ملفات وتقارير

فيتو أمريكي ضد النظام السوري.. تعرف على "قانون مناهضة التطبيع"

يهدف المشروع إلى إبعاد بشار الأسد عن السلطة- واس
يهدف المشروع إلى إبعاد بشار الأسد عن السلطة- واس
يعود الملف السوري إلى أروقة السياسة الأميركية وتطرح الأوراق على الطاولة في مجلس النواب وبعد جهود كبيرة لمنظمات سورية أمريكية وناشطين سياسيين سوريين، يقر مجلس النواب الأميركي مشروع "قانون مناهضة التطبيع مع نظام بشار الأسد" بتأييد كبير من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

وفي جلسة لمجلس النواب الخميس الماضي أقرّ القانون بأغلبيّة ساحقة من الأصوات بلغت 389 صوتا مقابل 32 معارضا فقط ولكي يصبح مشروع القرار نافذا، يجب أن يقره الكونغرس (مجلس النواب ومجلس الشيوخ)، ثم يحول لمكتب الرئيس الأميركي جو بايدن ليوقعه كمرحلة نهائية.

جهود كبيرة
وقال مسؤول السياسيات في "التحالف الأميركي لأجل سوريا" محمد علاء غانم في حديثه لموقع عربي21: "إن المنظمة بدأت العمل على مشروع القانون في الشهر الأول من العام 2023 واستمر الدفع يوميا بشكل حثيث حتى ساعة الإعلان عن نتيجة التصويت، جرى خلال هذه الفترة إجراء ما لا يقلّ عن 327 اجتماعا وزيارة مختلفة لمكاتب الكونغرس، وأرسل فيه التحالف آلاف الرسائل، وأجرى مئات الاتصالات، بما يشمل تجهيز المسوّدة الأصلية، وحشد التأييد من الحزبين، وإجراء مفاوضات كثيرة حول بنود القانون المختلفة، والحيلولة دون شطب بعضها، مرورا بإقراره في لجنة العلاقات الخارجية، ثم التصدّي لحملات مضادّة فعلتها بعض الجهات لتشويه صورة القانون وحثّ أعضاء الكونغرس على رفضه".

واعتبر خلال حديثه لـ"عربي21" أن إقرار مشروع القانون يعدّ "رسالة حازمة للإدارة الأميركية الحالية وجميع الإدارات المستقبلية وللعالم بأسره، بأن الحزبين مصرّان على تطبيق جميع القوانين النافذة بحقّ "نظام الأسد"، وأنّهما لن يسمحا بفرضه أمرا واقعا، وأن الحل الوحيد للخروج بسوريا من أزمتها إلى مستقبل أفضل، هو التقاء السوريين على مشروع مشترك بعيدا عن شخص الأسد وإرثه الدموي الذي لا يمكن نسيانه أو غفرانه" حسب تعبيره.

الدكتور بكر غبيس طبيب سوري أمريكي ومدرس في جامعة هارڤرد ورئيس منظمة مواطنون لأجل أمريكا آمنة، وهي منظمة سورية أمريكية تعمل في مناصرة الشعب السوري قال لموقع عربي21: إن المعطيات التي أعقبت الزلزال وحملة التطبيع العربي مع النظام السوري التي بدأت بعد زلزال شباط دفعت عدد من المنظمات والناشطين السياسيين إلى العمل على قطع الطريق على النظام السوري، الذي عمل خلال هذه الفترة على سرقة المساعدات المقدمة للشعب السوري، وتمت صياغة بنود هذا المشروع بالتعاون بين المنظمات السورية الأمريكية وخبراء في الشأن السوري ومكاتب الكونغرس المختصين بالشؤون الخارجية.

اظهار أخبار متعلقة


أهداف مشروع القانون وتفاصيله
يهدف مشروع قانون مناهضة التطبيع لتحقيق عدة أغراض متعلقة بالنظام السوري الذي يرأسه بشار الأسد ويتضمن عدة أقسام وفق ورقة قدمها "التحالف الأميركي لأجل سوريا" واطلع عليها موقع عربي21 تضمنت أهداف المشروع المتمثلة بحظر اعتراف حكومة الولايات المتحدة قانونيا بأية حكومة سورية يرأسها بشار الأسد، أو تطبيع العلاقات معها، إضافة إلى سن قوانين جديدة، وتحديث وتمتين وتوسيع قوانين سابقة متعلقة بالشأن السوري، كما يهدف المشروع إلى إرسال رسائل سياسية وقانونية هامة للدول التي طبعت علاقاتها مع "نظام الأسد" أو تسعى للتطبيع معه عن العواقب الوخيمة التي ستترتب من جراء ذلك.

من جهته يرى الدكتور أحمد القربي أستاذ العلاقات الدولية والباحث في مركز الحوار السوري أن الهدف الواضح من هذا التشريع هو منع تعويم النظام السوري وبشار الأسد على وجه التحديد، عقب موجة التطبيع العربي التي سارت بعد زلزال شباط الذي ضرب سوريا وجنوب تركيا، وأن الإقرار من مجلس النواب لا يعني أن القانون بدأ بالفاعلية، لأنه يحتاج إلى الموافقة من مجلس الشيوخ وتوقيعه من الرئيس الأمريكي ليصبح نافذا.

ويضيف القربي أن تمرير المشروع بالأغلبية في الكونغرس هو مؤشر على وجود تيار سياسي كبير في الولايات المتحدة ضد النظام السوري وعلى رأسه بشار الأسد، وهو مؤشر على أن التطبيع العربي ليس عاملا حاسما في تعويم النظام السوري، مع وجود الفيتو الأمريكي.

وذكرت الورقة التي قدمها التحالف أن مشروع القانون على عدد كبير من البنود، يمكن إجمالها في ثلاثة أقسام رئيسة تتضمن:
أولا: القسم المتعلق بحظر الاعتراف بالأسد أو بتطبيع العلاقات مع أي حكومة يرأسها بشار الأسد
ينص مشروع القانون على أن سياسة الولايات المتحدة هي ألا تعترف أو تطبع علاقاتها مع أي حكومة سورية يرأسها بشار الأسد، بسبب الجرائم التي يرتكبها النظام السوري والمستمرة بحق الشعب السوري، فضلا عن فشل النظام في تحقيق الشروط التي نص عليها قانون قيصر لرفع العقوبات عنه، وأن من سياسة الولايات المتحدة أن تعارض حكومتها اعتراف وتطبيع علاقات الدول الأخرى أيضا مع أية حكومة سورية يرأسها بشار الأسد معارضة فاعلة ونشطة، بما في ذلك عن طريق تطبيق العقوبات الإلزامية الأولية والثانوية المنصوص عليها في قانون قيصر بحق المخالفين وأن تستخدم حكومة الولايات المتحدة كافة الصلاحيات المتاحة لها بموجب قانون قيصر وغيره من القوانين الأميركية لردع نشاطات إعادة الإعمار في المناطق التي تخضع لسيطرة بشار الأسد.

ثانيا: القسم المتعلق في تعديلات قانون قيصر
وذكرت الورقة التي قدمها "التحالف الأميركي لأجل سوريا" أن مشروع القانون يتضمن مجموعة من التعديلات على قانون قيصر الذي أقر في نهاية عام 2019 تضمن جملة من القرارات تشكل عقوبات على كيانات وشخصيات مرتبطة بالنظام السوري حيث تتضمن التعديلات على القانون وفق المشروع الجديد بحيث تطال العقوبات أي جهة أجنبية تقدم دعما ماليا أو ماديا أو تقنيا لحكومة النظام السوري، بما فيها أي عضو من أعضاء مجلس الشعب السوري، أو أي مسؤول كبير في حزب البعث العربي الاشتراكي، ويتضمن ذلك أي عضو من أعضاء القيادة المركزية (بغض النظر عن الاسم، أي و لو تغيرت الأسماء، فالصفة هي العقوبة) أو أي عضو في اللجنة المركزية أو أعضاء لجنة الرقابة والتفتيش أو قيادات الفروع، وكافة العقوبات لا تشمل الشخص المقدم للدعم فقط، بل أي فرد بالغ من أفراد عائلته وهي سابقة في تاريخ العلاقات الأميركية السورية.

ثالثا: تلاعب نظام الأسد بالأمم المتحدة
يكلف وزير الخارجية الأمريكي خلال مدة لا تتجاوز 180 يوما بعد سن القانون، وخلال السنوات الخمس القادمة، برفع تقرير للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ولجنة الشؤون الخارجية لدى مجلس النواب، يصف فيه تلاعب النظام السوري الذي يرأسه بشار الأسد في سوريا بهيئة الأمم المتحدة..

ويتضمن التقرير:

وصفا للشروط الصريحة أو الضمنية، التي وضعها نظام الأسد على عمل الأمم المتحدة في سوريا، والتي تشمل الشروط المتعلقة بالشركاء المنفذين، وممارسات التوظيف، وتخصيص المنح والعقود، وشراء السلع وتقاضي الخدمات.

ويتضمن التقرير أيضا وصفا بمدى رفض أو معارضة الأمم المتحدة أي شرط من الشروط التي فرضها النظام السوري على عمل الأمم المتحدة في سوريا.

مفاعيل القانون وأثره السياسي
ومع الخطوة الأولى في طريق إقراره يعتبر قانون مناهضة التطبيع من أهم القوانين الأميركية التي اتخذت بحق النظام السوري وحول فاعلية هذا القانون يقول الدكتور أحمد القربي أستاذ العلاقات الدولية والباحث في مركز الحوار السوري لموقع عربي21، إن القانون عبارة عن محاولة من المشرع الأمريكي الضغط على إدارة البيت الأبيض، لاستخدام نفوذها السياسي للحد من عمليات التطبيع العربي التي تجري مع النظام السوري، إلا أنه لن يؤثر على وجود بشار الأسد في السلطة لأن عملية إسقاط رأس النظام في سوريا لا تعتمد على النشاط السياسي فحسب، إنما تقتضي وجود أنشطة عسكرية وأمنية كذلك، وهذا ليس بوارد المشرع الأمريكي من خلال هذا القانون.

من جانبه يقول الدكتور بكر غبيس أن مشروع القانون بعد الموافقة عليه من مجلس الشيوخ وتوقيعه من الرئيس الأمريكي سيكون له مفاعيل حقيقة تجاه مواجهة التطبيع مع النظام السوري، إلا أنه قد يخضع للتعديل حتى يتم تمريره من مجلس الشيوخ وبالتالي لا يمكن التنبؤ بشكل نهائي بمفاعيله الحقيقة إلا بعد أن يصبح قانون معتمد من المشرع الأمريكي.

اظهار أخبار متعلقة


لماذا هذا القانون وماهي خيارات النظام السوري؟
ويرى الدكتور أحمد القربي إن تهاون الإدارة الأمريكية الحالية بتطبيق قانون قيصر وغيره من القوانين التي تم إقراراها ضد النظام السوري، أعطى هامش كبير للدول التي طبعت مع النظام للسير في هذا الاتجاه، وبالتالي سيكون القانون ورقة مهمة في وقف التطبيع ووضع فيتو على مشاريع إعادة الإعمار ومحاربة أي حكومة يقودها بشار الأسد، ويمكن من خلالها الضغط على الدول التي طبعت مع النظام السوري، وهو ما يجعل خطوات الدول المطبعة مع النظام السوري هامشية وليست ذات قيمة حقيقة في إعادة تعويمه.

ويضيف القربي إن النظام السوري سيلجأ إلى الالتفاف على القانون من عدة نواحي، بمساعدة بعض الدولة من خلال استراتيجية تمر بثلاث خطوات، أولها محاولة منع تمرير القانون في مجلس الشيوخ، وإذا فشل النظام والدول التي تحاول عرقلة القانون ستلجأ إلى تفريغ القانون من مضمونه من خلال تخفيف بعض البنود القاسية تجاه النظام السوري، وفي حال الفشل بذلك أيضا سيحاول الضغط على الإدارات الأميركية في تنفيذ بنود هذا القانون كما حصل في قانون قيصر حيث تم تعليق العمل بكثير من نصوصه بعد وصول بايدن إلى البيت الأبيض ولم تصدر حزم عقوبات قياسا بالعام الذي تم فيه إقرار القانون.

بينما يرى الدكتور بكر غبيس أن النظام السوري ليس له خيارات كثيرة إلا أنه يمكن أن يطلب من خلفائه الضغط على الدول للمضي في التطبيع، وفي المقابل يمكن أن يكون ورقة للضغط على الدول الحليفة للولايات المتحدة لإعادة دراسة خطوات التطبيع مع النظام، وهذا يتعلق بالتباين بين الدول والولايات المتحدة الأمريكية بما يتناسب مع سياسات الدول المطبعة من النظام السوري، وهذا غير مرجح لأن معظم الدول لا تبدي معارضة لسياسة الولايات المتحدة في المنطقة.

وعن قيمة هذا القوانين التي يصدرها المشرع الأمريكي تجاه النظام السوري يقول الدكتور القربي، إن هذا القانون يعتبر أكثر صرامة من القوانين السابقة التي استهدفت النظام السوري من ناحيتين أساسيتين، حيث يتكلم القانون عن بعض النقاط التي تستهدف النظام بشكل مباشر، وهو ما يعطي الإدارة الأميركية هوامش أكبر لتفعيل العقوبات ضد النظام السوري والدول المطبعة معه، ومن ناحية أخرى إذا تم إقرار القانون من مجلس الشيوخ وتوقيعه من الرئيس سيجعل هوامش الإدارة الأميركية في تجاوز نصوصه أقل بكثير من القوانين الأخرى كقانون قيصر أو قانون محاربة الكبتاغون، وهو ما يمنع تعويم النظام السوري في المستقبل.

التعليقات (0)