قضايا وآراء

لحظة الانعتاق لأسرانا في السجون تقترب..

وليد الهودلي
أمل بتحرير المزيد من الأسرى- جيتي
أمل بتحرير المزيد من الأسرى- جيتي
يقف الفلسطيني بكلّ شموخ وكبرياء وهو يشاهد أسرى وأسيرات يتحرّرون عنوة رغم أنف سجانهم، ينظرون خلفهم لذاك الليل الطويل الذي أغرقهم في ظلامه الحالك، حتى أحاطت بنا الظنون وحارت بنا الأسئلة: كيف ومتى سينجلي هذا الليل؟ من ذا الذي يضع على عاتقه مسؤولية انتزاعهم من براثن هذه السجون اللعينة؟ وأنّى له ذلك؟ تصل إلينا أنّات قلوبهم وآهات صدورهم ونسمع ضجيج أوجاعهم، هناك في ماكينة العذاب الصهيونية الخبيثة يسومونهم سوء العذاب، ويلقون عليهم كلّ أحقادهم، بل ويتفنّنون في ابتكار ما لا يخطر على عقل قلب بشريّ من طرق العذاب ورجس الألم النفسي والمعنوي المريع، وقد استعرت أسواط السجّان ما بعد طوفان الأقصى لما رأى وسمع أنّ تحرير الأسرى وتبييض السجون هدف مركزي لهذه المعركة، فاستهدفهم بروح انتقامية خبيثة ساديّة بالتنكيل والسحق والتعذيب.

وجاءت الحرب بقضّها وقضيضها وألقى الصهاينة كلّ أنواع الحمم البركانية المدمّرة في غزّة، قتلوا ودمّروا غزّة وحاولوا طمس معالمها عن الخريطة، وبعد ثمانية وأربعين يوما هي رمز نكبتنا في فلسطين، خرجت الأسيرات والأسرى بنورهم ونارهم، بعنفوان الشمس في صباح صيفي حارّ، خرجوا ملتهبين بنار ثورة تعرف من أين تؤكل كتف الاحتلال، وتعرف كيف تحرّر أسراها مهما ادلهمّت الخطوب وضاقت بنا السبل، رجال يجيدون صناعة الممكن من الذي يبدو للناس أنّه مستحيل.

خرجت الأسيرات والأسرى بنورهم ونارهم، بعنفوان الشمس في صباح صيفي حارّ، خرجوا ملتهبين بنار ثورة تعرف من أين تؤكل كتف الاحتلال، وتعرف كيف تحرّر أسراها مهما ادلهمّت الخطوب وضاقت بنا السبل، رجال يجيدون صناعة الممكن من الذي يبدو للناس أنّه مستحيل.

وعندما تدخل حركات المقاومة معركة القيم، فلا يكون أمامها إلا أن تنتصر قيم الحريّة والكرامة والسيادة مهما كان الثمن، بالفعل مهما كان الثمن باهظا، وهناك أمور لا يمكن تمريرها إذا نالت من كرامتنا أو كرامة أسرانا؛ فما معنى الحياة بذلّة! بل هي الموت بعينه، ولا داعي لنستذكر قول الشاعر: فإما حياة تسر الصديق، وإما ممات يكيد العدا. فاليوم جاء من يجعل من هذا البيت معركة وصراع إرادات وأدمغة، لم يفكّر أبدا بأن طريق الحرية معبدة بالورود، أو أن تحرير الحرائر من الممكن أن يتمّ دون سلوك درب الأسود، جاء من يخطط بكلّ إتقان وينفّذ بكلّ احترافية وإبداع، ليجعل من الشعار تطبيقا عمليا ناجحا على محكّ العمل.

على أعتاب حريّة أسرانا يجب أن تتكسّر النصال، وأن تعلو هامات الرجال، فما قيمة الحياة أن يبقى أسرانا كما كان عليه الحال ردحا طويلا من الزمن دون أن يجدوا من يحاول كسر قيدهم؟ لا بدّ من أن يجدوا لهم منقذا ومخلّصا من هذا السجن الذي يأكل من أجسادهم وأرواحهم، وقد وجدنا نهاية طريق شاقّة تجمع بين الاحترافية والشجاعة والذكاء من يقول لهم: لبيكم أسرانا، جاءكم الفرج، صحيح أنّنا تأخرنا طويلا بل طويلا جدا، ولكنّنا أخيرا قد وصلنا إلى كسر قيدكم رغم أنف سجانكم.

أمام هذه البارقة العظيمة من الأمل، فتحت بوابة السماء، أرى الآن أسرانا يترقّبون، يحلّلون، يبتهلون وينتظرون على أحرّ من الجمر، يملأ قلوبهم الأمل الجميل، الأمل المحفوف بالعمل.

وأمام هذه البارقة العظيمة من الأمل، فتحت بوابة السماء، أرى الآن أسرانا يترقّبون، يحلّلون، يبتهلون وينتظرون على أحرّ من الجمر، يملأ قلوبهم الأمل الجميل، الأمل المحفوف بالعمل، وليس أيّ عمل، بل هو الذي يقوده رجال عرفوا من أين وكيف تؤكل الكتف؛ صابروا وصبروا وخطّطوا ونفّذوا بكل دقّة وإتقان، استعدّوا ببذل الغالي والرخيص وبأعلى درجات التضحية والفداء، استعانوا بربّ كريم وساروا في ركاب عمل قويم، حتى وصلوا إلى ما صرنا إليه في بدايات تنفيذ صفقة تبادل كبيرة، باتت على الأبواب قريبة بإذن الله.

هناك فدائيون، ومفكرون وأدباء، وقادة كبار ومصلحون ربانيّون، وحماة فكرة وقضية عظيمة، ينتظرون لحظة الانعتاق من هذ الجحيم المسمّى سجونا إسرائيلية.
التعليقات (0)