صحافة دولية

فورين بوليسي: هل أساء الناتو وأمريكا إدارة أزمة أوكرانيا؟

قال وولت إنه "ليس من السهل فهم الطريقة التي ترد فيها الولايات المتحدة وأوروبا على العدوان الروسي"- جيتي
قال وولت إنه "ليس من السهل فهم الطريقة التي ترد فيها الولايات المتحدة وأوروبا على العدوان الروسي"- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا لأستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد ستيفن وولت، تساءل فيه عن أسلوب تعامل حلف شمال الأطلسي "الناتو"، والولايات المتحدة، مع الأزمة الأوكرانية، وغزو روسيا لكييف.

 

وبحسب وولت، فإنه "ليس من السهل فهم الطريقة التي ترد فيها الولايات المتحدة وأوروبا على العدوان الروسي".

 

وانتقد وولت التعليقات والمقالات في الغرب، التي تمحورت حول رؤية تتعامل مع الوضع الأوكراني من خلال منظور أبيض- أسود، طبعا مع وجود استثناءات. "فهناك إجماع تقريبا على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو أصل المشكلة، وأن تظلمات روسيا لا قاعدة شرعية لها أيا كانت، وأن الحل المنطقي هو رفض الغرب تقديم أي تنازلات، وبدلا من ذلك الوقوف أمام موسكو وحشد المزيد من القوات في أوروبا، وليس أوكرانيا، وفرض عقوبات اقتصادية صارمة حالة مضي روسيا بالغزو".

 

 وعبر الكاتب عن دهشته من العزيمة التي قدمتها الولايات المتحدة والناتو من جهة، والموقف الدبلوماسي الذي تبناه التحالف، فقد كان الرئيس الأمريكي جو بايدن واضحا في أن أمريكا لن ترسل قوات إلى أوكرانيا، ولم يعبر أي بلد أوروبي عن التزام مماثل. بل وأرسلت الولايات المتحدة رسالة عكسية من خلال سحب المسؤولين العسكريين الأمريكيين، ونقلت دبلوماسييها إلى مكان آخر.

 

وبعيدا عن بعض الرؤوس القاسية، فلا أحد في مؤسسة صناعة القرار الأمريكية يريد خوض حرب حقيقية من أجل أوكرانيا، وهو اعتراف تكتيكي، بأن أوكرانيا لا تمثل، في الحقيقة، مصلحة قومية أمريكية حيوية، بحسب "فورين بوليسي".

 

وبالمقارنة، عبرت روسيا عن استعدادها لاستخدام القوة حتى تحقق أهدافها الجوهرية -وهو ما تم بالفعل- والتي تقوم على منع أوكرانيا من الانضمام للناتو، وليس الآن، ولكن في المستقبل المنظور.

 

اقرأ أيضا: بايدن: عقوبات مدمّرة لموسكو.. وعلى بوتين تحمل النتيجة

وعبرت عن استعدادها هذا عام 2014، لكن بايدن يرى أن الروس يريدون شن حرب بالاختيار الآن. وكما في 2014 فتحريك القوات الروسية نحو إقليم دونباس أمر غير قانوني ولا أخلاقي، ولا يمكن الدفاع عنه من وجهة النظر الغربية، لكنه تم على أي حال.

 

ورغم هذه الفجوة الهائلة في القدرات والتصميم، فلم تتزحزح الولايات المتحدة، وبالتالي الناتو قيد أنملة في القضية المركزية التي تقسم الطرفين؛ فالموضوع هو اصطفاف أوكرانيا الجيوسياسي.

 

وتابع: "إذا لم يفتني أي شيء، فالناتو لا يزال مصمما على أن أوكرانيا لها الحق بالانضمام إلى التحالف عندما تتوفر شروط العضوية. مع أن أحدا لا يتوقع انضمام أوكرانيا في وقت قريب. وهي نقطة يحاول الغرب تكرارها مع موسكو، على أمل التقليل من مخاوفها. لكن الناتو لم يرض التنازل عن هذه الفكرة المجردة". 


وأضاف: "هذا كل ما في الأمر، وبالمناسبة، فسياسة "الباب المفتوح" التي تبناها الناتو قبل عدة سنوات ليست قانونا كونيا. وناقش الكاتب قبل فترة أن تردد الناتو سحب إعلانه عام 2008 أن أوكرانيا وجورجيا يمكنهما الانضمام إلى التحالف مرتبط بالرغبة المفهومة، وهو عدم تقديم تنازلات لموسكو عبر فوهة البندقية. و"لكنني لا أفهم الطريقة التي يفكر فيها الغرب لحل الأزمة دون منح روسيا بعضا من الأمور التي تريدها في الموضوع الجوهري. وهناك سبب قليل يدعو للاعتقاد بقبول بوتين ببعض التنازلات الثانوية في مجال الرادارات الدفاعية أو نشر الأسلحة الأخرى. وعندما يكون لدى منافسيك تفوق عسكري محلي، ويهتمون بالنتيجة أكثر منك، فحل النزاع يحتاج منك بعض التكيف، وهذه مسألة لا تتعلق بالصواب أو الخطأ، ولكن بالنفوذ". 


ونقلت "فورين بوليسي"، عن الباحث في الشؤون الدولية ماثيو وولدام، قوله في عام 2014 إن "التعاطف الإستراتيجي" لا علاقة له بالموافقة مع موقف عدوك، بل عن فهمه حتى تكون قادرا على تشكيل رد مناسب عليه. ومهما كان موقفك من توسعة عضوية الناتو، فإن القادة الروس عبروا عن قلقهم منذ البداية، واشتكوا منه أكثر من مرة. وزادت معارضة روسيا مع استعادتها قوتها وزحف الناتو شرقا. 

 

وبحسب الكاتب، فإنه ومنذ نهاية الحرب الباردة، أقنع قادة الولايات المتحدة أنفسهم أنهم قادرون على خلق نظام ليبرالي عالمي، وتحفيز الصين لكي لتصبح شريكا مسؤولا، بشكل يدفعها لتبني القيم الغربية.

 

بالإضافة لتحويل كل من العراق وأفغانستان ودول أخرى لديمقراطيات ليبرالية، وتخليص العالم من الشر، ودفع كل من كوريا الشمالية وإيران للتخلي عن برامجهما النووية، وتوسيع الناتو لأكبر مدى ممكن، دون أي رد عدواني من روسيا أو التقريب بين موسكو وبكين.

 

وتابع: "كل هذا لا يعني أن الولايات المتحدة أصبحت عملاقا عاجزا ومثيرا للحزن وليست قادرة على مواصلة سياسات تحقق لها الازدهار والاستقرار. فالولايات المتحدة لا تزال أعظم قوة في العالم، رغم ما تسببته لنفسها من نكبات وما تعانيه من انقسامات عنيدة في داخلها، لكن هناك محدودية لما يمكن أن تنجزه، ويحتاج النجاح لتحديد الأولويات، والبحث عن أهداف يمكن تحقيقها".

 

وهناك ملمح يثير الخوف في هذه الأزمة، وهو قيادة الولايات المتحدة عملية الرد، في ضوء عدم قدرة حلفائها في الناتو على التعامل معها بأنفسهم.

 

وهناك كم كبير من البيروقراطية وذاكرة استعراض العضلات، فتقوية وتطمين أوروبا من التهديدات النابعة من الغرب هي راية ترفعها واشنطن دائما، بحسب "فورين بوليسي".

التعليقات (0)