اقتصاد عربي

صناعات مصرية في أزمة بسبب الغاز.. ما علاقة إسرائيل؟

خبراء: المواطنون هم من يدفعون فرق الأسعار في الغاز- جيتي
خبراء: المواطنون هم من يدفعون فرق الأسعار في الغاز- جيتي

رغم تحول مصر إلى دولة مصدرة للغاز الطبيعي، اشتكى أصحاب الصناعات الثقيلة التي تعتمد على الغاز من ارتفاع سعره البالغ 5.5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية مقارنة بالأسعار العالمية نحو 3.5 دولارات فقط، معتبرين أن تلك الأسعار تهدد الصناعات المحلية.

وتجاوز إنتاج مصر من الغاز الـ7 مليارات قدم مكعبة يوميا، بينما تجاوزت الصادرات المليار قدم مكعبة يومياً، وزادت بحوالي (450%) خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2019 مقارنة بالعام السابق، وفق تقارير رسمية.

وكشف رئيس المجلس التصديرى للصناعات الكيماوية في مصر عن قيام دول بإلغاء طلبيات تصدير كالأسمدة بسبب ارتفاع أسعارها لأنها تعتمد بصورة كبيرة في المادة الخام على الغاز، ونظرا لارتفاع أسعاره في مصر فقد أدى ذلك إلى عدم قدرة الشركات في مصر على المنافسة.

وطالب، في تصريحات صحفية، الحكومة المصرية بضرورة مراجعة أسعار الغاز والبالغ حاليا 5.5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية لتصل إلى السعر العالمي المطبق في كل دول العالم، وعدم تخطيه حاجز الـ 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية.

 

اقرأ أيضا: أزمات الغاز تلاحق مصر.. أسعار منخفضة وغرامة عالية

ما علاقة إسرائيل؟

مطلع العام الجاري، بدأت مصر في استقبال الغاز الإسرائيلي، بواقع 200 مليون قدم مكعب غاز يوميًا، وبموجب اتفاق تجاري تبلغ قيمته 19.5 مليار دولار من حقول إسرائيلية على مدى 15 عاما، لنقل 85 مليار متر مكعب من الغاز.

وشكل تراجع أسعار الغاز عالميا صدمة لسوق الغاز المصري، ما دفع الحكومة المصرية إلى خفض كمية الغاز المسال الذي تبيعه عبر العقود قصيرة الأجل، وتتفاوض من أجل إبرام عقود طويلة الأجل لبيعه بسعر 5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية.

يحتسب مؤشر "جيه كيه إم" الاقتصادي، العقود الآجلة في سعر الغاز المسال عند 4.41 دولارات و 3.49 دولارات وفق توقعات "بلاتس أناليتكس" لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهذا السعر أقل بكثير من السعر الذي تستهدفه مصر.

وأرجع خبراء ومحللون تمسك الحكومة المصرية بسعر 5.5 دولارات لكل مليون وحدة إلى استيرادها الغاز الإسرائيلي بمثل هذا السعر وأعلى وفق تقديرات حسابية، وبالتالي المواطنون هم من يدفعون فرق الأسعار في الغاز.

 

"الصناعات المحلية في خطر"

وحذر أستاذ الاقتصاد، مصطفى شاهين من مغبة هذا الوضع، قائلا: "في حال أصبح سعر الغاز المحلي أعلى من سعر الغاز في الأسواق الخارجية، فهذا يعد كارثة على الصناعات الوطنية؛ لأنه يدخل ضمن تكلفة الإنتاج، والتي من شأنها أن تقلل تكلفة المنتج؛ وبالتالي يكون قادر على المنافسة عالميا".

وأوضح لـ"عربي21": "هناك الكثير من الصناعات التي تعتمد على الطاقة الكثيفة، وتمثل ما بين 25% إلى 50% من تكلفة الإنتاج، لدينا الأسمدة والزجاج، بالإضافة إلى الصناعات الأخرى الثقيلة كالحديد والأسمنت التي تعتمد على أفران ضخمة عالية الاستهلاك للغاز".

ولم يستبعد شاهين دور الغاز الإسرائيلي في "ارتفاع أسعار الغاز المحلي، وفق حديث رئيس المجلس التصديري بمصر؛ لأن مصر لجأت بالفعل إلى خفض كمية الغاز المسال الذي تبيعه من خلال عقود قصيرة الأجل؛ لأنها أقل من السعر الذي تستهدفه، وربما له علاقة بالسعر المرتفع الذي تشتريه من إسرائيل".

 

اقرأ أيضا: "حصار القلاع".. هل ينهار قطاع الصناعة في مصر؟ (ملف)

"غياب الشفافية"

وفي معرض تعليقه، قال عضو لجنة الصناعة والقوى العاملة، بمجلس الشورى السابق طارق مرسي لـ "عربي21": "يبدو أن القرارات الاقتصادية في مصر تعاني شأنها شأن الواقع المصري الذي يديره العسكر، كما أن غياب الشفافية في ملف الغاز يظهر الصورة كما لو كانت هناك إرادة مقصودة في تأزيم الواقع بهذة السياسة التسعيرية المجحفة".

وأوضح: "أقصد بعدم الشفافية عدم إعلان أسعار تكلفة الغاز واتفاقيات الاستيراد من الكيان الصهيوني (إسرائيل)، كل ذلك يجعلنا أمام لوغاريتمات مظلمة وليس أمام قرارات اقتصادية عاقلة وموزونة"، مشيرا إلى أنه "لا شك أن تجاهل الدولة للأسعار العالمية يمثل قتلا للمنتج المحلي، ومزيدا من تأزيم الاقتصاد المصري بإخراج المنتجات المصرية المحدودة أصلا من سوق المنافسة في التصدير".

ورأى أن "حالات إلغاء التعاقدات على الأسمدة بدأتها دولة البرازيل بالفعل، وأصحاب المصانع لصناعات متعددة يعانون من هذه السياسات، ولابد من مراجعة أعداد المصانع التي أغلقت والتي على وشك، بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج في مقابل سعر البيع سوقيا داخلياً أو خارجياً".

وتساءل مرسي: "العقل يقول إن تخفيض سعر الغاز بالذات مطلوب لأسباب اجتماعية واقتصادية وأيضاً بيئية، كما أن تحفيز الصناعة أجدى من تصدير غاز خام، فالصناعة لها تأثيرها الإنساني والاجتماعي في الاقتصاد من الناحية وفي توفير فرص عمل وحد من البطالة من جانب أهم، أما ما نراه في الواقع المصري فيستعصي على الفهم ولا يمكن هضمه."

التعليقات (0)