ملفات وتقارير

مقاتلون عرب بحرب أوكرانيا.. هل ينقلون الصراع إلى بلدانهم؟

استنجدت روسيا وأوكرانيا بمقاتلين أجانب من ضمنهم عرب في حربهما ضد بعض - جيتي
استنجدت روسيا وأوكرانيا بمقاتلين أجانب من ضمنهم عرب في حربهما ضد بعض - جيتي

تواجه روسيا اتهامات بتجنيد مقاتلين سوريين وآخرين أجانب في الوقت الذي تكثف فيه هجومها العسكري على أوكرانيا، التي أسست بدورها فيلقا دوليا للدفاع عنها يضم مقاتلين عربا، الأمر الذي يثير مخاوف بنقل الحرب بين موسكو وكييف إلى المنطقة العربية.


وقالت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" إن روسيا نقلت مقاتلين سوريين وأجانب آخرين إلى ساحة الحرب بأوكرانيا، فيما قال مسؤولون في الوزارة إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، "في مهمة تجنيد" يسعى من خلالها إلى دفع بعض هؤلاء المقاتلين إلى قلب المعركة في أوكرانيا.


كما نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" نفس الرواية حيث نقلت عن مسؤولين بالبيت الأبيض قولهم إن روسيا، التي بدأت غزو أوكرانيا في 24 شباط/ فبراير الماضي، جندت في الأيام الأخيرة مقاتلين سوريين، على أمل المساعدة في السيطرة على العاصمة كييف ومدن أخرى.


وقال مسؤول للصحيفة إن بعض المقاتلين في روسيا بالفعل، وهم مستعدون للانضمام إلى القتال في أوكرانيا، على الرغم من أنه لم يتضح بعد كم هو عدد المقاتلين الذين جندتهم روسيا.


كما اتهمت وزارة الدفاع الأوكرانية اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، أنه وافق أثناء زيارة لموسكو على إرسال "متطوعين" ليبيين إلى أوكرانيا للمشاركة "في الأعمال العدائية في صفوف روسيا".


وكشفت الوزارة في بيان لها أن شركة المرتزقة الروسية "فاغنر" هي من ستتولى نقل المرتزقة من ليبيا عبر طائرات تابعة لسلاح الجو الروسي.


من ناحية أخرى، قال مصدر بوزارة الخارجية التونسية إن السلطات بصدد التحري عما ذكرته تقارير صحفية عن مزاعم بعمليات تجنيد تونسيين موقوفين في السجون الأوكرانية للمشاركة في الحرب ضد القوات الروسية.


وأوضح مدير الدبلوماسية العامة والإعلام بالوزارة، محمد الطرابلسي، لوكالة الأنباء الألمانية أن السلطات التونسية تواصلت مع سفير أوكرانيا لدى تونس لطلب معلومات بشأن هذه التقارير المحلية والدولية، والتي نقلت بالفعل شهادات عن تونسيين في أوكرانيا.


وقال الطرابلسي: "عبرنا عن موقفنا من حيث المبدأ وقلنا للسفير إن هذا الأمر مخالف للقانون الدولي، لكنه أكد لنا بأنه لا صحة لهذه التقارير". وتابع: "نحن نتواصل بشكل يومي مع السفير الأوكراني لمتابعة عمليات إجلاء التونسيين أيضا".


وعرضت إذاعة "موزاييك" الخاصة في تونس استمارة باللغة الأوكرانية يتم ملؤها من قبل مساجين تونسيين وجنسيات أخرى تعود إلى تاريخ 25 شباط/فبراير الماضي، وهي تمثل مطلبا موجها إلى مدير السجون ومراكز الإيقاف والرئاسة الأوكرانية للمشاركة في الحرب ضد روسيا.


وقالت الإذاعة إن الوثيقة التي عرضتها تعود إلى سجين تونسي في أحد مراكز الإيقاف الأوكرانية وهي تحمل توقيعه وتوقيع مدير السجون سيرغي بروتسانغو. وما زالت عمليات التحري مستمرة في الخارجية التونسية فيما ذكرت وسائل إعلام محلية أن ستة تونسيين يقبعون في السجون الأوكرانية.


كما أوضحت تقارير صحفية عن تطوع مواطن تونسي مقيم بأوكرانيا منذ 20 سنة للمشاركة في الحرب إلى جانب قوات كييف، "في إطار عمل إنساني"، على حد تعبيره.


وتتقاطع هذه المعطيات مع بيان صادر عن "تنظيم الدولة" رحب من خلاله بـ"الحرب الصليبية" بين روسيا وأوكرانيا، التي ستكون بمثابة "عقاب" للغرب، معتبرا الجنود الشيشانيين الذين يقاتلون إلى جانب موسكو "مرتدين".


"الدول العربية غير معنية"


ورأى الدكتور في العلوم الجيوسياسية، فريديريك أونسال، أن تواجد مقاتلين عرب في الحرب بين روسيا وأوكرانيا من الصعب أن يصدّر هذا الصراع إلى بلدانهم على المدى الطويل.


وقال في حديث مع "عربي21": "لا أعتقد ذلك باعتبار أن الدول العربية ليست معنية بشكل مباشر في الحرب بين روسيا وأوكرانيا".


واستدرك الأكاديمي الفرنسي قائلا: "في المقابل، الأمر المثير للاهتمام أنه من الممكن أن يوافق بعض المرتزقة القادمين من الدول العربية مثل حزب الله اللبناني أو بعض المقاتلين السوريين على المشاركة في الحرب إلى جانب روسيا".


وأضاف أونسال: "هذا الأمر سيسمح لروسيا بترهيب الشعب الأوكراني، الذي يتخوف من هؤلاء المقاتلين، وكذلك من الجنود الروس".


وتابع: "من جهة أخرى، هذا الدعم العسكري لروسيا في أوكرانيا من الممكن أن يتيح لفلاديمير بوتين تقوية حلفائه لاحقا في بعض الدول العربية مثل سوريا وليبيا ولبنان، لكن هذا الأمر يبقى نسبيا باعتبار أن عدد المقاتلين الموالين لموسكو يُعتبر محدودا حاليا".


وعن بيان "تنظيم الدولة" بخصوص الحرب في أوكرانيا، قلل الخبير الفرنسي من شأن ذلك قائلا إن "داعش منيت بهزيمة كبيرة، كي لا نقول إنه تم القضاء على التنظيم، باعتبار أنه قائم على أيديولوجيا والأيديولوجيا لم تمت".


وتابع: "تنظيم الدولة أصبح ضعيفا اليوم والبيان الصادر عنه لا قيمة له باعتبار أن أي شخص في العالم بإمكانه أن ينشر ذلك البيان دون أن يكون له تأثير"، موضحا أن "البيان لا يمكنه أن يتحول إلى قوة حقيقية".

 

"لا تأثير"


وذكر مصدر ميداني من كييف لـ"عربي21"، طلب عدم ذكر اسمه، أن غالبية المقاتلين الأجانب في الحرب، سواء كانوا الداعمين لروسيا أو المنضمين للفيلق الدولي الذي أسسته أوكرانيا، هم في الأساس عناصر عسكرية سابقة، أو على الأقل تلقوا تدريبات عسكرية في السابق.


وعن المقاتلين العرب، أكد نفس المصدر أن روسيا استغلت علاقاتها في سوريا وليبيا بالأساس من خلال حلفائها هناك من أجل توفير متطوعين في صفوف قواتها، في ظل الخسائر التي مُني بها الجيش الروسي في أوكرانيا، مقللا في الوقت ذاته من أهمية عدد المقاتلين الداعمين لأوكرانيا.

 

اقرأ أيضا: كم يتقاضى المقاتلون السوريون في روسيا؟

وقال: "بالنسبة للمقاتلين العرب الداعمين لأوكرانيا، فإن عددهم قليل، بعضهم في الفيلق الدولي، لكن غالبيتهم من المقيمين في أوكرانيا منذ سنوات، واختاروا الانخراط في الحرب مثلهم مثل المدنيين الأوكرانيين".


واستبعد المصدر ذاته أن يكون لتواجد المقاتلين العرب في أوكرانيا أي تأثير ملموس على مستقبل الصراعات في المنطقة العربية، قائلا: "أغلب المقاتلين الأجانب والعرب الذين التحقوا حديثا بالحرب الروسية الأوكرانية تدربوا سابقا على استعمال السلاح، فغالبا سيتم إعادتهم إلى الدول التي قدموا منها بعد نهاية الحرب، أما بالنسبة للمقاتلين المقيمين بأوكرانيا فالأمر متروك للسلطات هنا، لا أحد يدري كيف سيتم التعامل معهم لاحقا".

التعليقات (0)