حول العالم

موائد العيد في غزة تستعد لاستقبال "الكعك"

كعك العيد الغزّي
كعك العيد الغزّي

رغم غياب لم يدم أكثر من شهرين منذ عيد الفطر الماضي في غزة، إلا أن الفتاة الفلسطينية سناء الرنتيسي، كانت متشوقة جدًا لأجواء صناعة حلوى العيد (الكعك)، ودائمة الإلحاح على والدتها، بالبدء بصناعتها قبل حلول العيد بأيام، على غير العادة حيث كانوا يعدّونه قبل العيد بيوم واحد.
واعتاد الفلسطينيون صناعة الكعك بكافة أشكاله وأحجامه مع اقتراب العيد، ويعد الكعك الحلوى الرئيسة التي تزين موائد استقبال الضيوف لأهالي المدينة المحاصرة.
وتفوح رائحة الحلوى في شوارع وأزقة المدينة الباحثة عن الفرحة، في كل عام مرتين قبيل حلول عيد الفطر والأضحى.
وداخل المطبخ الذي تميز بمساحته الواسعة، التفت أم محمد وابنتاها، وأختها وبناتها حول طاولة بيضاوية خضراء، كل منهنّ تنتظر بلهفة بِدأ الوالدة في إعداد عجينة الكعك، لتتلقف قرص الكعك، وتضعه في قوالب مختلفة الأشكال، لتتباهى أمام الأخريات أنها الأكثر اتقانًا لصناعته.
وتقول الوالدة أم محمد: "يتكون الكعك من الدقيق أو السميد، مضافًا إليه الينسون والشومر و الحبة السوداء والسكر، وتخلط جميعها معًا، و تترك لساعة".
وتضيف: "في كل عيد نقوم بصناعة الكعك، وهي عادة توارثنها عن أجدادنا، تهدف إلى إدخال الفرح والسرور على قلوب أبنائنا، وتقوي صلة الرحم من خلال اجتماع السيدات لصناعته معًا".
وتتابع حديثها وهي منشغلة في خلط المكونات معًا: "ثم نبدأ بصناعة الكعك، ويحشى بــ "عجوة التمر"، أو المكسرات، وبعد خبزه يرش بالسكر الناعم".
ورغم سوء الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها سكان القطاع، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ أكثر من سبعة أعوام، وهدم الأنفاق الممتدة على طول الحدود الفلسطينية المصرية، إلا أن أم محمد تصر على ألا يأتي أي عيد دون أن تفرح أبناءها بتلك الحلوى.
ويعاني قطاع غزة من حصار إسرائيلي مشدد، فروض عليه في منتصف حزيران/يونيو 2007، بعد سيطرة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على القطاع.
وعاني قرابة مليوني مواطن من الحصول على أدنى احتياجاتهم اليومية، وهو الأمر الذي دفع بالسكان المحاصرين إلى اللجوء لباطن الأرض وحفر مئات الأنفاق على طول الشريط الحدودي الفاصل بين غزة ومصر.
ومنذ الثالث من تموز/يوليو بدأ الجيش المصري حملة هدم وتدمير واسعة لأنفاق التهريب الواصلة بين القطاع وشمال سيناء.
دقائق مرّت تبادلت فيها الفتيات بعض الأحاديث، كانت الأم انتهت من إعداد عجينة الكعك، وتزامن ذلك مع انتهاء ابنتها سناء أيضًا من خلط السمسم مع "عجوة الكعك"، ليحين موعد قطاف ثمر صبر الفتيات المنتظرات لبدء العمل.
قالب أخذ شكل وردة وآخر دائرة، وثالث مستطيل، توزعوا في أيدي الفتيات وكل منهّن تقتص جزءًا من "عجينة الكعك"، وتجعلها في يديها نصف دائرة مجوفة، لتضع قطعة صغيرة من عجوة التمر بداخلها وتغلقها، ثم تضعها في القالب المخصص، لتصطف في صواني دائرية استعدادًا لخبزها.
وتوضح أم محمد، أنه رغم ارتفاع سعر بعض المكونات إلا أنها فضلت صناعة الكعك في منزلها ورفضت اقتراح زوجها بشرائه من أحد المتاجر، معللةً ذلك بأن فرحة العيد ونكهته الخاصة لا تكتمل بدون صناعة" الكعك" في المنزل.
و"خبز الكعك" كان نصيب سناء الإضافي من العمل، ومع أول صينية أُديرت داخل الفرن، عبق المكان برائحة تلك الحلوى.
وكانت كمية أقراص الكعك الذهبية التي أعدتها الوالدة فائضة عن حاجة الأسرة، فهي لا تنسى في تلك المناسبة أن تخصص جزءًا لإحدى جاراتها التي تعاني من شظف العيش بسبب مرض زوجها وعدم قدرته على العمل.                                            
                                               
التعليقات (0)

خبر عاجل