ملفات وتقارير

مصر تعلق إنشاء مخيمات للنازحين بخانيونس.. هل فقدت ثقلها؟

كانت السلطات المصرية قد أعلنت في نهاية العام الماضي البدء في تجهيز مخيم هو الأول من نوعه في خانيونس لاستقبال النازحين الفلسطينيين- إكس
كانت السلطات المصرية قد أعلنت في نهاية العام الماضي البدء في تجهيز مخيم هو الأول من نوعه في خانيونس لاستقبال النازحين الفلسطينيين- إكس
زادت حدة الانتقادات الموجهة إلى السلطات المصرية بسبب دورها الضعيف والمترهل في وقف الحرب على قطاع غزة أو احتواء آثارها الكارثية والمدمرة على الشعب الفلسطيني، في أعقاب تعليق إنشاء مخيم للنازحين في محافظة خانيونس جنوب القطاع للتخفيف من حجم الأزمة الإنسانية.

وكانت السلطات المصرية قد أعلنت في نهاية العام الماضي، عن البدء في تجهيز مخيم هو الأول من نوعه لاستقبال النازحين الفلسطينيين، وقال الهلال الأحمر المصري، في بيان، حينها، إن "مخيم إيواء النازحين في جنوب غرب خانيونس سيتسع لأكثر من 6 آلاف شخص، ويتوفر في المخيم جميع الخدمات الإغاثية والطبية، بجانب توفير الاحتياجات الأساسية من المواد الغذائية والمياه بشكل يومي للمقيمين في المخيم".

اظهار أخبار متعلقة


وعرضت القنوات المحلية الفضائية وجميع المواقع الصحفية الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي التابعة للنظام ومؤيديه، مشاهد من تلك الجهود التي وصفتها بغير المسبوقة والتي تكشف عن دور مصري كبير في محاولة التخفيف من وطأة الكارثة الإنسانية على أن يكون ذلك المخيم تحت إدارة مصر وحمايتها وإشراف الهلال الأحمر المصري.

وبعد مرور نحو 40 يوما، بدأت الأخبار عن المخيم المصري تتلاشى شيئا فشيئا حتى كشف مصدر في الهلال الأحمر المصري أنهم علقوا عمليات إنشاء مخيم النازحين المصري في خانيونس؛ بزعم صعوبة الوضع الأمني حول المخيم مع اقترب قصف الاحتلال من محيطه، رغم أنه يقع في منطقة المواصي التي أعلنت سلطات الاحتلال أنها منطقة إنسانية آمنة.



وأوضح المصدر، في تصريحات صحفية لموقع "مدى مصر" أن فرق الهلال الأحمر المصري والفلسطيني نصبت نحو 370 خيمة من أصل ألف خيمة مستهدف إقامتها، مضيفا أن آخر دخول لفريق الهلال الأحمر المصري إلى خانيونس كان يوم الاثنين 21 كانون الثاني/ يناير الماضي.

‌وتمتد منطقة المواصي، التي حددها جيش الاحتلال، من دير البلح وحتى رفح، كمنطقة إنسانية آمنة لا تطالها عمليات القصف، لكن الأخبار الواردة من هناك أكدت بالصوت والصورة أن قصف الاحتلال طال منطقة المواصي وعددا من النازحين فيها أكثر من مرة وخلف شهداء وجرحى.

"استهانة" إسرائيلية
في سياق تعليقه، يقول الصحفي والباحث المختص في شؤون سيناء والشأن الأمني المصري، مهند صبري، أن "ما حدث مع جهود الهلال الأحمر المصري هو إشارة واضحة إلى أن إسرائيل تستمر في منع أي نوع من الإغاثة للشعب الفلسطيني حتى لو كانت محدودة".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "وهذا حدث أيضا مع المستشفى الأردني ومع المنظمات الدولية والأمم المتحدة، وفي حالة الهلال الأحمر المصري هو إشارة واضحة على استهتار الجيش الإسرائيلي بأرواح المتطوعين المصريين وأيضا استفزاز صريح لمصر".

أما عن المناطق الآمنة، فأوضح صبري أن "مصر ليس لها أي سلطة رسمية داخل قطاع غزة، وحدود عملها هي التنسيق مع الأجهزة الفلسطينية والأطراف الدولية للقيام بجهود الإغاثة وهو ما تمنعه إسرائيل بشكل يعكس مدى استهتار حكومة نتنياهو بمصر وحكومتها وجهودها".

اظهار أخبار متعلقة


خذلان وهوان
بدوره يقول البرلماني المصري، والعضو في العديد من منظمات الإغاثة العالمية والإسلامية، الدكتور جمال حشمت، إن "الموقف المصري من الاعتداءات الصهيونية النازية علي غزة مقارنة مثلا بما تم عام 2012، نجد أن فيه تماهيا مع العدوان بالصمت وعدم التدخل الإنساني ودعم صمود أهل غزة ضد التهجير وهو ما يحقق الهدف المعلن من مصر من بداية العدوان".

وأضاف في حديث لـ"عربي21" أن "أي تقصير في عمليات الإغاثة الإنسانية لضحايا العدوان الصهيوني من الجانب المصري هو ما يحقق قول سموتريتش الوزير المتطرف الصهيوني أن دخول المساعدات إلى غزة يتناقض مع أهداف الحرب".

وبحسب حشمت، فإن إضعاف مصر اقتصاديا وسياسيا طوال العقد الماضي كبل يدها وقيدها عن تقديم أي دعم أو اتخاذ أي موقف حر من القضية الفلسطينية كما كان في عام 2012، وحتى في عهد مبارك كان يدرك هو ومخابراته أن حركات المقاومة في قطاع غزة هي حائط الصد الأول المدافع عن مصر وكل العالم العربي".

فقدان ملاذ آمن للنازحين يعكس ضعف مصر
على الصعيد الإنساني والطبي يقول الوكيل بوزارة الصحة المصرية السابق، مصطفى جاويش: "في نهاية شهر ديسمبر 2023 الماضي؛ تم الإعلان أن القيادة السياسية المصرية، قد وجهت الهلال الأحمر المصري بإنشاء مخيم إغاثي في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، وإن التوجيهات الرئاسية تأتي في إطار جهود الدولة المصرية الرامية إلى تخفيف الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الأشقاء الفلسطينيون واستيعاب آلاف النازحين من شمال القطاع وذلك للتصدي لمحاولات تهجير الشعب الفلسطيني من داخل أرضه".

اظهار أخبار متعلقة


وأضاف لـ"عربي21": "وكان من المقرر أن يتم بناء المخيم بحسب المعايير الدولية بحيث يتم توفير كافة الاحتياجات اللازمة للنازحين من خدمات المياه والغذاء والكهرباء؛ ليصبح أول مخيم منظم لإيواء النازحين والذي تم البدء فيه بالتعاون مع الهلال الأحمر الفلسطيني؛ نظرًا للحاجة الكبيرة بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لكن بعد مرور أكثر من شهر تم تعليق عمليات إنشاء المخيم بدعوى صعوبة الوضع الأمني حول المخيم، وهو تبرير لا يمكن قبوله من دولة مثل مصر ويمكن قبوله من قبل منظمة أو هيئة على سبيل المثال غير قادرة على حماية نفسها".

ورأى جاويش أن وقف مثل تلك الجهود "هو خسارة كبيرة للمتضررين والنازحين الذين لجأوا إلى المخيم باعتباره آمنا وأن مصر قادرة على حمايتهم، ولكن توقفها يعني بكل أسف تراجع الدور المصري العربي والإقليمي في دعم القضية الفلسطينية، وذلك لأن القيادة السياسية المصرية قد فشلت في تأمين وحماية خيام الإيواء التي سبق الأمر بإنشائها، وهذا يؤدي إلى المزيد من المعاناة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة".

التعليقات (0)