اقتصاد عربي

كيف يواجه الاقتصاد المصري استمرار جائحة كورونا محليا وعالميا؟

توقع الخبير الاقتصادي المصري الدكتور أحمد ذكرالله أن يحقق الاقتصاد المصري خسائر قادمة أكبر من بعض الدول المشابهة لها- جيتي
توقع الخبير الاقتصادي المصري الدكتور أحمد ذكرالله أن يحقق الاقتصاد المصري خسائر قادمة أكبر من بعض الدول المشابهة لها- جيتي

في ظل استمرار جائحة "كورونا" محليا وعالميا، قدم خبراء اقتصاديون مصريون مجموعة من الحلول الفنية لكيفية مواجهة الاقتصاد المصري والعملة المحلية للأزمة وامتدادها.

تلك الحلول تأتي في ظل ما أكده الخبراء، الذين تحدثوا لـ"عربي21"، عن تأثر الاقتصاد المصري نتيجة لتراجع حركة التجارة العالمية، وبالتالى حركة المرور بقناة السويس وانخفاض عائداتها بالتأكيد.

هذا إلى جانب تراجع معدل تحويلات المصريين بالخارج لتوقف أعمال أغلبهم بالخليج العربي وغيره، وتراجع عائدات مصر من السياحة والنقل والطيران بتوقف تلك القطاعات، وتراجع تدفق الاستثمارات الأجنبية.

"روشتة التدخل السريع"

وفي رؤيته توقع الخبير الاقتصادي المصري الدكتور أحمد ذكرالله أن يحقق الاقتصاد المصري خسائر قادمة أكبر من بعض الدول المشابهة لها.

وأكد الأكاديمي المصري، بحديثه لـ"عربي21"، أن هناك دول بنفس وضع مصر "انتقلت من الحالة الريعية للاقتصاد للحالة الإنتاجية بصورة أو بأخرى، ودعمت الأسواق التصديرية لديها واخترقت الأسواق التنافسية العالمية، وبالتالي تأثرها بالظرف الراهن أقل قليلا".

وأضاف: "لكن اقتصاد مصر مازال يعتمد على مصادر دخل ريعية بالأساس حافظت على قيمة الجنيه للآن، ومنها تحويلات المصريين بالخارج (26 مليار دولار بـ2019)، وإيرادات قناة السويس (5.6 مليار دولار)، والسياحة (13 مليار دولار)".

ولفت ذكرالله إلى أن جملة هذه المصادر إضافة للاستثمار الأجنبي بقطاع الاستخراج والتنقيب عن الغاز شكلت معظم النمو بالناتج المحلي الإجمالي، "وكلها مصادر ريعية تتوقف على الأحوال الخارجية وليس الداخلية".

وبين أن "الأزمة التي تمر بها منطقة الخليج بالكامل وهي المستوعب الأكبر للعمالة المصرية بالخارج، وكذلك الأزمة العالمية وخاصة بشركات النفط؛ لاشك ستؤثر على المرور بقناة السويس".

وخلص إلى القول بأن اقتصاد مصر "مقبل على أزمة كبيرة بمصادره الريعية، تتوقف على قدرة الحكومة على مواجهة كورونا"، مضيفا "وحتى الآن لم نر إجراءات جادة، وأكثر من حادثة تكشف تقاعس الدولة بالكشف الطبي وإجراء التحاليل لمن هم بالقطاع الطبي، ومجمل الإجراءات ليست على المستوى المطلوب".

ويعتقد استشارى التدريب ودراسات الجدوى أن "الأزمة التي تصيب الاقتصاد المصري ضمن العالمي متعلقة بالعرض والطلب معا، رغم أن الأزمات دائما ما تكون في الطلب، ويكون الحل بضخ أموال بالأسواق كما فعلت أمريكا وأوروبا في ركود 2008 ما ساهم بحلحلة الأزمة بـ4 سنوات".

واستدرك بقوله: "لأول مرة تكون الأزمة مزدوجة بوجود مشكلة بسلاسل الإمداد والتوريد العالمي قد تمتد للإنتاج العالمي، ومن ثم أزمة موازية بجانب الطلب"، مشيرا إلى أنها "في مصر على هذا الشكل".

وفي رؤيته للحل أوصى أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة في جامعة الأزهر، بدراسة القرارات الحكومية جيدا، منتقدا إصدار البنك المركزي قرارا حول نسب السحب والإيداع من البنوك ثم تغييره بعد ساعات، ما يعني أنه لم يُدرس جيدا.

وأشار لعدم دراسة قرار الحكومة قبل أيام بوقف تصدير البقوليات والذي تسبب بخفض سعر طن الفول والعدس بـ1000 جنيه، كما حرم مصر من 250 مليون دولار عوائد تصدير الفاصوليا البالغة90 بالمئة من الإنتاج المحلي، موضحا أنه "كان يجب دراسة وضع كل سلعة منفردة عبر لجان مختصة".

ودعا الأكاديمي المصري للتدخل السريع "لإنقاذ الفئات الإنتاجية كالفلاحين الذين انخفضت أسعار منتجاتهم وسيتحملون خسائر كبيرة بسب حظر التجول وصعوبة النقل وأسعاره المرتفعة بسبب تأخر الدولة في قرار خفض أسعار البنزين على الرغم من انخفاضه عالميا بصورة انهيارية لشهر كامل".

وقال: "لابد من حزمة إجراءات لدعم صغار المنتجين مع قرارات البنك المركزي، ورغم أنها حزم سابقة  ليس لها علاقة بكورونا وتم تعديل بعض بنودها فإنها لم تلمس القطاع الزراعي إلا ببند بسيط بمد وقف ضريبة الأطيان الزراعية 3 سنوات".

وطالب ذكرالله، الدولة بعمل "تخفيض معتبر بأسعار الطاقة ما يصب بجانب إصلاح القدرة الشرائية للمصريين، ودعم الطلب المحلي خاصة وأن السوق المحلية تحتاج ما ينتجه الفلاح الآن"، مضيفا: "وبالتالي يجب دعم الفلاح المستهلك بخفض أسعار الطاقة وبالتالي أسعار النقل".

وأشار إلى أن "إعلان الدولة دعم الطبقات الفقيرة والمهمشة بـ500 جنيه كدفعة واحدة استثنائية للقوة العاملة اليومية المقدرة بـ300 ألف حسب وزير القوى العاملة غير كاف، ويجب رفعه للحد الأدنى من الأجور ألفي جنيها أو 3 آلاف".

ولفت الخبير المصري إلى ما قدمه البنك المركزي من مبادرات لدعم القطاع الصناعي والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والقطاع السياحي، مطالبا الدولة "بدعم صغار المدينين والمتعثرين من المشروعات متناهية الصغير والشركات المتوسطة والصغيرة بتقديم حوافز لهم كإعفائهم من فوائد الديون لمدة ستة أشهر وتقسيط هذه القيم حتى تنتهي أزمة كورونا".

وختم بالقول إن "الدولة تحتاج حزمة كاملة من الإجراءات بما يتعلق بالعرض وذلك بدعم المنتج وفيما يتعلق بالطلب وذلك بدعم المستهلك"، معتبرا أن "ما تم إصداره بنسبة 95 بالمئة لصالح المنتج وليس المستهلك، ويجب ألا تستخدم الدولة السياسيات الاقتصادية لصالح أحد الأطراف".
"حلول غير كافية"

وحول وصفته الاقتصادية لكي لا يتأثر اقتصاد مصر بشكل كبير من جائحة كورونا، أكد الأكاديمي المصري بجامعة القاهرة الدكتور جمال صيام، أن هناك الكثير من الإجراءات التي يجب على الدولة المصرية اتخاذها اقتصاديا في ظل جائحة كورونا.

وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح أن هذه الإجراءت "مرتبطة بما تتخذه الدولة من إجراءات وقرارات لمواجهة الوباء، وتتوقف على مداه الزمني".

ولفت إلى أن الحكومة "اتخذت إجراءات ورصدت 100 مليار ولكنها غير كافية".

"الإنتاج والاعتماد على الذات"

من جانبه أكد الخبير الاقتصادي زهدي الشامي، أن التداعيات الاقتصادية السلبية لوباء كورونا واسعة وأخطرها هو انعكاسها على مجال الغذاء من حيث توفره وتكلفته.

وأشار عبر صفحته بـ"فيسبوك"  إلى تحذير منظمات الأغذية والزراعة "فاو"، والصحة العالمية، والتجارة الدولية، من "الغموض حول توفر الغذاء" مع اضطراب حركة التجارة الدولية.

وقال إن "مصر من أول الدول المعنية بالتحذير، لاعتمادها بتلبية احتياجاتها الغذائية على الاستيراد"، مشيرا إلى أن النظام لم يهتم بالقطاعات الإنتاجية من زراعة وصناعة وصحة وتعليم، بقدر الاهتمام بالطرق والكباري والمنتجعات والقصور، وغاب الاهتمام بتحقيق الاكتفاء الذاتى بإنتاج الغذاء.

وأشار إلى أن خطورة الأمر بظل الجائحة قد ينجم عنه عجز وارتفاعات بالأسعار يستنزف العملة الصعبة، ويثقل كاهل الموازنة والمواطنين، مطالبا بوضع نهاية لذلك الوضع والتحول نحو سياسة قوامها الإنتاج والإعتماد على الذات.

 

اقرأ أيضا: مصر تتوقع تراجع معدلات النمو إلى هذا الحد بسبب كورونا

التعليقات (0)