفف من الضغوط على الحكومة لإجراء تحقيق في  الاحداث. وبالنسبة لسكان الحي فما حدث سيظل حيا في نفوسهم، وبحسب أحد سكانه محمود رزق سيظل "نقطة سوداء وللأبد".
0
التعليقات (0)