هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ارتفعت الأصوات المطالبة بفرض حظر تجول في مصر أسوة بالعديد من دول
العام ودول الجوار؛ بهدف كبح جماح فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) في أكبر بلد
عربي (100 مليون نسمة) مكتظون في الدلتا وشريط النيل الضيق بمساحة لا تتجاوز 7
بالمئة من المساحة الإجمالية للبلاد.
وتفرض بعض دول العالم حظرا جزئيا أو كليا وفق تقديراتها للمخاطر
المحدقة بها، ومن بين تلك الدول تونس، حيث أعلن الرئيس التونسي حظر التجول من
السادسة مساء وحتى السادسة صباحا في جميع أنحاء البلاد، وكلفت الجيش بتسيير دوريات
في الشوارع لضمان تطبيقه.
وينتقد مصريون طريقة الحكومة في التعامل مع الأزمة، والتأخر في
اتخاذ القرارات كاستمرار فتح الأجواء أمام السياحة وحركة الطيران، واستمرار عمل
المدارس والجامعات حتى قبل أيام قليلة ماضية بعد تزايد المطالب الشعبية بضرورة
تعليق الدراسة وغلق الأجواء وتذعن لها.
اقرأ أيضا: السلطات المصرية تفرج عن 15 معتقلا.. ومعارضون يرحبون
وانقسمت الآراء في مصر بين مؤيد ومعارض لفرض حظر التجول في بلد
يعاني من ارتفاع نسبة الفقر 32 بالمئة، وفق البيانات الرسمية، والبطالة المقننة،
وتدني الدخل لأغلب المواطنين حيث يصل الحد الأدنى للأجور إلى ألفي جنيه فقط (125
دولارا).
وتداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورا لما قيل إنها
انتشار لقوات الجيش، إلا أن المتحدث العسكري المصري، نفى صحة ما يتم تداوله على
بعض تلك المواقع بشأن بدء القوات المسلحة في الانتشار بمحافظات الجمهورية لتنفيذ
حظر التجوال كأحد الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا.
إلا أن الحكومة المصرية لجأت إلى الحظر الجزئي بالتوسع في إصدار
قرارات الإغلاق، حيث قررت غلق المطاعم والمقاهي والكافيتريات والكافيهات
والكازينوهات والملاهي والنوادي الليلية والمراكز التجارية من 7 مساء إلى 6 صباحا
حتى 31 آذار/ مارس الجاري.
وأضافت في بيان، أن القرار لا يسري على المخابز ومحال البقالة
والصيدليات والسوبر ماركت سواء المتواجدة بالمراكز التجارية وخارجها.
وتضع وزارة الصحة أكثر من 300 أسرة مصرية في إحدى القرى التابعة
لمركز بلقاس بمحافظة الدقهلية (شمال مصر) بعد وفاة شخصين حتى الآن بسبب فيروس كورونا، تحت الحجر الصحي، لحين ظهور نتائج التحاليل
الخاصة بهم.
مخاوف ومحاذير
أعرب عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب السابق، أسامة
سليمان، عن مخاوفه من فرض حظر تجول وتخلي الحكومة عن واجبها تجاه الفقراء، قائلا:
"هناك نسبة كبيرة من الفقراء ومحدودي الدخل في مصر، ويعيشون على حد الكفاف،
مع الأخذ في الاعتبار ارتفاع كثافة السكان في مساحة لا تزيد عن 8 بالمئة من
مساحتها".
ولكنه أكد في تصريح لـ"عربي21" ضرورة فرض الحظر وفق
مقتضيات الحالة، وتقييم المخاطر ما بين جزئي أو كلي، وسواء في أماكن بعينها أم
جميع الجمهورية، لكن تكلفة هذا القرار باهظة على كل المستويات في ظل ارتفاع نسبة
الفقراء إلى 32 بالمئة رسميا أي نحو 32 مليون فقير، إضافة إلى غياب الثقة بين
الحكومة والمواطنين".
اقرأ أيضا: تباين أداء البورصات العربية.. مصر تتصدر الخسارة
وأشار إلى أن "الكثير من دول العام أخذت إجراءات حاسمة لدعم
الفقراء والموظفين، وقد يستغرق الأمر ثلاثة شهور على الأقل، حتى بداية الصيف، هل
الحكومة قادرة على توفير هذه المساعدات، أشك في ذلك، أخشى ما أخشاه تحول مصر إلى
بؤرة رئيسية نتيجة عدم التعامل بجدية مع الوباء وارتفاع الكثافة وتدني مستوى
الرعاية الصحية".
الحظر والدعم
وصف المحلل السياسي والاقتصادي، محمد السيد، إجراءات الحكومة
المصرية منذ البداية بالمتأخرة دائما، وتأتي كرد فعل، قائلا: "تعاملت الحكومة
مع الفيروس بغباء وأنكرت في بداية الأمر إلى أن انكشف المستور عبر الأفواج
السياحية التي عادت إلى بلادها حاملة المرض، كما ساهم الإعلام في تضليل الشعب وهو
ما أرادته الأجهزة الأمنية".
وأضاف لـ"عربي21": "لكن الوضع خطير ويحتاج إلى
قارات أكثر جرأة؛ فالحظر يجب أن يطبق لأن الكثافة السكانية عالية جدا مع افتقاد
ثقافة التعاطي مع مثل هذه الحالات والنقص الشديد في المستلزمات الطبية الوقائية،
واستغلال أصحاب النفوس المريضة الوضع الحالي، ورفع أسعار الكمامات ومواد النظافة
بشكل لايتناسب مع دخل الملايين من أبناء الشعب ".
لكنه استدرك بالقول: "لكن مع ضرورة توفير الحد الأدنى للأسر
الفقيرة من مواد غذائية وهذا دور الدولة كما يحدث الآن في كافة دول العالم، فالحظر
سيقلل من انتشار الفيروس بين الناس على الأقل في ظل عدم وجود مستلزمات طبية وسيرفع
العبء عن المستشفيات غير المؤهلة أصلا لمثل هذه الكوارث، وقبل كل هذا مصارحة الشعب
بالوضع إذا كانت هذه الحكومة تبغي المرور من هذه الأزمة بأقل الخسائر، أما إذا
استمر الوضع كما هو عليه من تعتيم وتضليل، فاسأل الله السلامة".