اقتصاد عربي

هل يتحمل الاقتصاد المصري صفقات التسليح الإيطالية الجديدة؟

تشمل الصفقة شراء فرقاطتين حربيتين من نوع "FREMM Bergamini" متعددة الأغراض بتكلفة تقدر بنحو 1.2 مليار يورو
تشمل الصفقة شراء فرقاطتين حربيتين من نوع "FREMM Bergamini" متعددة الأغراض بتكلفة تقدر بنحو 1.2 مليار يورو

حذر اقتصاديون ومختصون بالأمن القومي المصري من عدم قدرة الاقتصاد المصري على تحمل تكلفة صفقة التسليح البحري والجوي، التي يعتزم نظام الانقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي إبرامها مع الحكومة الإيطالية بقيمة تتجاوز 9 مليارات يورو، وفقا لما كشفته صحيفتا "Il Sole 24 Ore" الإيطالية و"La Tribune" الفرنسية.

وتشمل الصفقة، التي كشفت الصحيفة الإيطالية عن كل تفاصيلها، شراء فرقاطتين حربيتين من نوع "FREMM Bergamini" متعددة الأغراض بتكلفة تقدر بنحو 1.2 مليار يورو، بالإضافة للاتفاق على شراء 4 فرقاطات أخريات، و20 لنشا مسلحا من فئة "Falaj II".

وذكرت الصحيفة أن مصر في انتظار موافقة إيطاليا بشأن الفرقاطتين ليعلن عنهما السيسي رسميا في ذكرى تحرير سيناء يوم 25 نيسان/ أبريل 2020.

ووفقا لما كشفته الصحيفة ذاتها، فإن مصر تجري مفاوضات مع إيطاليا لشراء 24 مقاتلة من طراز "يوروفايتر تايفون"، بالإضافة إلى قمر صناعي للاستطلاع والتصوير الراداري، وطائرات تدريب متقدمة، بالإضافة إلى مروحيات من طراز "AW149"، بقيمة إجمالية لكل الصفقات تصل إلى 9 مليارات يورو.

من جانبه، كشف خبير الاقتصاد المصري، محمود وهبة، أن السبب وراء الصفقة الجديدة مع إيطاليا هو رفض الحكومة الفرنسية استكمال الصفقة التي سبق للنظام المصري إبرامها معها لشراء طائرات "رافال" إضافية، بقيمة 2.5 مليار دولار، لتشكك الحكومة الفرنسية في قدرة مصر على سداد قرض التمويل المتعلق بإتمام الصفقة.

وتساءل وهبة من خلال صفحته على "فيسبوك" عن مدى استطاعة القوات الجوية المصرية القيام بعمليات التشغيل والدعم الفني المتكاملة لخمسة أنواع مختلفة من الطائرات المقاتلة في وقت واحد وهي: "رافال الفرنسية، وf16 الأمريكية، وتايفون (تصنيع مشترك بين إيطاليا وألمانيا وإسبانيا)، وميج 29 الروسية، وسو 35 الروسية".

"مزيد من القروض"

 

 وفي تعليقه لـ"عربي21"، يؤكد أستاذ التمويل المصري ورئيس قسم الدراسات الاقتصادية بأكاديمية العلاقات الدولية في تركيا، أحمد ذكر الله، أن الوضع الاقتصادي لا يتحمل تكلفة هذه الصفقة، خاصة أنها ستكون في الغالب من خلال قروض إضافية كما تعود النظام المصري في كل صفقات التسليح التي عقدها خلال السنوات الماضية.

وحسب ذكر الله، فإن نظام السيسي يعتبر الحصول على مثل هذه الصفقات إنجازا كبيرا، بينما هي في الواقع تزيد من أزمات مصر الاقتصادية، خاصة مع وصول القروض الخارجية لأرقام فلكية لا يمكن أن يتحملها أي اقتصاد بعيد بشكل كبير عن الإنتاج والتنمية الحقيقية.

ويضيف ذكر الله: "كل الصفقات العسكرية التي أبرمها نظام السيسي مع فرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة والصين لم يوضح طريقة تمويلها، خاصة أن موازنة وزارة الدفاع سرية، ولا تذكر إلا رقما واحدا بالموازنة العامة للدولة، ولكن في النهاية تتكشف الحقائق من خلال الإعلان عن زيادة قيمة القروض الجديدة التي تحصل عليها مصر من هذه الدول، والتي في الغالب يتم الإعلان عنها من خلالهم، وليس من خلال الحكومة المصرية، التي تري أن المصريين ليسوا معنيين بمعرفة قيمة هذه الصفقات، ولكن عليهم فقط أن يتحملوا فاتورة سدادها".

ويشير خبير الاقتصاد المصري لمشكلة أخرى في صفقات التسليح الأخيرة، وهي غياب الشفافية من نظام السيسي، الذي لا يوضح السبب وراء سباق التسليح الذي دخله خلال السنوات الماضية، وهل يرتبط ذلك بعملية استراتيجية لتطوير قدرات الجيش المصري، أم أن الهدف من هذا السباق هو تقديم رشاوى سياسية للدول الغربية، من أجل الحصول على دعمهم في المحافل الدولية.

وينهي ذكر الله حديثه بالقول: "أيا كان السبب، فإن المحصلة النهائية أن مصر أصبحت تقف أمام كتلة ضخمة من القروض والديون، التي لن تستطيع أن تتعامل معها تحت أي ظرف، وهو ما يجعلها فريسة للدول الغربية، التي أصبحت هي المتحكمة في القرار السياسي لمصر".

"تركيا هي الهدف"

ويؤكد النائب السابق لمدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية المصرية، أحمد حسن الشرقاوي، أن سياسة التسليح المصري المبالغ فيها "تعكس وجود نية مبيتة لدى نظام الانقلاب العسكري للقيام بحرب أو حروب في المنطقة، سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر كما يحدث في ليبيا".

ويضيف الشرقاوي لـ"عربي21": "أوروبا مستفيدة من هرولة السيسي نحو التسليح لسببين؛ الأول هو تشغيل مصانع وشركات التسليح الأوروبية التي تمثل عصب الاقتصاد الغربي، والسبب الثاني مرتبط بوجود نوايا خبيثة تريد استغلال القدرات العسكرية المصرية في الوقت المناسب، لخدمة المصالح الأوروبية".

ووفقا للشرقاوي المختص بشؤون الأمن القومي، فإن هناك تَغَيُرا في البوصلة المصرية تجاه خريطة الأعداء بالمنطقة، فبعد أن كانت إسرائيل هي العدو الأول، والتي من أجلها يتم شراء الأسلحة في إطار سياسة معادلة القوة، تغير الوضع، وأصبحت تركيا هي العدو الأول للنظام المصري، وهو ما توافق مع المزاج الأوروبي، الذي يتحين الفرصة للنيل من تركيا ورئيسها".

وحسب الشرقاوي، فإنه ليس مستبعدا أن يكون الهدف وراء إتاحة الفرصة للسيسي للحصول على مزيد من صفقات التسليح، خاصة البحرية، هو استغلاله في الوقت المناسب لمواجهة تركيا بالنيابة عن أوروبا.

اقرأ أيضا: التضخم السنوي في مصر يقفز 4.5 بالمئة خلال 3 أشهر

التعليقات (0)

خبر عاجل