اقتصاد دولي

هل تستعد واشنطن لمعاقبة "أوبك" على خلفية تخفيض الإنتاج؟

اللجنة القضائية بمجلس النواب الأمريكي كانت تدرس مشروع قانون للضغط على مجموعة منتجي النفط في أوبك للتوقف عن تخفيض الإنتاج- الأناضول
اللجنة القضائية بمجلس النواب الأمريكي كانت تدرس مشروع قانون للضغط على مجموعة منتجي النفط في أوبك للتوقف عن تخفيض الإنتاج- الأناضول
نشر موقع "أويل برايس" الأمريكي تقريرا، حلل فيه التحركات الأمريكية الأخيرة ضد منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، التي تشير إلى أن الكونغرس قد يعيد النظر في قانون يهدف إلى الضغط على أوبك لوقف تخفيضات الإنتاج، وذلك رغم تراجع القلق الأمريكي تجاه وضع الطاقة في البلاد.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الكثير من التقارير أفادت في أوائل شهر أيار/ مايو بأن اللجنة القضائية بمجلس النواب الأمريكي كانت تدرس مشروع قانون للضغط على مجموعة منتجي النفط في أوبك، للتوقف عن تخفيض الإنتاج من خلال إلغاء الحصانة السيادية التي تحمي أعضاء تحالف أوبك بلس وشركات النفط الوطنية من الدعاوى القضائية المتعلقة بالتواطؤ في الأسعار.

وذكر الموقع أن سعر سلة أوبك يقترب من 70 دولارا، وهو ليس سعرًا مرتفعا تاريخيًا، على الرغم من أن السياسيين الأمريكيين يريدون خفض سعر البنزين أكثر قبل بدء موسم الرحلات الصيفي.

اظهار أخبار متعلقة


ومن جهتها، تحتاج المملكة العربية السعودية إلى سعر 80.90 دولارًا أمريكيًا لموازنة ميزانيتها وتمويل الاستثمارات الرامية إلى تنويع اقتصادها. ومع أن أسعار البنزين أعلى مما كانت عليه خلال إدارة ترامب، إلا أن منظمة غالوب للاستطلاعات نقلت في نيسان/ أبريل 2023 أن مستوى قلق الأمريكيين بشأن وضع الطاقة في الولايات المتحدة تراجع في الوقت الراهن مقارنة بما كان عليه قبل سنة.

وأوضح الموقع أن أحد الأسباب التي تقف وراء الخطوة الأخيرة التي اتخذها الكونغرس الأمريكي هي التحولات الديناميكية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، التي شملت التقارب بين إيران والسعودية بوساطةٍ صينية، وبدء تطبيع العلاقات بين مصر وإيران بوساطةٍ عراقية، ناهيك عن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، ومحادثات الإمارات وإيران بشأن تعزيز العلاقات، وتعاون محتمل بين العراق وإيران في مجال الطاقة.

وأشار الموقع إلى أن مشروع القانون الأمريكي هو بمثابة إجراء انتقامي ضد دول أوبك العربية وتحذير للدول الأخرى من تطبيع العلاقات مع إيران وسوريا، وذلك تحت مظلة حماية المستهلكين الأمريكيين. ومن شأن هذا القانون أن يُجنّب إدارة بايدن النقاش العام حول سياستها للحد من إنتاج النفط والغاز الطبيعي، مع أنها لم توافق مؤخرًا سوى على عمليات حفر محدودة في الأراضي الفيدرالية.

وأضاف الموقع أن مجموعة من أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين أعلنت للتو مشروع قانون لمحاربة التطبيع مع الأسد، من شأنه أن يتصدّى لتواصل الحكومات الأجنبية مع سوريا، ويُخول فرض عقوبات إضافية على أيّ شخص يتعامل مع نظام الأسد.

وأكّد الموقع أن إسرائيل ربما لا تستطيع الاعتماد على العرب لتشكيل كتلة لدعم هجوم على منشآت الأبحاث النووية الإيرانية، من الأطراف الخاسرة من الديناميكيات الإيجابية التي تشهدها المنطقة. وكل ما يحدث في الشرق الأوسط لا يصب في جوهر مصالح الولايات المتحدة التي تشهد تآكلا في مجال نفوذها، مع استئناف أعضاء أوبك في الشرق الأوسط جولة تطبيع مع الحكومات المنبوذة في طهران ودمشق، وترحيبهم بوساطة الصين في المفاوضات بين طهران والرياض، وتيسير روسيا للمحادثات بين السعودية وسوريا وبين سوريا وتركيا. والسيناريو الأسوأ بالنسبة لتل أبيب وواشنطن هو مشاركة الصين في المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين.

وذكر الموقع أن تطبيع العلاقات بين دول أوبك العربية وإيران وسوريا من شأنه أن يقلل التوترات في المنطقة، وهو أمر لا يخدم مصالح واشنطن؛ لأن العملاء الكبار مثل السعوديين والإماراتيين قد يقللون من مشترياتهم من الأسلحة التي تهدف إلى مواجهة إيران. 

اظهار أخبار متعلقة


كما أن اندلاع الاضطرابات من شأنه أن يضمن تدخّل الولايات المتحدة "لضمان الاستقرار"، على الرغم من أن تدخلها في العراق وليبيا (ودورها الداعم في اليمن) كان له تداعيات كارثية. واندلاع التوتر في المنطقة يُسهّل على الإسرائيليين في الولايات المتحدة إفشال أي محاولات للضغط على إسرائيل والفلسطينيين لبدء محادثات السلام، لاسيما إذا كانت بوساطة صينية.

وأشار الموقع إلى أن الولايات المتحدة لم تدرك بعد أن دول أوبك في الشرق الأوسط، التي يديرها في الغالب ملوك أو أمراء، تولي اهتماما كبيرا لمشاعر الرأي العام، الذي يعد أحد أسرار نجاحها في التفرد بالحكم دون انتخابات. وعلى الرغم من أن إيران لا تحظى بشعبية لدى دول أوبك العربية، فإن تعزيز العلاقات معها قد يخلق المزيد من الفرص الاقتصادية التي من شأنها تعزيز الاستقرار على أرضها.

وحسب استطلاع الشباب العربي لسنة 2022، فإن "ما يقارب ثلاثة أرباع أو حوالي 73 بالمئة يؤيدون فك ارتباط الولايات المتحدة بالمنطقة. ويُنظر الآن إلى الصين وتركيا وروسيا على أنهم أقوى حلفاء المنطقة، ناهيك عن تضاؤل الولاء للولايات المتحدة مقابل الولاءات الجديدة للصين وروسيا وتركيا.

ومن المحتمل أن انقلاب موازين القوى ضد الولايات المتحدة قد يدفع دولا عربية أخرى مثل السعودية لمعارضة بعض المشاريع الأمريكية مثل الاتفاقات الإبراهيمية، وميلها إلى المبادرات المحلية لتحقيق الاستقرار في المنطقة. لهذا السبب، تستهدف واشنطن النفط -المحرّك الاقتصادي للشرق الأوسط- من خلال استخدام سلاح العقوبات لوقف محاولات إنهاء الصراع والعزلة بين دول أوبك العربية وإيران وسوريا.

وفي الختام، أشار الموقع إلى أن عودة السلام في المنطقة سيحد من مبيعات الأسلحة، ويزيد من التنوع الاقتصادي الإقليمي والتكامل، ويقلل من الحاجة إلى "حلول" واشنطن، ويُقدم للمنطقة لاعبين اقتصاديين وسياسيين جددا، مثل الصين وتركيا.
التعليقات (2)
صقر القريشي
الجمعة، 19-05-2023 10:09 ص
لماذا تعاقب واشنطن أوبك؟ كل يوم يقولون أن هناك فائض من البترول في المخزون الإستراتيجي وبناءً عليه يخفضون أسعار النفط في بورصات العالم! إن أخذت زيادة أسعار السلع في العالم للسنوات العشرين الماضية، فإن أسعار النفط يجب أن تكون أكثر من ضعف ما هي عليه اليوم، أي أكثر من 150 دولار للبرميل، ورغم ذلك سوف تكون أسعار الكوكا كولا أضعاف سعر البترول اليوم. إنه بلطجة الإستعمار الجديد للولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية. على الدول المنتجة للبترول والغاز أن تحافظ على كرامتها وسيادتها وثروات شعبها ولا تستسلم لهذه البلطجة، لا بل عليها أن تعمل على رفع أسعار البترول للضعف لتتناسب مع تضخم أسعار منتجات الدول الغربية.
أبو فهمي
الجمعة، 19-05-2023 05:59 ص
وهذا يدل دلالة واضحة أن """"""" أمريكا """"""" سقطت """"" عنجهيتها """"" العالمية وأصبحت في """"""" البرميل الروسي """"""" لا تعرف رأسها من أسفل قدمها!!!!!!!!!! فالعقوبات أصبحت """" موضة قديمة """" ونتائجها ضد المصلحة الأمريكية !!!!!!!!.